جنون إنتخابي وتبادُل «نشر الغسيل» و صرف النفوذ على غاربه

جنون إنتخابي وتبادُل «نشر الغسيل» و صرف النفوذ على غاربه
جنون إنتخابي وتبادُل «نشر الغسيل» و صرف النفوذ على غاربه

صحيفة الجمهورية

فيما تستمرّ المخالفات الفاضحة لقانون الانتخاب على كلّ المستويات بلا حسيب أو رقيب متمثّلةً بصرفِ نفوذٍ هنا وضغوطٍ على ناخبين هناك، وصولاً إلى التهديد بقطعِ الأرزاق وفبركةِ ملفات قضائية لهذا الموظف ورئيس البلدية أو ذاك، فضلاً عن استخدام ممتلكات عامة لغايات ومصالح انتخابية مثل استخدام رئيس الحكومة احدى طائرات الهليكوبتر التابعة لسلاح الجو اللبناني للقيام بجولة انتخابية في طرابلس، وفضلاً عن استخدام مرشحين مقرات رسمية لنشاطات انتخابية في ما تمنع على آخرين، يُقفل منتصف ليلِ اليوم باب تسجيل اللوائح الانتخابية التي يكتمل تشكيلها فصولاً اليوم، ليبدأ العدّ العكسي للمعارك الانتخابية التي ستبلغ ذروتَها يوم الأحد الكبير في 6 أيار المقبل، حيث ستجري الانتخابات في الدوائر الخمسَ عشرةَ في يومٍ واحد، ويتوقّع أن تشهد «أمّهات معارك» بين بعض القوى السياسية الكبرى في بعض هذه الدوائر.
قبلَ ساعات على انتهاء مهلة تسجيل اللوائح الانتخابية في وزارة الداخلية منتصف الليل الآتي «تساقطت» اللوائح الانتخابية، الواحدة تلوَ الأخرى، وسَقطت معها المبادئ الوطنية، وارتفعت حدّة التوتّر والتراشق السياسي وعلا الصراخ والضجيج، وبرَزت عناصر عدة للطعن بنتائج الانتخابات، وليس آخرها: تحيُّز الدولة في تقديم خدماتها، تعييناتها العشوائية، استعمال أجهزتها وإمكاناتها ووسائل نقلِها، إستعمال ماليتها وممتلكاتها، عدم تكافؤ الفرص أمام الناخبين وانعدام الرقابة على صرفِ المال الانتخابي.

وأمام اللوائح «الفسيفسائية» وغيابِ التجانس بين مكوّناتها، وعشيّة تقديم زعيم المتن نائب رئيس مجلس الوزراء السابق ميشال المر لائحتَه المتنية، نشَر رئيس مؤسسة «الإنتربول» الوزير السابق الياس المر على حسابه «إنستغرام» صورةً لوالده وقال: «كلنا حدّك أبو الياس – راجع لكُون حدّك، وكُون إلى جانب كِل يلّي وقِفت حدّن، مبارح، واليوم، وبُكرا. ويلّي ما حدا قدُن، نِحنا قدُن. وإنّ الله على نصرهم لقدير».

كلامُ المر استنهضَ المتنيّين واستنفر السياسيين وأثار الشكوكَ في صفوف المغرِضين وأقلقَ المنافِسين وطمأنَ المحبّين المناصرين، ووجَد صداه سريعاً في بنشعي، فغرّد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجيّة، قائلاً: ‏»كم نحترم دولة الرئيس ميشال المر الرَجل الرَجل في الأيام الصعبة».

سجالات

وحفلت الساعات الماضية بتراشقٍ «انتخابي» حادّ بين الرئيس سعد الحريري من جهة وخصمَي تيار»المستقبل»: الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي من جهة أخرى. فقد شنَّ الحريري من مدينة طرابلس خلال إطلاق لائحة تيار «المستقبل» في دائرة الشمال الثانية هجوماً عنيفاً على ريفي من دون أن يسمّيه، وقال: «…على ذِكر قلّةِ الوفاء لا نستطيع أن ننسى بطلَ العالم الذي يُغرقنا ليل نهار تقارير وتخويناً ومؤامرات، ويقول إنّه يحارب «حزب الله»… لماذا تخوض إذاً الانتخابات ضد «المستقبل؟».

وكذلك هاجَم الحريري ميقاتي من دون أن يسمّيه، فقال: «نحن لم نكن في رئاسة الحكومة وتفرَّجنا على 20 جولة قتال في طرابلس من دون أن نفعل شيئاً! نحن حين تسلّمَ دولة الرئيس تمّام سلام رئاسة الحكومة، غطّى الجيش وقوى الأمن الداخلي، ليفرضوا الاستقرارَ في طرابلس، ويَضمنوا الأمانَ لجميع أهلِنا في طرابلس. نحن لم نُتاجر بالشباب الموقوفين.

حين تسَلّمنا رئاسة الحكومة بدأنا نعمل على قانون عفوٍ، ورأيتم أنّ صوغه بات جاهزاً بإذن الله، وهذا الأمر سيحصل، يعني سيحصل. نحن لم نكن في رئاسة الحكومة، ونبيع الكلامَ من جهة ونعطّل المشاريع للمنطقة من جهة أخرى. نحن حين تسَلّمنا رئاسة الحكومة، أطلقنا مشاريعَ بعشرات الملايين من الدولارات بالبنى التحتية في الضنّية والمنية وطرابلس، وكلّكم ترَونها».

ردُّ ميقاتي على الحريري لم يتأخّر كثيراً، فأكّد أنّ «ذاكرةَ اللبنانيين عموماً وأبناء طرابلس خصوصاً ليست ضعيفة، ولا تزال في بالهم وقائعُ ليلة 19 كانون الأوّل 2009 التي شهدت احتضانَ الوصاية».

أمّا ريفي فقال لـ«الجمهورية»: «المرجَلة بوجه «حزب الله» والنظام السوري على المنابر الانتخابية في عكّار وطرابلس، تتناقض مع الاستسلام للحزب على طاولة مجلس الوزراء في بيروت، فهي شعبَوية ازدواجية بالمعنى السلبي تتوهّم أنّها تستطيع الضحكَ على ذقون اللبنانيين، فمَن سلّمَ الرئاسة والحكومة وقانونَ الانتخاب وقرارَ البلد لـ«حزب الله»، لا يحقّ له المزايدة والهوبَرة على المنابر في عكّار وطرابلس، ومَن غطّى معركة «حزب الله» في جرود عرسال، ومَن قال إنّ «حزب الله» يشكّل عاملَ استقرار ولا يَستعمل سلاحه في الداخل، لن يصدّقه اللبنانيون، فمواقفُه هي مجرّد حملة إعلاميّة دعائية وليست معركة سياسية في وجه مشروع إيران في لبنان».

ودعا ريفي الحريري إلى مناظرة أمام الرأي العام «الذي إليه نَحتكم»، وذلك بعدما اتّهَمه بأنه «يحاول تضليلَ الناس اليوم وتصويرَ الأمر وكأنه خلافٌ شخصيّ وهو يحاضر بالوفاء، فيما يَعرف الجميع أنّ خلافنا سياسيّ لأننا رَفضنا الخيارات الخاطئة التي كرّست الوصاية على لبنان».

باسيل ـ الخازن

كذلك، لم يمرّ كلام رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل خلال إعلان لوائح «التيار» مرورَ الكرام عند المرشّح عن المقعد الماروني في كسروان فريد هيكل الخازن ولا عند «المردة».

فبَعد قول باسيل إنّ «كسروان قلبُ لبنان والتيار هو قلبُ كسروان… أنتم من أوصَل رئيس الجمهورية فهل كان غريباً عنكم؟ لا غريب عن كسروان إلّا من يخوّن أهلها ويبيع قرارَها خارج الحدود». وحيّا الخازن «التيار»، لكنّه خاطبَ باسيل قائلاً: «أمّا أنتَ أيّها الوريث المكروه إرثُك في البترون، إخجَل من صفقاتك، تنعّم بثروتِك، واترُك كسروان لأهلها».

كذلك ردّ الوزير السابق يوسف سعادة على باسيل القائل: «نحن السياحة الدينية وهم البينغو، نحن خطة السير والنقل المشترك وهم رخص الـ Fume نحن الغد وهم الأمس..». فقال سعادة في تغريدة: «أنتَ لستَ «مبارح» وبالتأكيد لن تكون «بكرا»، أنت مجرّد عابر سبيل أوجدَته الصُدفَة».

أحد الشعانين

وفي هذه الأجواء، عمّت قداديس أحد الشعانين لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، لبنان، وكان اللافت خلالها غياب الحديث السياسي والانتخابي عن عظةِ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خصوصاً بعد زيارته بعبدا الجمعة الماضي. وأكّد الراعي في عظته أمس أنّ «الله أشرَكنا بملوكيته بواسطة سِرَّي المعمودية والميرون لكي نبنيَ مجتمعاتنا العائلية والاجتماعية والوطنية على التواضع والمحبّة والسلام».

البلد «مفلِس»

وإلى ذلك ظلّ تعبير «البلد مفلِس» الذي استخدمه رئيس الجمهورية، ونَقله عنه الراعي، لتوصيفِ الوضع المالي والاقتصادي مصدرَ قلقٍ ومتابعة. وعلى رغم التصويب الذي أعلِن لاحقاً، فإنّ التصويب نفسَه، وإن كان قد نفى صفة الإفلاس بمفهومه الحقيقي، إلّا أنه أشار في وضوح إلى أنّ الوضع يتّجه إلى أزمة مؤكّدة.

في الواقع، التحذيرات من الكارثة أو الإفلاس أو ما شابَه ذلك، ليست حديثة، بل تعود إلى سنوات خلت. وإذا كانت الكارثة لم تقع حتى اليوم، فهذا لا يعني أنّها لن تقع غداً أو بعد غدٍ. إنّها مسألة توقيت…

الوضعُ المالي والاقتصادي وبالأرقام باتَ معروفاً. وقد وصَل حجم خدمة الدين العام إلى نحو 5 مليارات من الدولارات سنوياً، وذلك بعدما وصَل حجم الدين العام إلى 80 مليار دولار، ولم يسجّل الاقتصاد نموّاً سوى 1% معدّلاً وسطياً في السنوات الثلاث الماضية. نموّ الدين العام اقترَب من نسبة 7% سنوياً، وهي نسبة مرشّحة للارتفاع في السنوات الثلاث المقبلة وصولاً إلى 10%. نسبة الدين على الناتج المحلّي أصبحت نحو 150%. نسبة العجز في الموازنة نحو 13%.

هذه الأرقام؛ ولمن يُجيد القراءة البسيطة والبدائية في الاقتصاد، يُدرك حجم التعقيدات التي بلغَها الوضع المالي والاقتصادي، والأهم يدرك إلى أين يتّجه البلد إذا استمرّ المشهد إذا لم يحصل تغيير دراماتيكي والمسار الحالي.

الموازنة و«سيدر»

وفي خضمّ استعدادات لبنان للمشاركة في مؤتمر»سيدر» علمت «الجمهورية» أنّ هناك احتمالاً كبيراً لدعوة مجلس النواب إلى الانعقاد الأربعاء والخميس من هذا الأسبوع لمناقشة الموازنة العامة وإقرارها في المجلس لتكونَ جاهزةً قبل سفر الوفد اللبناني الرسمي إلى المؤتمر المقرّر في 6 نيسان المقبل.

وتحضيراً لهذا المؤتمر يُعقد اليوم في باريس لقاءٌ وزاري وإداري لبناني – فرنسي، يشارك فيه عن لبنان الوزيران جمال الجرّاح ورائد خوري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، والمدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، ومدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السفير غدي خوري، ووفدٌ يضمّ ميراي عون الهاشم وفادي عسلي (مستشاري رئيس الجمهورية)، وآخَر يضمّ معاوني الحريري المستشارَين الدكتور نديم المنلا وهازار كركلا، وثالث مِن وزارة الطاقة والمياه.

ومِن المقرّر أن يكون الموفد الرئاسي الفرنسي بيار دوكازن في انتظار الوفد اللبناني لإجراء محادثات تمهيدية في حضور ممثّلين عن الدول التي ستشارك في المؤتمر، تحضيراً لأعماله .

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى