صحيفة الاخبار
على الرغم من أن الرئيس سعد الحريري بنى نواة خطابه في مؤتمر روما 2، أمس، على مبدأ النأي بالنفس، خرق الوفد الرسمي اللبناني سياسة النأي بالنفس عن العناوين الداخلية الخلافية، وفي طليعتها القرار 1559، إذ إنه لم يرفض أو يتحفّظ على ما تضمنه البيان الختامي الذي وزّعه مكتب الحريري ليلاً، من إشارة واضحة للقرار الدولي 1559، الذي يدعو إلى نزع سلاح المقاومة.
وبذلك، يكون الوفد الحكومي الذي يرأسه الحريري، ويضمّ الوزراء نهاد المشنوق وجبران باسيل ويعقوب الصرّاف، قد تجاهل رفض فئة لبنانية وازنة للقرار 1559، خصوصاً في ظلّ تصاعد التهديدات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على سيادة لبنان في البر والبحر. ويذكّر البيان الختامي لمؤتمر روما، بما حدث قبل أشهر في لقاء باريس، حيث تضمّن البيان أيضاً إشارة مماثلة إلى القرار 1559، وعمد الحريري وباسيل وقتها إلى تقاذف المسؤوليات عن الأمر، أمام القوى السياسية الأخرى!
في الشكل، حقّق مؤتمر روما 2 المخصّص لدعم الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية «الصورة المطلوبة» محليّاً ودوليّاً (41 دولة)، وفي المضمون، أكد على دعم القوى العسكرية اللبنانية وربط المساعدات بشكل واضح بـ«الاستراتيجية الدفاعية»، التي عادت إلى الواجهة لتكون عنواناً لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية.
وبمعزلٍ عن آلية ترجمة الدعم العربي والدولي للمؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية، إلّا أن حضور ممثلي عدد كبير من الدول العربية، وخصوصاً الخليجية، جاء ترجمة لزيارة الحريري الأخيرة للسعودية. ومع ازدياد الدعم الغربي، وتحديداً الأميركي والبريطاني، للجيش والأجهزة الأمنية، لا يمكن إهمال رؤية هذه القوى لمسار دعم الجيش، ومحاولات تحويله إلى قوّة توازن داخلية في وجه حزب الله، في سياق عنوان سياسي عبّر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في كلمته أمس، بقوله «دعم لبنان الشرعي مصلحة للمجتمع الدولي».
وعدا عن إعلان البريطانيين، على لسان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت، عن مساعدات جديدة للجيش وقوى الأمن، لم تتضح بعد النتائج العمليّة للمؤتمر، بانتظار عودة الوفد اللبناني إلى بيروت.
في كلمته الافتتاحية، ربط الحريري بين دعم الأجهزة العسكرية والاستراتيجية الدفاعية، معتبراً أن «من مصلحتنا الوطنية الحفاظ على هذا الإجماع الدولي كما هو، ولذلك نحن ملتزمون القيام بدورنا في هذا الإطار». وأشار الحريري إلى إعلان الرئيس ميشال عون أنه ستتم مناقشة استراتيجية الدفاع الوطني في أعقاب الانتخابات التشريعية في أيار المقبل، معلناً انضمامه إلى دعوة عون لـ«المجتمع الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية، من أجل تمكينها من الاضطلاع بواجبها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وفقاً لاستراتيجية الدفاع الوطني. لقد التزمنا الاستثمار في جيشنا وقواتنا الأمنية في موازنتنا الجديدة ومعاً، وبدعمكم والتزامكم يمكننا بناء شراكة قوية لحماية مؤسسات الدولة اللبنانية».
ولفت الحريري إلى «التزام الحكومة قراري مجلس الأمن 1701 و2372 اللذين بحد ذاتهما يحضّان المجتمع الدولي على دعم قواتنا المسلحة»، معلناً إرسال «المزيد من جنود الجيش اللبناني إلى الجنوب، ونؤكد نيتنا نشر فوج نموذجي»، وأشار إلى أن «إسرائيل وضعت خططاً لبناء جدران في المناطق المتنازع عليها على طول الخط الأزرق مع لبنان».
من جهته، قال رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتليوني، إن هدف المؤتمر هو دعم أمن لبنان عبر المؤسسات الامنية والعسكرية اللبنانية، «وهذا يشكل عنصراً أساسياً للاستقرار». وأكد «اننا نقرّ بالخطوات المسجلة قدماً في مجال الاستقرار من قبل الرئيسين عون والحريري، وهما يبذلان جهوداً سوف تشهد لنقلة جديدة في السادس من أيار المقبل مع إجراء الانتخابات البرلمانية، وهي مناسبة لنقرّ مرة أخرى بدور لبنان في إدارة أزمة اللاجئين».
بدوره، قال غوتيريس إن «الأسرة الدولية تعرب عن التزامها التام بوحدة واستقرار لبنان وسيادته ووحدة أراضيه، علماً بأن لبنان هو إحدى الركائز القليلة للاستقرار والأمن في المنطقة، ومن الضروري جداً الحفاظ على هذا الواقع». وشدّد على أن «المسألة ليست مسألة تضامن، بل هي مصلحة ذاتية للاسرة الدولية، إذ إن ضمان وحدة واستقرار لبنان، هو أيضاً دعم للاستقرار في المنطقة وإسهام في الحد من التهديدات التي تقوّض السلام، والتي نواجهها في العالم حالياً».
وأجرى الحريري على هامش المؤتمر سلسلة لقاءات، أبرزها مع الممثل الشخصي للرئيس الروسي للشرق الاوسط ونائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، ومع زير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، ووزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية اليستر بيرت، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ووزير خارجية مصر سامح فهمي. كذلك التقى الحريري مساعد وزير الدفاع السعودي محمد بن عبدالله العايش في حضور وزيري الداخلية نهاد المشنوق والخارجية جبران باسيل ورئيس البعثة الدبلوماسية السعودية في لبنان وليد البخاري.
والتقى وزير الداخلية نهاد المشنوق على هامش المؤتمر الموفد الروسي بوغدانوف وعدداً من المسؤولين العرب والأجانب.