يبدأ بيرنز روايته التي يترجمها د.هيثم مزاحم، إنطلاقا ًمن حادثة هجمات الحادي عشر من ايلول، حيث ينطلق للحديث عن كيف كان من الممكن "أن نستخدم التأثير التدليلي للعمل العسكري في أفغانستان لتركيز أذهان القادة في ليبيا وسوريا واستخدام الدبلوماسية القسرية، لاحتواء وتقويض صدام حسين في العراق". ويعترف بيرنز بالقول إنها كانت "قصة إخفاقي في بذل المزيد من الجهد للحيلولة دون نشوب حرب لم نكن نحتاج إلى خوضها. إنها قصة تحتوي على دروس حول الافتراضات المعيبة، وعمليات السياسة المعطلة، والدوافع أحادية الجانب التي يتردد صداها بقوة اليوم مع رغبة إدارة أميركية أخرى في تغيير نظام آخر في منطقة نادراً ما ترتفع فيها العواقب غير المقصودة".
بحسب بيرنز، فإنّه لم يكن من الصعب تخيّل إدارة الرئيس الاسبق جورج دبليو بوش اغتنام هذه الفرصة أمامها، وكان فريق الأمن القومي التابع له ذا خبرة ومجرباً، "وفي الوقت الذي تحرك فيه الجيش الأميركي للمساعدة في الإطاحة بنظام "طالبان"، تقدمت وزارة الخارجية إلى الأمام بشأن عدد من المبادرات الدبلوماسية التي أدت الى كسب القبول الروسي لإقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإطار "العقوبات الذكية" على العراق الذي يستهدف بشكل أكثر حدة أنشطة الحكومة غير المشروعة، وليس المدنيين الأبرياء".
ولكن ما حصل جاء مخالفاً للواقع، وسرعان ما تغلبت على هذه الأجندة وجهة نظر بديلة، ما أدى الى إهتزاز الإدارة الجديدة بشكل سيء، وسط الحاجة الى إعادة تأكيد القوة الأميركية. ويتابع بيرنز" أصبح تغيير النظام في العراق بمثابة اختبار جدي لنهج الإدارة بعد 11 أيلول. وجد الرئيس بوش، أن سياسة احتواء صدام حسين كانت سلبية للغاية وغير كافية لتحديات هذه اللحظة في التاريخ".
يروي بيرنز في مذكراته أنّ بوش كان مأسوراً بما فيه الكفاية ليطلب من موظفي مجلس الأمن القومي إجراء تحقيق سريع حول ما إذا كان لصدام حسين دور في هجمات 11 أيلول، ليأتي الجواب بـ"لا، لا لبس فيه". ويتابع: "لقد أضفت أن قضية الحرب كانت ضعيفة للغاية. لم يكن هناك "دليل على وجود دور عراقي" في هجمات 11 أيلول، وحاولنا مرة أخيرة في وقت لاحق من ذلك الصيف في المحاججة لتجنب الحرب – عبر تلخيص، كل شيء في مكان واحد، للمخاطر العميقة لنزاع سيء الإعداد وغير مدروس".
ويتابع بالقول: "لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى بدأت سياستنا تجاه العراق في الانهيار. إن الانتصار المبكر بعد الإطاحة بصدام حسين أفسح المجال أمام تمرد خطير، تسارعت فيه قرارات مضللة بشكل مأساوي بحل الجيش العراقي ومنع أعضاء حزب البعث بزعامة صدام من أداء أي دور في القطاع العام. بعد زيارة صيفية مبكرة لبغداد، اختبرت قدرتي على الاستخفاف بالدبلوماسية ويبدو أننا وقعنا في حفرة كبيرة جداً في العراق".
ويختم المسؤول الأميركي حديثه بالقول بإنّ "الخطايا الأوسع للإغفال تدور حول تكاليف الفرصة البديلة، والطريق الذي لم يُسلك. كيف كانت ستكون الأمور مختلفة بالنسبة لدور أميركا في العالم والشرق الأوسط إذا لم نقم بغزو العراق في ربيع عام 2003؟ ماذا لو حاولنا تسخير التدفق الهائل للنيات الحسنة الدولية وشاركنا القلق بعد هجمات 11 أيلول الفظيعة في اتجاه مختلف وأكثر بناءة؟ كان ذلك سيتطلب محاولة حقيقية للدبلوماسية القسرية في العراق، والصبر في نهجنا والاستعداد للمشاركة في تصميمه وتنفيذه. لقد كان من وراء قوتنا وخيالنا إعادة تشكيل الشرق الأوسط، مع الإطاحة بصدام حسين أو من دونه، لكن من المؤكد أننا يمكن أن نجعل منطقة مضطربة بالفعل أسوأ ونزيد من تآكل قيادتنا ونفوذنا. وقد فعلنا".