لبنان في دوامة تشي بأنّ الأزمة ستطول.. ومتغيّران خطيران يلوحان بالأفق

لبنان في دوامة تشي بأنّ الأزمة ستطول.. ومتغيّران خطيران يلوحان بالأفق
لبنان في دوامة تشي بأنّ الأزمة ستطول.. ومتغيّران خطيران يلوحان بالأفق

تحت عنوان الحراك .. و"لعبة السياسيين"، كتب نبيل هيثم في "الجمهورية": إذا صحّ أنّ ما قبل 17 تشرين الأول 2019 لن يكون كما بعده، وهو ما تشي به كل المواقف التي أقرّت بأحقية مطالب الناس وغضبهم المتفجّر في الشوارع والساحات، فإنّ ما يجري منذ أن أعلن الرئيس سعد الحريري استقالته، يعكس حقيقة أنّ شركاء الحكم ما زالوا يتعاملون مع المتغيّرات التي حملها الحراك الشعبي وكأن شيئاً لم يحدث.

باستثناء الوعود الكلامية، من رأس الهرم في السلطة إلى أسفله، فإنّ المناكفات السياسية، ضمن إطار اللعبة السياسية المعروفة في البلاد، باتت هي المتحكّم في كل التحرّكات الجارية لاحتواء الأزمة الحالية، سواء في شقّها الاجتماعي، الذي يجعل الشارع الملاذ الأخير للمواطن لتفجير غضبه، أو في شقّها الاقتصادي، المتمثل في شبح الانهيار الذي لا يزال يحوم على امتداد الأراضي اللبنانية، أو في شقّها السياسي الذي عادت معه البلاد إلى النقطة الصفر، أو بمعنى ادق الى ما دون الصفر، منذ التسوية الحكومية السابقة.

بذلك، حوّلت الطبقة السياسية الحراك الشعبي من كونه تعبيراً عن نبض شارع محتقن بتداعيات الفجور السياسي الذي اتسمّ به الأداء العام في لبنان خلال الفترة الماضية، إلى لعبة سياسية، يرفض فيها أيّ طرف الاستماع حقيقةً إلى مطالب الناس، او تقديم تنازلات، ولو شكلية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

رئيس الجمهورية أقرّ بانعدام الثقة بين الشعب والدولة، وحذّر من تحويل الوضع إلى «ساحة ضد ساحة». ولكن هذا الكلام، في ازمة كالتي يعيشها البلد، لم يعد كافياً، خصوصاً أنّه حتى الآن لم يقترن بأيّ فعل بسيط من شأنه أن يرأب الصدع الهائل بين الناس والسلطة، وهو ما تبدّى في ردّ الفعل السريع في ساحات التظاهر، من بيروت إلى المناطق، بعد تظاهرة "أهل الوفاء" على طريق القصر الجمهوري، التي اعتبرتها الساحات الأخرى استفزازية للكثيرين، ومناقضة لقول الرئيس نفسه، في شقّيها المتعلّق بالثقة أولاً، وبتوحيد الساحات حول نبض الناس ثانياً.

وعلى ما يُقال في ساحات الحراك ايضاً، انّه حينما يتعلّق الأمر بعنصر الثقة، فإنّ تحويل تظاهرة بعبدا إلى فرصة لـ"تجديد البيعة" لجبران باسيل، تأتي بمثابة تحدّ للشارع المنتفض، بكل تلاوينه، الذي يراه، كما غيره من سياسيين شركاء في السلطة، من بين المسؤولين الأوائل عن هذه الحال المتأزّمة.

وعلى ما يُقال ايضاً، انّه حينما يتعلّق الأمر بمخاطر تحويل الوضع من "ساحة ضد ساحة"، فمما لا شك فيه أنّ معظم المنتفضين في الشوارع والساحات قد رأوا في التحرّك العوني استفزازاً لمشاعرهم الغاضبة، لا بل أنّ أكثر الناس عقلانية اعتبروه خطوة غير موفقة، هدفها استعراض القوة بدلاً من احتواء الغضب.

ويُضاف إلى ذلك اتهامات صريحة في ساحات الحراك بأنّ التحرّك العوني كان الأكثر تعبيراً، عن سعي أطراف السلطة الحاكمة إلى حرف الحراك الشعبي عن اهدافه وافراغها من صدقيتها، لا بل شيطنته.

لا شك انّ البلد في دوامة خطيرة، تشي بأنّ الأزمة ستطول، وستكون تداعياتها أسوأ بكثير من الأزمة الحكومية السابقة، ولا سيما أنّ ما قد تحويه هذه التداعيات من متغيّرات جديدة تحمل في طيّاتها مخاطر كبيرة، وأهمها اثنان: الوضع الاقتصادي المتدهور، والتوجّه العام إلى استخدام الشارع لأهداف سياسية لا مطلبية.

ومع أنّ هذين المتغيّرين، اي الاقتصاد والشارع، كان من المفترض أن يشكّلا صدمة كبرى للقوى السياسية للتعامل مع الوضع بمنطق مغاير عن المنطق الذي أُديرت من خلاله الحياة السياسية خلال السنوات الماضية، إلّا أنّ الواقع يشي بعكس ذلك. فالنهج ذاته يبدو انه سيستمر، وطموحات المحاصصة السياسية لا تزال على حالها بحسب ما تُظهر خريطة التموضعات الجديدة التي افرزتها مرحلة الحراك الشعبي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى