وإستباقًا لجلسة مجلس الوزراء، التي سيتم فيها تعيين الأعضاء الخمسة المتبقين، وهي ستكون على الأرجح نسخة طبق الأصل عن جلسة مجلس النواب، من حيث التفاهمات السياسية المسبقة على الأسماء، في عملية تحاصصية موصوفة، لا بدّ من وضع النقاط على المهمة الصعبة لعمل المجلس الدستوري، بما تعنيه هذه التسمية من مواصفات، يبدو حتى هذه اللحظة غير متطابقة لما يُفترض أن يكون عليه عمل هذه المؤسسة الدستورية:
أولًا، لم يخطىء النائب اللواء جميل السيد عندما ذكّر بما جرى يوم عيّن الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران روبرت بادينتر رئيسًا للمجلس الدستوري الفرنسي، فرد عليه شاكرًا له ثقته، ولكنه لم يكتف بالشكر، بل زاد، معتذرًا، سلفًا، بأنه سيكون ناكرًا للجميل.
وهذا يعني بالمفهوم المجازي أن القرارات التي سيتخذها مستقبلًا قد لا تعجب الرئيس الفرنسي، وهو كان رجل دولة من الطراز الأول.
هذا الكلام لم يغضب الرئيس ميتران، بل كان من بين الاسباب التي دفعته إلى تعيينه وزيرًا للعدل في مرحلة لاحقة.
ثانيًا، قد يكون الكلام عن الشفافية والتجرّد في عمل المجلس الدستوري المعيّن من قبل القوى السياسية، على رغم كفاءة كل عضو فيه، المنتخبين من قبل مجلس النواب أو الذين سيعينهم مجلس الوزراء في جلسة لاحقة يترأسها رئيس الجمهورية، في غير محله، لأن التدخلات السياسية ستقتحم جدار المجلس في كل مرّة ستعرض عليه قضية حساسة قد تمسّ بمصالح هذه الجهة السياسية أو تلك.
ووفق ما يقوله بعض المراقبين فإن من يعطي هو الذي يأمر(Qui donne ordonne)، وهذا يعني أن كل عضو سيجد نفسه مضطّرًا للعودة إلى مرجعيته السياسية عندما تعرض عليهم مسائل تتطلب قرارات على مستوى عال من المسؤولية.
ولا ينسى أحد تعذّر انعقاد جلسة للمجلس الدستوري للبتّ بالطعن بالتمديد للمجلس النيابي، والذي تقدمت به كتلة "الإصلاح والتغيير" برئاسة العماد ميشال عون، للمرّة الثالثة على التوالي بسبب عدم اكتمال النصاب، نتيجة استمرار غياب العضوين الشيعيين والعضو الدرزي.
وهذا الأمر، وفق ما يراه البعض مرشح للتكرار طالما أن تشكيل المجلس الدستوري يأتي نتيجة محاصصة لا يختلف إثنان على أنها مخالفة لأبسط قواعد الحيادية في إتخاذ القرارات ذات الطابع المصيري.
وفي الإنتظار، لا يزال المشهد نفسه يتكرر في مسرحية ملّ الجمهور من مشاهدتها.