وفي تحرك أثار الاستياء في سائر أنحاء إسبانيا، تحدى إقليم كتالونيا حظرا قضائيا على إجراء استفتاء ليعلن بعده الاستقلال عن إسبانيا.
وأحدث استخدام الشرطة للهراوات والرصاص المطاطي ضد المحتجين يوم التصويت صدمة في الداخل والخارج، واعتُقل بعض قادة الانفصال أو فروا من البلاد.
وستعيد المحاكمة التي تبدأ يوم الثلاثاء التركيز على مساعي الإقليم للانفصال التي هزت الهوية السياسية والثقافية لإسبانيا.
وستحدد المحاكمة إن كان قادة قطالونيا القوميون سيظلون في السجن. ويسعى المدعي العام لاستصدار أحكام بالسجن تصل إلى 25 عاماً بتهم التمرد وإساءة استغلال المال العام. وتضع هذه المحاكمة استقرار إسبانيا ومستقبل حركة الانفصال وصورة الإقليم والحكومة المركزية في الخارج على المحك.
وقال رئيس المحكمة العليا كارلوس ليسميس للصحفيين يوم الأول من فبراير شباط "هذه أهم محاكمة نجريها في النظام الديمقراطي".
ومن بين من سيمثلون للمحاكمة السياسيان المخضرمان أوريول جونكويراس وكارمي فوركاديل. ويغيب عن القائمة رئيس الإقليم السابق كارلس بودجمون الذي يعيش في المنفى في بلجيكا ومن ثم لا يمكن محاكمته في إسبانيا.
حكمٌ قضائي أم قرارٌ سياسي؟
الانفصاليون شككوا بمصداقية المحاكمة، واعتبروا أن المحكمة أشبه بدمية بيد الحكومة الإسبانية، مؤكدين على أن أي حكم سوف تصدره المحكمة سيكون متكئاً على قرار سياسي.
وكان التوتر ساد العلاقات بين مدريد وبرشلونة خلال السنوات الأخيرة، مع مطالبة إقليم كاتالونيا، وهو واحد من أغنى المناطق في أسبانيا، بالاستقلال بعد أن أعلن عن عدم تلقيه من الحكومة المركزية حصة عادلة من عائدات الضرائب.
وتحدّى إقليم كاتالونيا الحظر القضائي، وأجرى استفتاء في شهر تشرين الأوّل 2017 انتهى بالإعلان عن الاستقلال من جانب واحد، ورداً على ذلك قالت مدريد إن عملية التصويت باطلة ونتيجتها لاغية.
وفي يوم الاستفتاء، صُدم المجتمع الدولي من العنف الذي مارسته الشرطة الإسبانية، والرقابة التي فرضتها على عملية التصويت وعلى الأشخاص الذين أدلوا بأصواتهم، بعدها قامت الحكومة الإسبانية بحلّ الحكومة الكتالونية وفرضت حكماً مباشراً على الإقليم استمر لسبعة أشهر، وتم خلال تلك المدّة اعتقال بعض الزعماء الإنفصاليين، فيما تمكن آخرون من الهروب مثل بودجمون الذي تمكّن من مغادرة البلاد.
من الذي يحاكم وما هي التهم؟
اتهمت السلطات الإسبانية 20 انفصاليًا كتالونيا في عام 2017 لدورهم في محاولة الاستقلال، لكن العديد منهم، بمن فيهم بودجمون، ما زالوا في المنفى الاختياري، لكن 12 متهما عرضوا أمام المحكمة (اليوم) وهناك احتمال بأن يصدر بحقهم حكماً بالسجن لمدة تصل إلى 25 سنة بسبب إساءة استخدام الأموال العامة والفتنة.
وسيشهد أمام المحكمة أكثر من 500 شاهد بينهم رئيس الوزراء السابق ماريانو راخوي ومسؤولون في الحكومة المركزية وضباط شرطة ومواطنون عاديون.
وقال رئيس المحكمة العليا كارلوس ليشيم إنه لا يوجد حد زمني للمحاكمة، مضيفاً أن المحاكمة قد تستمر لمدة ثلاثة أشهر. وقال: إنه من غير المحتمل صدور الاحكام قبل شهر حزيران القادم.
وقد تم بالفعل زجّ تسعة من المتهمين في السجن لأكثر من عام بعد أن حرموا من دفع كفالة.
كما تجري محاكمات أخرى مرتبطة بالاستفتاء في كاتالونيا ومدريد، ومن بين الذين يمثلون أمام القضاء ضباط الشرطة الاسبان المتهمون باستخدام العنف لمنع الناس من التصويت، كما يواجه قائد الشرطة الاقليمى السابق فى كاتالونيا تهمة إحداث الفتن.
هل سيواجه القادة محاكمة عادلة؟
ويعتقد بعض الانفصاليين الكاتالونيين أن الأحكام قد كتبت بالفعل قبل بدء المحاكمة واتهمت المحاكم الإسبانية بالتأثير الشديد على السياسيين.
وقال روبرت سباتا آي جريبكوفن المتحدث باسم هيئة المراقبة الدولية، وهي منصة لمنظمات حقوق الإنسان ، لـ"يورونيوز": "هناك العديد من الشكوك من جانب الكاتالونيين والسياسيين والمراقبين الدوليين بأن الساسة سيؤثرون على الحكم النهائي للمحكمة". وقال سباتا: إن القضاة السبعة لديهم خبرة كبيرة لكن الاختبار سيكون إذا استطاعوا "الابتعاد عن المناخ السياسي".
ومع ذلك ، حذرت سباتا من أنها "علامة مقلقة" بأنه لم يتم السماح لجميع المراقبين الدوليين بالدخول إلى قاعة المحكمة، وبررت المحكمة العليا ذلك بالقول: بما أن الحدث كان يتم بثه على الهواء مباشرة، فليس هناك حاجة لوجود مراقبين داخل المحكمة. لكن بالنسبة إلى سباتا، لم يكن مشاهدتها على الشاشة شبيهاً بمراقبتها.
والجدير بالذكر أنه في تصنيف المفوضية الأوروبية للعدالة، تحتل إسبانيا المرتبة 28 خلف هنغاريا وبولندا بسبب النظرة العامة إلى محاولة استقلال كتالونيا والمحاكم التي أُقيمت على خلفية تلك المحاولة.