رأى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، في كلمة ألقاها في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر "روما 2"، أنّ "الحكومة اللبنانية تمر في لحظة إستثنائية من التوافق الدولي"، موضحاً أنّ "رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعلن أنّ الإستراتيجية الدفاعية ستناقش بعد الإنتخابات النيابية، وأنا أضم صوتي إلى صوت عون في دعم القوى الدولية لدعم القوى المسلحة اللبنانية، ونحن ملتزمون بدعم القوى المسلحة في الموازنة الجديد".
وجاء في كلمة الحريري التالي: "أشكر ممثلي الـ41 دولة المجتمعين هنا اليوم. إن وجودكم دليل واضح على الأهمية التي تولونها لأمن واستقرار لبنان، وهو أيضاً اعتراف بالدور الذي يلعبه لبنان بالاستقرار في منطقتنا. وهو دليل على الحاجة إلى بناء المؤسسات الأمنية للدولة، التي هي المدافعة الوحيدة عن سيادة لبنان.
إن الحكومة اللبنانية تدرك أنها تتمتع بلحظة استثنائية من الإجماع والدعم الدوليين، ونعتبر أن من مصلحتنا الوطنية الحفاظ على هذا الإجماع الدولي كما هو، ولذلك نحن ملتزمون القيام بدورنا في هذا الإطار.
لقد أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون قبل ثلاثة أيام، أنه ستتم مناقشة استراتيجية الدفاع الوطني في أعقاب الانتخابات التشريعية في أيار المقبل. وأنا أنضم إلى دعوة الرئيس عون للمجتمع الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية، من أجل تمكينها من الاضطلاع بواجبها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وفقا لاستراتيجية الدفاع الوطني. لقد التزمنا بالاستثمار في جيشنا وقواتنا الأمنية في موازنتنا الجديدة. ومعا، وبدعمكم والتزامكم، يمكننا بناء شراكة قوية لحماية مؤسسات الدولة اللبنانية".
وتابع إنّ "أولويّة حكومتي هي خلق حلقة فعّالة من الأمن والاستقرار والنمو والتوظيف للبنان واللبنانيين. ومؤتمر روما 2 هو خطوة أولى نحو تحقيق ذلك، وسيتبعه مؤتمري "CEDRE" وبروكسل. والواقع أن الاستقرار والأمن هما شرطان أساسيان للنمو الاقتصادي والازدهار. في 5 كانون الأول المنصرم، التزمت الحكومة اللبنانية بكل مكوناتها بسياسة النأي بالنفس، وهذا الأمر يشكل اليوم مسؤولية جماعية، وتتم مراقبته عن كثب من قبل جميع مؤسسات الدولة، لضمان تنفيذه من أجل مصلحة لبنان الوطنية في الحفاظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي بشكل عام. وأنا أطلب منكم جميعا إعطاء لبنان الفرصة والوقت لإنجاز ذلك. أغتنم هذه الفرصة لأشكر أصدقاءنا العرب الحاضرين هنا اليوم دعما لمؤسساتنا الأمنية. فاللبنانيون لن ينسوا أبدا كل ما قمتم به، ونحن سعداء بوجودكم هنا اليوم لتجديد التزامكم باستقرار لبنان".
وأضاف إنّ "حكومتي ما تزال ملتزمة بضمان استمرار عمل الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي معاً على المستوى الاستراتيجي، والشروع في برنامج إصلاح رئيسي طال انتظاره في قطاع الأمن. كما أنها ما تزال ملتزمة بقراري مجلس الأمن 1701 و2372 الذين بحد ذاتهما يحثان يحثان المجتمع الدولي على دعم قواتنا المسلحة. نحن سنرسل المزيد من جنود الجيش اللبناني إلى الجنوب، ونؤكد على نيتنا في نشر فوج نموذجي. إنّنا نشكر اليونيفيل وجميع الدول التي لديها قوات تعمل في إطارها، لإرسال رجالها ونسائها للحفاظ على السلام والأمن على حدودنا الجنوبية، الحدود الأكثر هدوءً في الشرق الأوسط. وعلى الراغم من ذلك، تبقى إسرائيل التهديد الرئيسي للبنان، وانتهاكاتها اليومية لسيادتنا يجب أن تتوقف. وفي حين نفكر في طرق للانتقال من حالة وقف الأعمال العدائية إلى حالة وقف دائم لإطلاق النار، تواصل إسرائيل وضع خطط لبناء جدران في المناطق المتنازع عليها طول الخط الأزرق".
وقال الحريري: "نحن هنا لبناء الثقة لأننا ندرك بأن استمرار استتباب الامن في لبنان هو ضمان لاستتباب الأمن في المنطقة، وجميع الجهود يجب أن تصب للحفاظ على السلام والهدوء على حدودنا. لا أستطيع أن اعبر لكم بشكل كاف عن الاهمية التي اعلقها على انخراط المزيد من المراة في القوى الامنية لتامين زيادة تمثيلها في جميع مستويات صنع القرار في المؤسسات وآليات منع الصراعات وإدارتها وحلها، وذلك وفقا لقرار مجلس الأمن 1325 (2000) الذي كان قرارًا نوعيا حول المرأة والسلام والأمن. إن تعزيز مؤسسات الأمن اللبنانية سيعزز سيادة القانون، وهو ما سيعزز بدوره حقوق الإنسان. ومن هذا المنطلق، أود أن أعرب اليوم عن التزام حكومتي باتخاذ خطوات لتفعيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الأشهر المقبلة".
وأردف: "كما نعمل حالياً على إنشاء وحدة متخصصة للأمن الانساني باشراف رئاسة مجلس الوزراء، تركز على رفع الوعي الوطني حول مخاطر حيازة واستخدام الأسلحة النارية من قبل المدنيين. وكخطوة مستقبلية، نخطط لإنشاء لجنة وطنية للأسلحة النارية في لبنان. إن هذا الخطوات تؤكد التزامنا على أكثر من صعيد في "برنامج عمل الأمم المتحدة لمنع ومكافحة وإزالة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في جميع جوانبه. إنّ سياسة حكومتي تهدف الى توحيد استراتيجيات جميع مؤسساتنا الأمنية، بما في ذلك الأمن العام وأمن الدولة والجمارك، لتوافق بذلك شكل مباشر مع الفقرة رقم 16 من أهداف التنمية المستدامة، والتي تسعى إلى تعزيز المجتمعات السلمية والعادلة والشاملة. لقد ازدادت مهام الأمن العام بشكل استثنائي. فقد كان عليه أن يتعامل مع التدفق الهائل لما يزيد عن 1,2 مليون نازح سوري، في الوقت الذي يتحمل فيه عبء مواجهة التحديات الأمنية الرئيسية المرافقة للأزمة، بالتعاون مع الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي".
وختم: "أغتنم هذه الفرصة لأشيد بالشجاعة والبسالة والالتزام التي يتمتع بها الرجال والنساء في القوات العسكرية والأمنية اللبنانية. أولئك الذين يخدمون، أولئك الذين ضحوا بحياتهم وأولئك الذين لا يزالون يخاطرون في مواجهة التهديد الشامل الذي يمثله الإرهاب بكل أشكاله. إنهم يضحون من أجل خوض وربح هذا التحدي المشترك ضد التطرف والتعصب والظلم، من أجل حماية سيادتنا وتنوعنا وازدهارنا وطريقة عيشنا. إنّ الاستقرار لا يُمنح، علينا العمل من أجله كل يوم. ان وقت العمل والتنسيق قد حان. فمعا، نواجه تهديدا عالميا يتطلب ردة فعل عالمية، ولبنان جاهز لذلك".
وكان الحريري التقى لدى وصوله إلى مقر وزارة الخارجية الايطالية نظيره الإيطالي باولو جنتليوني بحضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ومدير مكتبه نادر الحريري وسفيرة لبنان في روما ميرا ضاهر والسفير الإيطالي في لبنان ماسيمو ماروتي إضافةً إلى عدد من المستشارين.