واعتبرت الصحيفة أنّ "الحقيقة بدت واضحة في قانون الدولة القومية، الذين أقر العام الماضي، وجعل الفلسطينيين مواطنين من الدرجة الثانية، وهذا عار لو كان نتنياهو يشعر بالخجل".
وجاء في النص الكامل للافتتاحية:
"مرة أخرى نتنياهو يحقر مكتبه
أعلن نتنياهو، اليوم، أن إسرائيل ليست دولة لكل مواطنيها.
ينبغي أن تكون كلماته صادمة، ولكنها في الحقيقة تؤكد بشكل صريح رسالة قانون الدولة القومية الذي أجيز في العام الماضي وحول الفلسطينيين في إسرائيل إلى مواطنين من الدرجة الثانية.
لو كان نتنياهو يشعر بالعار لكانت كلماته معيبة، ولكن إصراره على الترشح من جديد رغم مواجهته تهماً بالرشوة والاحتيال يؤكد أنه لا يخجل، بل لقد نال شهرته من خلال زرع بذور الشقاق والانقسام.
وهذا الإجراء العنصري الأخير متوقعٌ منه، ونفس الشيء يمكن أن يقال عن طلب نتنياهو العون من الأحزاب اليمينية المتطرفة.
ويذكر أنّ نتنياهو هو من دبر عملية الاندماج بين حزب "القوة اليهودية" المعادي للعرب وحزب "البيت اليهودي" المناصر للمستوطنين لمساعدتهم في اجتياز العتبة الانتخابية وبذلك تمكن من تشكيل ائتلاف بقيادته تشارك فيه هذه الأحزاب. كان حزب "القوة اليهودية" يشتمل على أتباع مثل الحاخام الراحل مئير كاهانا، الذي تمّ حظر حزبه "كاخ" داخل إسرائيل وصُنف من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
والآن يدعو نتنياهو ورثة كاهانا للمشاركة في الحكومة، وهم الذين يدعون – ضمن أشياء أخرى – إلى طرد العرب من إسرائيل. وحتى لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، والتي تدعم إسرائيل بشدة في الولايات المتحدة، هاجمت القرار ووصفت "القوة اليهودية" بأنه حزب عنصري وكريه. بل أوصى النائب العام في إسرائيل بأن يمنع زعيمه مايكل بن آري من المشاركة في العملية السياسية (إلا أن مفوضية الانتخابات لم توافق، وفي نفس اليوم أصدرت قراراً بحظر المشاركة على بعض المرشحين العرب).
إلا أن أولئك الذين يصوتون لصالح نتنياهو يعرفون ما الذي يحصلون عليه، فقد فاز في انتخابات 2015 جزئياً بفضل ما أصدره في اللحظة الأخيرة من تحذير خسيس بأن "الناخبين العرب يتجهون نحو مراكز الاقتراع زرافات ووحدانا" – أي من خلال التحريض على عداوة مواطنين يمارسون حقهم في الانتخاب. وفي نفس الوقت تجده يحتضن المعادين للسامية في الخارج ويُقصي أعداداً كبيرة من يهود الشتات، ولا أدل على ذلك من تحالفه مع الرئيس الأمريكي، وهو تحالف ينبئ بالكثير.
فيما لو نجا نتنياهو من الآن حتى الصيف فسوف يتفوق على دافيد بن غوريون بكونه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول مكوثاً في هذا الموقع. إلا أن إعلان النائب العام بأنه يخطط لتوجه تهم له تتعلق بثلاث من قضايا الفساد جعل استطلاعات الرأي تتحول بجلاء لصالح تجمع "الأزرق والأبيض" الذي يتصدره حزب "مرونة إسرائيل" بزعامة رئيس الجيش السابق بيني غانتس وحزب "ييش آتيد" بزعامة وزير المالية السابق يائير لابيد. يتميز هذا التحالف ليس بالقضية التي يدعو إليها وإنما بالخصم الذي يقف في مواجهته.
تأتي هذه الانتخابات لتكون بمثابة استفتاء على نتنياهو. ولكن هناك مؤشرات الآن على أن الناخبين يتأرجحون عائدين، وقد يتمكن اليمين من أداء أفضل أمام صناديق الاقتراع. وحتى لو تقدم "الأزرق والأبيض" على الليكود في عدد المقاعد، فقد حاك نتنياهو ائتلافاً بزعامته. وفي كل الأحوال، اختار غانتس أن يكون في موقع "من ليس نتنياهو" وليس في موقع المرشح المعادي لنتنياهو. ولذلك يظهر في مقاطع فيديو خاصة بحملته وهو يتفاخر بأنه قصف غزة وأعاد بعضاً من أجزائها إلى العصر الحجري في حرب عام 2014. كما أن أياً من الحزبين لا يؤيد صراحة حل الدولتين كمخرج للأزمة الحالية مع الفلسطينيين.
يعتقد مؤيدو نتنياهو بأنه وفر لهم الأمن والرخاء بالرغم مما تشهده المنطقة من حولهم من اضطراب، وهم على استعداد للتغاضي عن تعصبه وعنصريته، أو لنقل إنهم على استعداد لمكافأته عليها. ومع ذلك فقد تقدم المؤسسات الإسرائيلية على ما كان ينبغي على الناخبين فعله قبل وقت طويل. وبغض النظر عن النتيجة التي سوف يسفر عنها يوم الاقتراع، سوف يواجه نتنياهو إجراءات قانونية يتوقع أن تتخذ بحقه، مع أنه قد يسعى لتغيير القانون بحيث يصبح من المحال توجيه تهم لرئيس الوزراء طالما كان على رأس عمله. ولكن لا المحاكم ولا غانتس سيوقفون اندفاع البلد نحو اليمين وما سيتكبده الفلسطينيون جراء ذلك من أضرار، بما في ذلك الفلسطينيون من مواطني دولة إسرائيل نفسها. لن يحدث ذلك إلا إذا تشكلت لدى الناخبين رغبة في التغيير، وهو تغيير مطلوب بإلحاح.