ماذا بعد إغتيال سليماني... حرب شاملة أم عودة إلى المفاوضات؟

ماذا بعد إغتيال سليماني... حرب شاملة أم عودة إلى المفاوضات؟
ماذا بعد إغتيال سليماني... حرب شاملة أم عودة إلى المفاوضات؟

في رصد للمواقف التي تلت إغتيال الجنرال قاسم سليماني، سواء من قبل المسؤولين الإيرانيين أو المسؤولين الأميركيين، تتوضح الصورة عمّا ستكون عليه مشهدية المرحلة المقبلة في المنطقة، مع رجحان كفة التصعيد على خط طهران – واشنطن، إذ يُتوقع أن تكون ردّة الفعل الإيرانية متناسبة مع حجم الخسارة التي منيت بها، مع إعتقاد البعض بأن الردّ الإيراني سيكون محصورًا، من دون أن يعني ذلك الدخول في مواجهة مفتوحة، بإعتبار أن لإيران في الوقت الراهن حسابات أخرى تأخذ في الإعتبار وضعها الإقتصادي المتعثّر في ظل الحرب الإقتصادية المفروضة عليها أميركيًا. في المقابل لا تبدو الإدارة الأميركية في وارد الدخول في مواجهة غير مضمونة النتائج، وما يمكن أن تؤدي إليه من إنعكاسات على وضعية الرئيس الأميركي دونالد ترامب عشية خوضه معركة التجديد لولاية ثانية، مع ما يواجهه من زوابع داخلية.

ففي أعقاب إغتيال سليماني، أكد ترامب أن الإجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة جاء ليضع "حدا لفظائع" سليماني لا لخوض حرب. وأضاف ترامب أن بلاده لا تبحث عن تغيير النظام الإيراني على الرغم من "البلبلة" التي يحدثها في المنطقة، معتبرا أن الشعب الإيراني "شعب عظيم ذو تراث عظيم".وقال "إن واشنطن إتخذت قرار تصفية سليماني لتضع حدًّا للحرب لا لكي تنطلق في حرب". وهذا يفسّر في شكل واضح أن واشنطن لا تريد الدخول في حرب مواجهة مع إيران، التي قد تكون أقرب إلى إستعدادها لهذه الحرب من أميركا، إلاّ أن الإعتقاد السائد، ووفقًا لمنطق الأشياء، أن الردّ الإيراني على إغتيال سليماني، وهو ردّ حتمي، سيكون مدروسًا لكي لا يقود إلى حرب شاملة، وهذا الأمر يذكر بردّ "حزب الله" على إستهداف إسرائيل لمجموعة حزبية داخل الأراضي السورية، وهو ردّ جاء بمثابة حفظ ماء الوجه، وهو أتى بهذا الحجم المحدود، بعد التشاور مع القيادة الإيرانية، التي لم ترَ وقتها أن الظرف الإقليمي يسمح بمغامرة عسكرية واسعة النطاق.

وتبعًا لذلك، وعلى رغم جسامة الخسارة التي منيت بها إيران، فإن حسابات الربح والخسارة من أي عملية ثأرية تأخذ في الحسبان مجمل الوضع من زواياه كافة، وذلك تحسبًا لأي دعسة ناقصة قد تقود إلى نتائج لا يمكن تحمّلها في الظرف الراهن.

وفي تحليل تدرجي لمواقف الإدارة الأميركية يمكن الإستنتاج بأن الرئيس الأميركي يسعى من خلال ما يفرضه من واقع جديد في المنطقة إلى إستدراج إيران إلى طاولة المفاوضات وفقًا للشروط الأميركية المثيرة للجدل، إذ لا يمكن ترك الأمور غير محسومة، بحسب القراءة الأميركية لمستقبل المنطقة، خصوصًا أن واشنطن تسعى إلى ترسيخ أقدامها في منطقة مضطربة، وذلك لفرضها توازنًا في معادلات القوة، ومحاولة لترسيخ وجودها والمحافظة على الكيانات المتماهية مع سياساتها الخارجية.

فهل تنجح واشنطن في ما تسعى إليه في ظل الظروف الراهنة، أم عليها أن تنتظر اللحظة المؤاتية بعد مرور العاصفة، في محاولة منها لفرض ما يمكن فرضه من خلال إتباعها سياسة "العصا والجزرة"؟


اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى