ترامب مستعد للقاء الإيرانيين… والجيش السوري يصل حدود الجولان… وإدلب تنتظر سوتشي
صفي الدين: سنسقط صفقة القرن بميزان القوة… وجنبلاط خائف من سورية الكبرى
التنازل عن الثلث المعطّل شرط للتأليف… والتيار الحرّ يلوّح بحكومة أغلبية
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
حال الترقب الدولية والإقليمية بعد قمة هلسنكي وفشل محاولات الربط بين مشاريع التسوية في سورية والحصار على إيران، والتردّد الإسرائيلي في قبول الصيغة الروسية القائمة على فك اشتباك مفتوح على الانسحاب من الجولان من دون انسحاب إيران وحزب الله من سورية، وما رافق كل ذلك من مخاطر أحاطت بقطاع النفط والغاز في ظل التصعيد في الممرات المائية الحيوية التي شهدها باب المندب ولوحت إيران بشمولها لمضيق هرمز. شدّد الأميركيون انتقاداتهم للأوروبيين على عدم تقيّدهم بالعقوبات على إيران. وأعلن الرئيس الأميركي بالتوازي انفتاحه على أي حوار مع إيران، بينما لم يتأثر الميدان السوري بما يجري في ساحات السياسة، سواء على جبهة العلاقات الدولية والإقليمية، أو على مستوى الجذب والشدّ حول الدور الإيراني في المنطقة، ومشروع صفقة القرن، خصوصاً ما يجري في سوتشي من تحضير للمباحثات حول آلية تطبيق ما تبقى من مسار أستانة، وترقّب ما سيفعله الأتراك بعدما بدا أن قوات سورية الديمقراطية قد خطت خطوة هامة باتجاه التقاط التحوّلات والسعي للتأقلم معها عبر الاستعداد لتسليم مناطق سيطرتها للجيش السوري، الذي بدأ استعداداته في محاور ريف حماة الشمالي والريف الشمالي للاذقية ضمن إطار معركة إدلب، التي تترقب نتائج أستانة، بينما وحدات الجيش نجحت بعزل حوض اليرموك، حيث تتمركز وحدات داعش، عن خط الحدود مع الجولان المحتل، الذي بات بكامله تحت سيطرة الجيش السوري.
في لبنان وبموازاة حال الترقب الدولية الإقليمية وخلط الأوراق الذي ينتظر البعض تردداته عبر ما سُمّي بصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية. قالت المقاومة كلمتها الفاصلة عبر ما ورد في كلمة لرئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، في حفل إطلاق كتاب «حزب الله فلسفة القوة»، حيث قال إن المقاومة ستُسقط صفقة القرن بموازين القوة، وإن استراتيجية القوة بمفهومها السياسي والأخلاقي والشعبي والعسكري هي التي حمت لبنان ودافعت عن سورية، وهي التي ستسقط صفقة القرن، معتبراً أن هذه القوة ملك للوطن كله وللأمة كلها، وليست قوة تصرف عائداتها في الداخل لمكاسب فئوية، داعياً ليكون البلد قوياً، قوياً بهويته وثقافته وإرادته ووحدته. فنحن في عالم تحكمه الذئاب، حيث لا تحمي الضعفاء إلا القوة.
بالتوازي في مقاربة هذه المتغيّرات والتجاذبات والرهانات، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في استقبال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، مستذكراً أيام العز الفرنسية في لبنان منذ الجنرال غورو إلى الصداقة الجنبلاطية الفرنسية، ورفعه العلم الفرنسي قبل أعوام، أنه يخشى زوال لبنان الكبير وظهور سورية الكبرى.
في قلب هذه المناخات المتشابكة بين الداخل والخارج، وكيفية التفاعل مع قراءة ما يدور حول لبنان في المنطقة والعالم، تبدو الحكومة الجديدة مؤجّلة. وقد قالت مصادر متابعة إن الصيغة الحكومية الأخيرة التي عرضها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، رغم تمثيلها الملتوي لكل من كتلتي الرابع عشر من آذار والثامن من آذار، بجعل تمثيلهما النيابي المتساوي مصدراً لنيل إحداهما ضعف حصة الأخرى الوزارية، كان يمكن أن تمر لولا تعمّد الحريري تخفيض مجموع حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بذريعة عدم تمكين أي فريق من الثلث المعطل للحكومة، فخفّض مجموع حصة رئيس الجمهورية والتيار من أحد عشر وزيراً إلى عشرة، بينما حافظ مجموع حصص أطراف الرابع عشر من آذار على ثلاثة عشر وزيراً، بخلفية لا يفسّرها الحجم النيابي لهذه القوى الذي يساوي حجم التمثيل النيابي لقوى الثامن من آذار التي مثلها الحريري بسبعة وزراء فقط. والخلفية الوحيدة هي الحفاظ على امتلاك الثلث المعطّل بوجه كل ما يتصل بالعلاقات اللبنانية السورية، وهو ما قصده جنبلاط بقلق يعرف أنه في غير مكانه، لكن الحديث الرمزي عنه يكشف الحكاية، وهي العلاقة اللبنانية السورية. وختمت المصادر، معادلة التنازل عن الثلث المعطل تكون على الجميع أو تُسحب من التداول لصالح تمثيل بمعيار واضح وواحد، وعن المعيار الواحد الذي ركزت عليه كل من كتلة الوفاء للمقاومة وتكتل لبنان القوي، بدأت أوساط التكتل تتحدّث عن حكومة أغلبية إذا تعثرت حكومة الوحدة الوطنية، أو الذهاب لحكومة تكتفي بالأقوياء في طوائفهم، فتُستبعَد القوات اللبنانية كما تستبعَد سائر الأطراف الموازية في الطوائف الأخرى وتحصر تمثيلها بالكتلة الأقوى فيها.
تراوح الملفات اللبنانية العالقة مكانها. لا خرق استراتيجي يُذكر. وبينما يخضع ملف النازحين لمعايير بطيئة بانتظار تفاهم سياسي يحظى بغطاء خارجي لا يزال غير متوفر، لا تزال الاتصالات الحكومية تدور في حلقة مفرغة لكون المفاوضات مرتبطة بحسابات داخلية على صلة بالتعقيدات الخارجية.
وتهمس أوساط سياسية أن شهر آب قد يمرّ من دون حكومة، إلا إذا نجحت الجهود لوضع معيار واحد للتمثيل في الحكومة يأخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات لتوزيع الحصص على المكوّنات السياسية.
وفي السياق، فإن الترقب سيكون سيد الموقف لمآل الأمور، لا سيما مع تهديد التيار الوطني الحر بحكومة أكثرية. وتشدّد مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» على أن الحكومة لن تكون إلا حكومة وحدة وطنية، مشيرة إلى أن الحريري قدّم صيغتين، وحاول ابتداع مخارج متعددة من أجل تأليف الحكومة في أسرع وقت بعيدة عن مخاوف الثلث الضامن. فقدّم صيغة تقوم على أن يحصل رئيس الجمهورية على 3 وزراء والتيار الوطني الحر على 7 حصة، ويحصل الرئيس الحريري على 6 وزراء، والقوات على 4 وزراء، لتكون حصة الثنائي الشيعي 6 وزراء + 3 وزراء للحزب التقدمي الاشتراكي ووزير للمردة، غير أن هذه الصيغة لم تلقَ تأييد الوزير جبران باسيل.
وجزمت المصادر المستقبلية أن حكومة أكثرية وأقلية لن تبصر النور. فهناك مكوّنات سياسية على غرار الرئيس نبيه بري لن تسمح بأن تصل الأمور إلى هذا المنحى مع تأكيد المصادر أن الرئيس بري والرئيس الحريري متفقان على ضرورة تأليف حكومة وحدة وطنية.
ونقلت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية عن الرئيس نبيه بري قلقه على الوضع الاقتصادي. الأمر الذي يستوجب الإسراع في تأليف حكومة وطنية لمنع تفاقم الأوضاع، مشيرة الى ان الامور تزداد تعقيداً والاتصالات لم تُحدث أي خرق. وشددت المصادر لـ«البناء» على ان الحكومة لن تكون إلا حكومة وحدة وطنية. ولفتت المصادر من ناحية أخرى إلى أن المجلس النيابي يحق له التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال بالاستناد الى المادة 69 من الدستور بيد أن الرئيس بري لم يتخذ القرار بعد.
وبينما تشدّد مصادر حزب القوات لـ «البناء» على أن الدكتور جعجع لن يتراجع عن مطلب 4 وزراء، بينهم حقيبة سيادية أو نائب رئيس مجلس الوزراء، أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» أن مسؤولية تشكيل الحكومة ليست من صلاحية الوزير جبران باسيل إنما من مسؤولية الرئيس المكلف الذي تُفترض به المسارعة إلى اعتماد المعيار الواضح والدفع باتجاه تأليف الحكومة، بعيداً عن المعايير الاستنسابية التي تصب في صالح حزب القوات والنائب السابق وليد جنبلاط، علماً أن المصادر العونية نفسها تعتبر ان حل العقدة المسيحية سهل، على عكس العقدة الدرزية، نتيجة تشبث الحزب التقدمي الاشتراكي بموقفه. وتشدد المصادر على أن اية حكومة لا تحظى بموافقة الرئيس عون لن تبصر النور، طالماً انه صاحب التوقيع الأخير على مرسوم التأليف وفق الدستور.
وأمل النائب حسين الحاج حسن أن «تتشكل الحكومة سريعاً بعد أن يأخذ المعنيون بتشكيلها بمبدأ التناسب والنسبية وحسن التمثيل، تبعاً لنتائج الانتخابات النيابية وما أفرزته من أحجام للكتل النيابية والسياسية. وليقتنع الجميع أن احترام النسب في التمثيل هو مساعد أساسي في تذليل العقبات وتشكيل الحكومة».
إلى ذلك، من المرجّح أن يحضر ملف عودة النازحين السوريين في لقاءات أستانة بين الجانب الروسي وبين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تؤكد ضرورة إيجاد ضمانات كافية لعودة آمنة للنازحين. ولفتت مصادر معنية إلى أن البحث سيتناول تمويل العودة التي يجب أن تحظى بتأييد أميركي. إلى ذلك، حضرت المبادرة الروسية بشأن النازحين السوريين والتطورات في المنطقة في لقاء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والسفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه.
من ناحية أخرى حضرت الأوضاع الاقتصادية خلال جولة وفد من البنك الدولي برئاسة نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والمكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري والوزير علي حسن خليل.
وحذّر بلحاج من أن هذا الوضع الاقتصادي دقيق ويستوجب طوراً جديداً من الإصلاحات، مشيراً الى وجود محفظة بقيمة ملياريْ دولار خصصها البنك الدولي للبنان تُفترض الاستفادة منها وفق الأولويات التي تحددها الدولة اللبنانية.