رأى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي انه “إذا كان لبنان ينعم بالسلام، فسوف ينعم الشرق بالسلام، وإذا كان في حالة حرب، وليس في موضع الاحترام، فسوف يتحمل الشرق بأسره التبعات”، مشددا على “وقوف فرنسا الدائم إلى جانب لبنان أيا تكن الظروف”.
من جهته تمنى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أن “نستطيع كلبنانيين أولا أن نحافظ على لبنان المتنوع المتعدد والديمقراطي والمزدهر، وان لا نغرق في خلافات ربما قد تجرنا إلى الغاء لبنان الكبير وإنشاء سوريا الكبرى”، معتذرا من الرئيس ساركوزي “عن عدم مرافقته إلى مهرجانات بيت الدين التي تحييها زوجته الفنانة العالمية كارلا بروني، لأننا في في طائفة الموحدين الدروز في لبنان في جو من الحداد والقلق على مصير اكثر من 40 امرأة وطفل خطفهم داعش”.
على خطى سلفيه الفرنسيين الرئيس السابق للبرلمان الفرنسي الكاتب الشهير لامارتين الذي زار الشوف عام 1832، ولاحقا الجنرال ديغول عام 1932، قصد الرئيس الفرنسي ساركوزي المختارة ليشدد كما سلفيه على رمزيةالثقافة والتسامح والتنوع، الذي لطالما شكل مصدر غنى للشرق لسنوات وقرون طويلة، وكما الجبل حتى اليوم.
وصل موكب الرئيس الفرنسي الى قصر المختارة قرابة السابعة والنصف مساء، بعدما مر في شوارع الشوف التي ازدانت باللافتات المرحبة والمشددة على العلاقات اللبنانية الفرنسية، وبالاعلام اللبنانية والفرنسية، حيث اقام له رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط استقبالا بدأ باستعراض ثلة من عناصر جمعية الكشاف التقدمي التي حملت اعلام البلدين، وصولا الى “ساحة البركة” واستقبله رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط تحيط به شقيقته داليا، ووزراء ونواب اللقاء، مروان حمادة، ايمن شقير، نعمة طعمة، فيصل الصايغ، هنري حلو، بلال عبدالله، اكرم شهيب، وائل ابو فاعور، هادي ابو الحسن. والوزراء والنواب السابقون، ناجي البستاني، صلاح حنين، غازي العريضي، صلاح الحركة، علاء ترو، انطوان سعد، والمرشح راجي سعد.
كما شارك في الاستقبال ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن القاضي غاندي مكارم، ورئيس المحاكم الدرزية القاضي فيصل ناصر الدين، ورئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين على رأس وفد من ادارة ومشايخ المؤسسة، وكاهن رعية سيدة الدر للموارنة في المختارة الاب عيد بو راشد، وقضاة من المذهب الدرزي ورؤساء لجان واعضاء من المجلس المذهبي ومشايخ، اضافة الى قائمقام الشوف مارلين قهوجي، وقائد سرية درك بيت الدين العقيد حنا اللحام، ومسؤول مركز امن الشوف في مخابرات الجيش اللبناني حسين صعب، رئيس الاركان السابق اللواء سمير القاضي، قاضي الشرف المتقاعد سجيع الاعور، قاضي التحقيق السابق رياض طليع، الشيخ وجدي ابو حمزة. الى جانب نواب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وامين السر العام ظافر ناصر واعضاء مجلس القيادة والمفوضين في الحزب التقدمي الاشتراكي، ورئيسي اتحادي بلديات الشوف الاعلى والشوف السويجاني ورؤساء البلديات المحيطة بالمختارة، ومشايخ واهالي بلدة المختارة والجوار.
وبعد مصافحة الرئيس ساركوزي لمستقبليه، القى النائب جنبلاط كلمة ترحيبية وقال، “باسمي وباسم المشايخ والقساوسة واللقاء الديمقراطي لقاء المصالحة والحزب ورؤساء البلديات والمنطقة واهلي اهل المختارة نستقبل اليوم شخصية فرنسية مرموقة، الا وهي رئيس فرنسا السابق الرئيس نيكولا ساركوزي”.
اضاف “عرفت المختارة منذ اكثر من مئة عام علاقات مميزة مع فرنسا حتى في ايام الانتداب الفرنسي وكانت صعبة آنذاك بعض ظروف الانتداب خاصة بعدما اندلعت الثورة الكبرى في سوريا، لكن نظيرة جنبلاط استطاعت بحنكتها قبل ان يتسلم كمال جنبلاط زمام الامور ان تبقي منطقة الشوف بأمان”.
وتابع “كمال جنبلاط عرف شخصيات متعددة ومتنوعة فرنسية وتتلمذ في فرنسا ثم عاد الى لبنان لظروف الحرب العالمية الثامية ولكن آخر ما حاول أن يقوم به في العام 1976 مع الرئيس جيسكار ديستان عندما طالب بأن تتدخل فرنسا في لبنان من أجل السلام، لكنه لم يستطع لأن المخطط الاكبر كان قد وضع ودخلت علينا سوريا آنذاك في الظروف المعروفة”.
أضاف: “فرنسا كانت إلى جانبنا في أوج مطلبنا بالمحكمة الدولية وفي أوج ثورة الأرز وتذكرون انني في العام 2004 في ذكرى مولد كمال جنبلاط رفعت العلم الفرنسي وكيف كانت الحملة علي من قبل حلفاء سوريا وغيرهم وكان ذلك بعد شهرين من محاولة إغتيال مروان حمادة”.
وتابع: “بعد عامين في العام 2020 يحتفل لبنان بذكرى انشائه عندما جاء الجنرال غورو الى الشرق، وكل ما أتمناه أن نستطيع كلبنانيين أولا أن نحافظ على لبنان المتنوع المتعدد والديمقراطي والمزدهر وان لا نغرق في خلافات ربما قد تجرنا إلى الغاء لبنان الكبير وإنشاء سوريا الكبرى”.
واعتذر جنبلاط من ساركوزي عن عدم مرافقته إلى مهرجانات بيت الدين التي تحييها زوجته الفنانة العالمية كارلا بروني، قائلا “اننا في جو الحداد في الطائفة الدرزية في لبنان وفي جو قلق على مصير اكثر من 40 امرأة وطفل خطفهم داعش”.
ثم القى الرئيس ساركوزي كلمة جاء فيها،”الأصدقاء الأعزاء، العزيز وليد جنبلاط. أود أولا أن أتقدم بالتعزية إلى الطائفة الدرزية التي فجعت مرة جديدة في هجوم مروع وجبان.الدروز شجعان وأصحاب كرامة، ويجيدون الدفاع عن أنفسهم. وما حل بإخوتكم وأطفالكم غير مقبول. أرجو أن تتقبلوا تعازيّ الحارة”.
واضاف: ” لبنان، حيث أتواجد الآن، ليس كسواه من البلدان. إنه رمز للثقافة والتسامح والتنوع، هذا التنوع الذي شكل مصدر غنى للشرق لسنوات طويلة، وقرون طويلة. يجب الحفاظ على هذا التنوع باعتباره القيمة الأغلى لبلادكم. تنوع الطوائف والأديان هو ثروة لبنان والشرق. من يريدون تدمير التنوع هم مَن يريدون تدمير الديموقراطية والأمل. التنوع ضرورة. لماذا يرتدي لبنان هذه الأهمية الكبيرة؟ لأنه بمثابة الباروميتر لمنطقة الشرق بكاملها. إذا كان لبنان ينعم بالسلام، فسوف ينعم الشرق بالسلام. وإذا كان لبنان في حالة حرب، إذا كان لبنان يعاني، إذا لم يكن لبنان موضع احترام، فسوف يتحمل الشرق بأسره التبعات. لطالما وقفت فرنسا إلى جانب لبنان، وسوف تبقى إلى جانبه على الدوام، أيا تكن الظروف. للبنان الحق، شأنه في ذلك شأن أي بلد آخر، في أن يكون مستقلا وحرا ومحط احترام وأن ينعم بالسلام.أخيرا، أود أن أقول لصديقي وليد جنبلاط، إنها عائلة جميلة لأنها عائلة من الشجعان، وقد ضحت بدمائها ثمنا للحرية والاستقلال.أتأثر لوجودي في هذه المنطقة من لبنان إلى جانبكم. هذا المساء، أيها العزيز وليد، لن أكون أنا صاحب الدور الأول، بل زوجتي. لكنها ساعدتني كثيرا عندما كنت رئيسا للجمهورية، ومن الطبيعي أن أساعدها وأدعمها اليوم. للبنان الحق في الاستقلال، وللنساء في لبنان، كما خارجه، الحق في المساواة في الفرص، وفي الحرية والاستقلال والاحترام”.
وختم،”يسرني كثيرا، أنا الذي كنت رئيسا للجمهورية، أن أجلس الليلة في الصف الأمامي كي أصفق للسيدة التي ستقف على المسرح شكرا لكم على استقبالي”.
بعدها زار ساركوزي القصر وعقد خلوة من جنبلاط قبل جولة في اقسامه ووداعه من الحضور.