وجاء في التقرير: "لم يعد مضيق هرمز آمناً لنقل النفط الخام والمنتجات البترولية إلى العالم، بعد الهجمات على الناقلات النفطية التي جرت مؤخراً قبالة سواحل الإمارات وخليج عمان في فترة لم تتجاوز الشهر.
ويعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، لما له من أهمية استراتيجية واقتصادية وتجارية كبرى لدول الخليج العربي، فهو الرئة التي تتنفس من خلالها هذه الدول.
وتمثل التهديدات الإيرانية بإغلاقه والهجمات التي جرت الخميس 13 حزيران 2019، ضد ناقلتين نفطيتين في خليج عمان، وقبلها استهداف ناقلتي نفط قبالة ميناء الفجيرة الإماراتي، توتراً كبيراً عالمياً خشية إعاقة صادرات الخليج من النفط.
ويُعدّ الأمن البحري واحداً من أكثر العوامل أهمّيَّة في أمن الطاقة في العالم، فحدوث أيّ اضطرابات في عمل المضائق البحرية يمكن أن يضع العالم في أزمة من الطاقة.
وهذه أهم المضائق والممرات البحرية في العالم، وفق ما جاء في التقرير:
مضيق باب المندب
يفصل مضيق باب المندب البحر الأحمر عن خليج عدن والمحيط الهندي، كما يفصل قارتي أفريقيا وآسيا، وتحدّه من الجانب الأفريقي جيبوتي، ومن الجانب الآسيوي اليمن. وتأتي أهميّته من أنّه تمرّ منه غالبيّة الصادرات من الخليج، وتدفَّق عبره نحو 4.8 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات البترولية المكرَّرة في 2016، صوب أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وتعتبر الطبيعة الجغرافية للمضيق إحدى نقاط الضعف فيه، بحيث تجعل استهداف السفن التي تمرّ فيه سهلاً، حيث لا يتجاوز عرضه 20 كيلومتراً، في ممرّ يربط البحر الأحمر ببحر العرب، والمضيق ممرّ رئيسي يؤدّي إلى قناة السويس، التي يمرّ منها 12% من حجم التجارة العالميَّة.
وهاجم الحوثيون في اليمن في أبريل الماضي ناقلات نفط سعودية كانت تمرّ عبر المضيق، وهو ما تسبَّب بارتفاع أسعار النفط في العالم، واتخاذ السعودية قراراً بوقف تصدير النفط عبره، والتفكير في بدائل أخرى.
وتقدَّر صادرات النفط السعودية عبر باب المندب بنحو 500 ألف إلى 700 ألف برميل يومياً، وفق بيانات لمحللين ووكالة "رويترز".
وتعدّ قارّة آسيا الوجهة الجغرافية الرئيسة للنفط العابر من خلال المضيق، إذ استأثرت بأكثر من 85% من الصادرات البترولية، كانت حصّة الأسد فيها للأسواق النفطية في اليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية.
مضيق هرمز
يعدّ مضيق هرمز، الذي يقع بين سلطنة عُمان وإيران، والذي يربط الخليج العربي ببحر العرب، أحد أهم الممرَّات المائيَّة الاستراتيجيَّة في العالم، ويبلغ عرض المضيق 60 كيلومتراً. ويُعتبر ورقة قوة لدى إيران، لكون قرابة 17 مليون برميل من النفط الخام تمرّ منه يومياً.
وسبق أن هدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني مراراً بإغلاق المضيق ردّاً على العقوبات الأميركية ضد بلاده، وهو ما يعني منع تصدير كمّيات هائلة من النفط الخام للعالم، والتسبُّب بأزمة وارتفاع أسعار النفط. وفي حال نفّذت إيران تهديداتها سيؤدّي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي في الأسواق العالميَّة، إضافة إلى التسبُّب بانهيار اقتصادات بعض الدول التي تعتمد على هذه الواردات في اقتصادها.
وسيفتح وقف الملاحة في مضيق هرمز الباب على إمكانيَّة نشوب مواجهة عسكرية مع دول العالم الكبرى، خاصةً التي توجد قطعها البحرية بكثافة قرب المضيق.
وفي عام 2012، مع بدء تطبيق العقوبات الاقتصادية الأميركيَّة على إيران، صدَّق مجلس الشورى الإيراني على مشروع لغلق المضيق أمام ناقلات النفط الخام.
وتاريخياً لم يستطع المضيق الإفلات من أطماع وصراعات الدول الكبرى للسيطرة عليه، فمنذ القرن السابع قبل الميلاد وهو يؤدّي دوراً دولياً وإقليمياً هاماً، أسهم في التجارة الدولية. وخضع للاحتلال البرتغالي، ثم سائر الدول الأوروبية، خصوصاً بريطانيا، لتنتشر الشركات الغربيَّة المتنافسة، ويتراجع الأمن مع غزوات القراصنة. وكانت بريطانيا تعتبر المضيق مفترق طرق إستراتيجية، وطريقاً رئيسيّاً إلى الهند.
مضيق "رأس الرجاء الصالح"
هو رأس من اليابسة في القارَّة الأفريقيَّة، بالقرب من كيب تاون، يمتدّ في المحيط الأطلسي، ويُشبه في شكله الرأس المحدَّب، وكانت تمرّ منه السفن التجارية المتوجِّهة من آسيا وإليها.
وتكمن أهميَّة رأس الرجاء الصالح في كونه بديلاً من قناة السويس وباب المندب، كحلقة وصل بين الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا، ولكن استخدامه يُضيف إلى مدَّة الرحلة من الشرق الأوسط إلى أوروبا نحو 15 يوماً إضافيًاً، ونحو 8- 10 أيام مدّة العبور إلى الولايات المتَّحدة.
وهذا الخيار كان يكلِّف الناقلات الكثير من الوقت والمال، لولا انخفاض أسعار الوقود العالميَّة الحالي، الذي جعل من الأوفر لبعض السفن اتخاذ رأس الرجاء الصالح بديلاً من قناة السويس، ولكن يلزمها التضحية بالوقت المضاف لرحلتها، ونقص بعض الخدمات التي قد توفّرها.
قناة السويس
قناة السويس هي ممرٌّ مائيٌّ صناعيٌّ بين مدينة بورسعيد المصرية على البحر الأبيض المتوسط، ومدينة السويس على البحر الأحمر، وتُقسم القناة إلى قسمين، شمال وجنوب البحيرات المرّة.
تسمح القناة بعبور السفن القادمة من دول المتوسط وأوروبا وأميركا للوصول إلى آسيا دون سلوك الطريق الطويل، طريق رأس الرجاء الصالح. وتُعتبر القناة حالياً أهمّ مجرى ملاحي في العالم، حيث تتحكَّم بـ 40% من حركة السفن والحاويات في العالم.
وتعطَّلت القناة لمدة عام، وأثَّرت في حركة الملاحة العالمية في العام 1967، أثناء العدوان الثلاثي، لكونها شرياناً رئيسياً للتجارة العالمية، ومن ضمنها تجارة الوقود.
مضيق جبل طارق
يقع مضيق جبل طارق البحري بين شبه جزيرة إيبيريا شمالاً وشمال أفريقيا جنوباً، ويصل بين مياه البحر الأبيض المتوسط ومياه المحيط الأطلسي. يحدّ المدخل الغربي للمضيق كلٌّ من رأس سبارتيل (المغرب)، ورأس الطرف الأغرّ (إسبانيا).
يُشرف على المضيق كلٌّ من المغرب وإسبانيا، ومنطقة الحكم الذاتي جبل الطارق البريطانية.
وتأتي أهمية هذا المضيق من كونه ممرّاً لعدد من الأساطيل البحرية التابعة لفرنسا وألمانيا وإيطاليا، الموجودة في منطقة جبل طارق، واستخدامه كقاعدة بحرية، وتعبر يومياً 250 سفينة وناقلة شحن عملاقة، أي ما يُقارب سدس التجارة العالمية، و5% من تجارة النفط العالميّة.
وبرزت في الأشهر الأخيرة أزمة حقيقيَّة بين بريطانيا وإسبانيا، بسبب مضيق جبل طارق، بعد تهديدات بريطانيا بإمكانيَّة التدخّل العسكري لإحكام سيطرتها على المضيق، خاصة بعد بدء لندن إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية "بريكست".
قناة بنما
قناة بنما هي ممرٌّ مائيٌّ يصل ما بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، وتُعدُّ هذه القناة من أعظم الإنجازات الهندسيَّة في العالم؛ حيث ساهمت في تقصير مسافة رحلة السفن ما بين مدينة نيويورك وسان فرانسيسكو من 20.900 كم إلى أقلّ من 8.370 كم.
وخضعت منطقة القناة للولايات المتحدة الأميركية بموجب اتفاقيَّة بين البلدين بدأت من سنة 1978، وكانت أحد أهم الأسباب التي ساهمت في تعزيز قوة الولايات المتحدة الأميركية العسكرية، وانتهت سنة 1999.
وبعد نحو 85 عاماً من السيطرة الأميركيَّة على إدارة بنما، انتقلت إدارتها إلى لجنة مشتركة أميركيّة-بنميّة، عام 1979، ثم تسلَّمت بنما إدارتها نهائياً، في 31 ديسمبر 1999.
وشكَّلت القناة سبباً رئيسياً لتوتّر العلاقات بين بنما والولايات المتحدة؛ بسبب الخلاف حول السيادة والتحكُّم في مراقبة القناة والمنطقة المحيطة بها، حيث قام سكان بنما عام 1964 باحتجاجات عنيفة بسبب منع رفع علمهم قرب العلم الأميركي بمنطقة القناة. ودفع ذلك بنما حينها إلى قطع علاقاتها مؤقّتاً مع الولايات المتحدة.
مضيق البوسفور
البوسفور أو مضيق إسطنبول، يصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ويلتقي مع مضيق الدردنيل، ليقسم بذلك تركيا إلى قسمين؛ أوروبي وآسيوي. ويبلغ طوله 30 كم، ويتراوح عرضه بين (550 متراً و3000 متر)، وحسب المعتقدات اليونانية القديمة فإن تسمية المضيق تعني ممرّ البقرة.
مياه مضيق البوسفور مصنَّفة ضمن مجال الملاحة الدوليّة، وتُعتبر حركة السفن بالمضيق واحدة من أهم نقاط الملاحة البحرية في العالم.
وتخترق المضيق تيّارات مائية خطيرة، وضيق المضيق في بعض المناطق يجعل الملاحة صعبة، وقد وقع العديد من الحوادث الخطيرة؛ كحادث تصادم سفينتين محمَّلتين بالبترول في 13 مارس 1994، ما أدَّى إلى وفاة 25 بحاراً، وفي 15 يوليو 2005 غرقت باخرة بنميَّة بالمضيق في ظروف غامضة.
ويقطع هذا المضيق 3 جسور؛ هي جسر البوسفور، وجسر السلطان محمد الفاتح، وجسر السلطان سليم الأول.