الجميع إلى بيت طاعة صندوق النقد الدولي

الجميع إلى بيت طاعة صندوق النقد الدولي
الجميع إلى بيت طاعة صندوق النقد الدولي
تحت عنوان: "نصرالله يجلب الجميع إلى بيت الطاعة: صندوق النقد الدولي"، كتب منير الربيع في "المدن": أعطى الأمين العام لـ"حزب الله"، السيد حسن نصر الله، الضوء الأخضر للحكومة اللبنانية لتلجأ إلى صندوق النقد الدولي. وهو بذلك أنزل قياديي حزبه عن شجرة مواقفهم التصعيدية الرافضة لخيار الصندوق.

سيادة نصرلله
قال نصرالله إنه لم يمانع اللجوء إلى الصندوق، ولكن بشرط الحفاظ على السيادة اللبنانية. لم يترك المجال لحكومة حسان دياب لتدّعي حياديتها وتكنوقراطيتها.

أثبت نصرالله مجدداً أنه صاحب الرأي والمشورة، وهو العالِم أن لا خيار للبنان على الإطلاق غير اللجوء إلى الصندوق، طلباً للمساعدة. لأن لا مساعدات إلا من خلاله. كان يعلم ذلك من قبل، لكنه آثر ترك الجميع يتخبطون في مواقفهم المتضاربة والمتناقضة، ليخرج معلناً كلمة السرّ.


دياب وبيت الطاعة 
أرخى هذا التصرف نوعاً من التصدعات بين أركان الفريق الواحد، ووضع رئيس الحكومة في خانة المحرج، الذي قرأ المواقف بشكل خاطئ. استند دياب على مواقف قيادات حزب الله، وخصوصاً الشيخ نعيم قاسم الذي شيطن صندوق النقد الدولي. فذهب رئيس الحكومة بعيداً في معارضة خيار الصندوق، والمزايدة بمواقفه حول إيجاد حلول بديلة، ليعود ويصطدم بموقف نصر الله الذي أعاد الأمور إلى سكة الصندوق.
إنها المرة الثانية التي يصطدم فيها حسان دياب بموقف مناقض لتوجهاته. هو أولاً كان مع خيار الصندوق، لكن بعد كثرة المواقف الرافضة، زايد في رفضه، ليعود ويجد نفسه عائداً إلى "الطاعة". تماماً كما حصل معه عندما كان متحمساً لدفع سندات اليوروبوند حرصاً على سمعة لبنان وحكومته، فعاد وتراجع عن ذلك.

حرب المزايدات
حرب المزايدات مستمرة داخل الفريق الواحد. وتشمل ملفات عديدة، على رأسها الكهرباء، تليها التشكيلات القضائية، وصولاً إلى آلية التعاطي مع المصارف ومصرف لبنان، وصولاً إلى معركة تعيين نواب حاكم مصرف لبنان ورئيس لجنة الرقابة على المصارف.

المعركة هنا تحصل وكأن لا أزمة تعصف بلبنان، والصراع يبقى على المواقع والحصص. ناهيك عن حرب النكايات بين رئيس الجمهورية، وتياره وفريقه والمحسوبين عليه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المال غازي وزني، خصوصاً حول الخطة الاقتصادية والمالية التي يعدها وزني، وتشمل في بنودها ما سيتم تقديمه لصندوق النقد الدولي.

وحرب النكايات هذه مع التيار الوطني الحرّ، كان قد خبرها برّي مراراً، من خلال مشاريع واقتراحات سابقة كانت تتقدم بها الكتل النيابية المختلفة، فيعمل التيار على عرقلة إقرارها، وبعدها يأخذها ويقدمها كاقتراح من بنات أفكاره، فتُقر وينسب التيار إنجاز إقرارها لنفسه.

الآلية ذاتها يتبعها التيار اليوم مع خطة وزني، وبدأ مع ما اقترح الرجل وضعه على جدول أعمال مجلس الوزراء حول تنظيم العمل بين المصارف والمودعين والمؤسسات، فلم تدرج على جدول أعمال الجلسة الحكومية، بينما أخذ بها كمقررات في الاجتماع الذي عقد بين جمعية المصارف ومدعي عام التمييز.

سوق عكاظ
اليوم يستمر الضغط على وزني ومن خلفه برّي، بينما موقف رئيس مجلس النواب واضح بالوقوف خلف وزير المال ودعمه حتى النهاية. وهو الذي يشير إلى أن الخطة الاقتصادية التي سيتم عرضها على صندوق النقد ستكون جاهزة في غضون أسبوعين. وهنا أيضاً يجد حسان دياب نفسه إلى جانب عون والآخرين، بينما النائب جميل السيد لا يتوانى عن شن الهجوم على وزني من دون أن يسميه. وفي الرؤية الاقتصادية والمالية يلتقي السيد مع التيار العوني من خلال وزير الاقتصاد راوول نعمة ودوره.

الحملة التي يتعرض لها وزني عبر اتهامه بأنه يريد حماية حاكم مصرف لبنان، تهدف إلى تطويقه وتطويق رياض سلامة أكثر، ولتحسين الشروط في مسألة تعيين نواب الحاكم، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف. أما عون وحلفاؤه فيريدون تطويق سلامة للتمكن من الضغط عليه بمعضلة تسمية نواب الحاكم، لان الهدف الأساسي للعهد هو السيطرة أو التأثير إلى حد بعيد في سياسة المصرف المركزي والمرافق التابعة له. وهكذا يتكامل الضغط على سلامة مع الضغط على شركة طيران الشرق الأوسط. ودياب هنا أيضاً لديه طموح في تعيين شخص محسوب عليه كنائب سنّي لحاكم مصرف لبنان. بينما هناك شرط أميركي بالتمديد لمحمد بعاصيري الذي يتابع مع الأميركيين ملف العقوبات. أما برّي فيفضل التمديد لرائد شرف الدين، ويصر عون على عدم التمديد لأي من النواب الأربعة وتعيين نواب جدد.

حصاد مؤجل
بعيداً عن هذه التفاصيل، سيكون أمام لبنان أسابيع من الشلل والركود على مختلف الصعد، وخصوصاً الاقتصادية، بسبب أزمة كورونا. بعدها يفترض أن يبدأ النقاش العملي مع صندوق النقد الدولي. ولكن بناء على الشروط اللبنانية، وفق ما أعلن نصر الله، لناحية رفض فرض ضرائب جديدة على اللبنانيين. لكن، وبأي حال، شروط الصندوق سيكون لها آثار قاسية على الواقع اللبناني.

ثمة من يختصر الأزمة بالقول إن حلها لا يمكن أن يكون فقط بالإجراءات التقنية، ولا بد من اتخاذ مواقف سياسية أيضاً، من قبل الحكومة. أولها العمل على تجنب أي انقسام داخلي محلّي. وهذا لا يبدو أنه متوفر حالياً. وثانيها العمل على إصلاح علاقات لبنان مع الدول العربية. وهذا ما تبدو حكومة دياب عاجزة عن تحقيقه. ومن دون ذلك لا يمكن لأي خطة يضعها صندوق النقد أن تكون ناجعة. هناك إشارات أميركية وخليجية تقول إنه لم يحن وقت الاهتمام بلبنان بعد، ومد يد المساعدة له، وعليه أن يبقى في حالة التخبط التي يعيشها، لأن الحل سياسي أولاً وليس تقنياً، وبالتالي موسم الحصاد لم يحن بعد.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى