كانت الليلة الثانية من “مهرجانات الارز الدولية”، استثنائية بامتياز في مضمونها مع الفنانة ماجدة الرومي وتقديمها مشهدية استعراضية غنائية عن المواقع الأثرية الخمسة المدرجة على لائحة التراث العالمي وهي: وادي قاديشا وغابة الارز الدهرية، بعلبك، عنجر، صور وجبيل.
كما تميزت هذه الليلة بحضور سياسي وديبلوماسي رفيع، تقدمه ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال اواديس كيدانيان، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب مصطفى الحسيني، ممثل الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري النائب سامي فتفت، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، نائب رئيس الحكومة وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني، وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي، النائب هادي أبو الحسن ممثلا رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط، النواب: جوزيف إسحق، أنيس نصار، جورج عقيص، زياد حواط، سيزار معلوف، جان تالوزيان، شوقي الدكاش، بيار أبو عاصي، ماجد إدي أبي اللمع، أنطوان حبشي، وهبه قاطيشا وفادي سعد، والنائب السابق فادي كرم.
وحضر أيضا سفراء: الولايات المتحدة إليزابيت ريتشارد، إيطاليا ماسيمو ماروتي، سويسرا مونيكا سشموتز كيرغوز، أسبانيا خوسيه ماريا فيريه دو لا بينا، نيجيريا غوني مودو زانا بورا، الإمارات العربية المتحدة حمد الشامسي، قطر علي بن حمد، القائم بالأعمال السعودي الوزير المفوض وليد البخاري، النائب البطريركي العام على الجبة المطران جوزيف نفاع، رؤساء اتحادات بلدية وبلديات، مدراء عامون، وحشد من الشخصيات القضائية والاقتصادية والإعلامية والثقافية.
افتتح المهرجان بعرض”Recap” عن حفل الفنانة العالمية شاكيرا، الذي أقيم في 13 تموز. بعده عرض “3D MAPPING” عن المواقع الأثرية الخمسة المكرمة والمدرجة على قائمة التراث العالمي، فيلم يستحضر الماضي وتاريخ هذه المواقع الثقافية والحضارية بصور بصرية، وبقصيدة شعرية من كلمات وأداء الشاعر الكبير نزار فرنسيس مترافقة مع موسيقى تصويرية خاصة من تأليف الأب خليل رحمه. أما الإخراج والتصميم والتنفيذ فهو لشركة “FACTORY 3D MAPPING”. واختتم الفيلم بصورة خاصة ومميزة لوادي قاديشا رباعية الأبعاد بما تمثله من حركة وحضور ملموس خلال العرض.
بعد النشيد الوطني، دخلت رئيسة “مهرجانات الأرز الدولية” النائبة ستريدا جعجع إلى المسرح على أنغام موسيقى ميشال فاضل، وألقت كلمة قالت فيها: “لقد شرفنا فخامة الرئيس العماد ميشال عون برعاية “مهرجانات الأرز الدولية” لهذا العام، ممثلا بمعالي الوزير اواديس كيدانيان في أرز لبنان، أرز “الجمهورية القوية”. وإنني في هذه المناسبة أؤكد أن رئاسة الجمهورية، تبقى الضمانة والحصانة للبنان السيد الحر المتنوع والفريد بين دول المنطقة بوجهه الحضاري والثقافي الرائد”.
أضافت: “وإنه لمن دواعي سروري أن أرحب بممثل دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري سعادة النائب مصطفى الحسيني، لا سيما أن الرئيس بري هو ابن الجنوب ونائب المنطقة، التي تضم بشكل خاص مدينة صور مدينة التاريخ والعزة، التي نكرمها اليوم معلما حضاريا مميزا. كما أرحب بسعادة النائب سامي فتفت ممثلا دولة الرئيس المكلف سعد الحريري الذي أحييه من هنا، من أرز لبنان، متمنية من الجميع تسهيل مهمته”.
ثم توجهت إلى البطريرك الماروني قائلة: “صاحب الغبطة، وأين يتجلى مجد لبنان كما يتجلى في ظلال أرز الرب. وعلى كتف وادي قنوبين المقدس؟، التحية لكم يا سليل البطاركة القديسين، والقيم على ميراثهم ورسالتهم على مر العصور. التحية لكم يا سيد بكركي والديمان، والقيم على تاريخ الحرية والإيمان، وعلى مجد لبنان. فإذا بقي لبنان، فلأن الكنيسة بقيت فيه، وإذا بقيت الكنيسة المارونية، فلأن هذا الوادي بقي صامدا على مر الأزمنة، وجدران دير سيدة قنوبين، التي تضم ذخائر البطاركة خير دليل. وفي زمننا الحاضر لنا دليل على ذلك، عندما هب شباب الجبة مع سمير جعجع لمواجهة الأخطار، تماما على طريق أسلافهم”.
وتابعت: “يقول عضو الأكاديمية الفرنسية المؤرخ غابريال هانوتو: “إن لم يكن لبنان أعلى قمة في الجغرافيا، فهو حتما أعلى قمة في التاريخ”. أما المؤرخ اللبناني فيليب حتي فيسأل: “إن تاريخ لبنان يشمل أكثر من خمسة آلاف سنة من الحضارة، فأي شعب يحق له أن يدعي أنه وريث الحضارات كلها كما يحق للشعب اللبناني أن يدعي؟”.
وأردفت: “أقف أمامكم الليلة للسنة الرابعة على التوالي، للتأكيد أننا مؤتمنون على إرث تاريخي وحضاري وثقافي، عمره من عمر غابة أرز الرب التي نحن في حضرتها. نحن مؤتمنون على إرث متجذر كما الأرز في هذه الأرض، ويمتد على مساحة الـ10452 كيلومتر مربع، هذه المساحة التي أرادها الخالق مساحة التقاء وتفاعل للأديان السماوية والحضارات الإنسانية والتاريخ العالمي”، سائلة: “هل هي مصادفة أن تجتمع في وطننا الصغير بمساحته والكبير بتاريخه، كل هذه الحضارات، ليكرس العالم خمسة مواقع لبنانية على لائحة التراث العالمي؟”، مستطردة: “من جبيل مهد الحضارة البشرية، التي خرجت منها الأبجدية الأولى لتعلم العالم الحرف، إلى بعلبك مدينة الشمس المشرقة في تاريخ البشرية تخبر قصصا لا تعرفها غير أعمدتها وهياكلها. ومن صور مؤسسة قرطاج وأكبر المدن الفينيقية المعروفة بملاحمها وبطولاتها، إلى عنجر التاريخ، الشاهدة على الحضارة الأموية…ألف تحية وتحية”.
وقالت: “من حضارة التاريخ والجغرافيا والحرف إلى حضارة السلام والتقوى في وادي قاديشا، هذا الوادي الخاشع في هدوئه، والصلب في مقاومته، المتواضع في صمته وصلاته والشاهد على أن الإيمان أقوى من كل أسلحة الدنيا…هكذا يرسم لبنان على مساحة أرضه، من الجنوب إلى الشمال ومن شرقه إلى ساحله، أيقونة تاريخ حضارات المنطقة، ليفتح قلبه وذراعيه وأبوابه للعالم متحفا للتاريخ، ومختبرا للتفاعل الحضاري ومساحة للصلاة والالتقاء، فاختصره البابا القديس يوحنا بولس الثاني بجملة واحدة: “لبنان أكثر من وطن…إنه رسالة”. نعم، لبنان رسالة تاريخ وحضارة وسلام. لبنان مختبر تاريخي للتفاعل الحضاري بين الأديان، وهو في هذا السياق حاجة إنسانية”.
أضافت: “لبنان مختبر تاريخي للعالم صحيح، لكنه أيضا اليوم عنوان تواصل مع كل دول العالم من خلال أبنائه المنتشرين عبر أصقاع الأرض، وكما أن خمسة مواقع لبنانية منتشرة على مساحة وطن الأرز تشكل إرثا حضاريا وثقافيا للعالم كله، فإن أكثر من عشرة ملايين لبناني ومتحدر من أصل لبناني ينتشرون على مساحة الكرة الأرضية، يحملون رسالة سلام وحضارة وتطور في خدمة البشرية جمعاء. هؤلاء اللبنانيون المقيمون، منهم والمنتشرون حول العالم، أصروا قبل شهرين، أن يثبتوا للعالم أنهم متمسكون بنظامهم الديمقراطي فأدلوا بأصواتهم في لبنان والخارج لتجديد الثقة بوطنهم وبإرادتهم بالعيش بسلام رغم كل ما يجري من حولنا. فهنيئا للبنانيين بديمقراطيتهم”.
وتابعت: “لكل ما تقدم أرادت لجنة “مهرجانات الأرز الدولية” لهذه السنة، وفي السنة الرابعة لإعادة إحيائها، أن تحمل رسالة مزدوجة: رسالة تكريم لخمسة مواقع لبنانية على لائحة التراث العالمي باسم العالم أجمع، ورسالة باسم الفن اللبناني من لبنان المقيم والمتحدر من أصول لبنانية إلى العالم أجمع”.
وأردفت: “هكذا وقع اختيارنا هذه السنة على النجمة العالمية – الكولومبية من أصول لبنانية ومن والد لبناني، شاكيرا، لتحيي حفلا في ظلال الأرز ضمن جولتها العالمية، لنؤكد للعالم أجمع، أن لبنان جزء لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية المحبة للسلام والحياة، والرافضة لكل أشكال العنف، وأن لبنان يؤمن بالفن كعلامة رقي للشعوب. وهكذا أيضا، وقع خيارنا مجددا على سفيرة السلام اللبنانية ماجدة الرومي، التي تحمل في صوتها الراقي، السلام والخشوع والإيمان والأمل بمستقبل لبنان، ولتجسد هذه الليلة المشهدية الغنائية الرائعة، التي كتبها الشاعر الكبير نزار فرنسيس، خصيصا عن المواقع اللبنانية المدرجة على لائحة التراث العالمي، كتحفة فنية من لبنان إلى العالم”.
واستطردت: “نحن في “مهرجانات الأرز الدولية” نحرص على أن ننظم مهرجانات واحتفالات فنية تحمل في طياتها رسالة إنسانية وقيمة مضافة، تعبر عن ثقافتنا وهوية وطننا، تماما كما نحرص على أن نترك بصمة على الساحة الدولية في ضخامة ما نقدمه، بصمة تليق بالفن اللبناني وبحضارتنا وبتاريخ أرزنا، أرز الرب الذي قدسه الكتاب المقدس”.
وقالت: “إسمحوا لي في هذه المناسبة، أن أشكر الداعمين المعلنين وغير المعلنين، ومحطة MTV، برئيس مجلس إدارتها الأستاذ ميشال المر وكل العاملين فيها، وشركة ألفا ممثلة برئيس مجلس إدارتها ومديرها العام المهندس مروان حايك، على تقديمها خدمة الإنترنيت مجانا لجميع زوار غابة الأرز الدهرية. والشكر أيضا لجميع القوى الأمنية وقياداتها الساهرة على أمن الوطن وعلى أمن هذا المهرجان، وفي مقدمهم قائد الجيش العماد جوزاف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والى كل الذين عملوا معنا ليل – نهار، لتنجح “مهرجانات الأرز الدولية”، ولنبقى نرفع اسم لبنان عاليا في كل أصقاع الأرض ولنستحق أن نكون جميعا كلبنانيين، أبناء هذا الوطن العظيم لبنان، وطن الأرز، الذي نريده إشعاعا ثقافيا وحضاريا وفنيا إلى أبد الأبدين. آمين”.