كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
تتركز الأنظار اللبنانية على ثلاثة ملفات بشكل متوازٍ، الأول إمكانية نسج تفاهمات بين نواب الثورة والمستقلين والكتل المعارضة التقليدية أي حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» للتفاهم على انتخابات تشكيل اللجان النيابية بعد غد. والثاني انطلاق المشاورات في الكواليس لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة.
أما الملف الثالث فهو استمرار الاهتمام بالأوضاع في الجنوب في ضوء انتهاء المناورات العسكرية الإسرائيلية الواسعة والاستعداد الإسرائيلي لبدء الحفر في الحقول، التي يعتبرها لبنان منطقة متنازع عليها.
وفيما يجري البحث عن تفاهمات لخوض معركة اللجان النيابية بعد أن أعلن نواب الثورة والتغيير استعدادهم لتولي عدد من رئاسة اللجان وعضوية أخرى، تركز اللقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أمس الأول، على البحث في كيفية تشكيل الحكومة المقبلة، خصوصاً أن المعطيات تفيد بأن ميقاتي لا يزال الأوفر حظاً لتولي المنصب، إلا في حال ظهور «أغلبية» تفرض مرشحاً آخر.
وبينما يريد ميقاتي، الذي لا يزال يحظى بدعم فرنسي قوي، من الحكومة الجديدة أن تكون قادرة على استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وطرح خطة التعافي المالي وغيرها، لا يزال عون يرفع الشروط بوجهه ومن بينها الالتزام بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وإقرار سلّة تعيينات عسكرية وإدارية، وتشكيلات قضائية.
في غضون ذلك، فرض ملف ترسيم الحدود نفسه على هذه الأجندة الداخلية الانتخابية، لا سيما بعد عودة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من زيارة إلى الولايات المتحدة تبلّغ خلالها اصراراً أميركياً على تقديم لبنان جواباً رسمياً على الاقتراح الذي قدمه المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين. الإصرار الأميركي يتزامن مع عبور باخرة التنقيب الأميركية التي استقدمتها إسرائيل قناة السويس وهي تحتاج لأيام لتصل إلى مياه البحر الأبيض المتوسط على مشارف الحدود اللبنانية.
في هذه الأثناء، لبنان يبعث الرسائل اللازمة إلى واشنطن وتل أبيب عبر وسطاء فرنسيين في محاولة لإيقاف إسرائيل عن بدء التنقيب والحفر في منطقة متنازع عليها، لا سيما أن حزب الله رفع من سقف تهديداته بأنه في حال بدأت عمليات الحفر قبل الوصول إلى اتفاق أو بدأت الحفر فيما لبنان غير قادر على القيام بالمثل، فإن الحزب سيلجأ إلى استهداف تلك الباخرة الأميركية أمنياً أو عسكرياً لتعطيل التنقيب الإسرائيلي. هذه المعادلة سترفع منسوب التوتر في الأسبوعين المقبلين، فيما تتواصل الإتصالات الدولية المكثفة لإيجاد تهدئة تنزع فتيل التصعيد.