أنزلوا طرابلس عن ظهوركم..

أنزلوا طرابلس عن ظهوركم..
أنزلوا طرابلس عن ظهوركم..
تحت عنوان "أنزلوا طرابلس عن ظهوركم"، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال":
على مدار ليلتين من الاحتجاجات الغاضبة والاعتداءات المتبادلة بين المتظاهرين والقوى الأمنية، والمتظاهرين فيما بينهم، والتوتر الذي أحدثه المندسون المعروفون لدى الأجهزة الأمنية، والغاضبون الخارجون من مناطقهم وأحيائهم الفقيرة دفاعا عن رموزهم، بدأ البعض يزج بإسم طرابلس في تلك الأحداث، وصولا الى إتهام أبنائها باثارة الشغب وتحميلهم مسؤولية ما حصل، وكأن الفيحاء هي “بؤرة توتر” تهدد محيطها القريب والبعيد.

على مدار ستين يوما من الثورة، لم تقدم طرابلس سوى التحركات والأنشطة الحضارية والراقية التي لفتت أنظار العالم أجمع، حيث شكلت ساحة عبدالحميد كرامي مساحة إلتقاء وحوار جمعت عشرات الآلاف من المواطنين من دون أن تشهد ضربة كف، باستثناء ما حاول فعله بعض المندسين ليلة 26 تشرين الثاني من أعمال شغب، تصدى لها الجيش اللبناني وتبرأت منها طرابلس بكل مكوناتها.

بدا واضحا ليل أمس، أن المؤامرة مستمرة على طرابلس التي بعدما شكل أهلها على مدار سنوات سدا منيعا في وجه الفتنة، حاول البعض أن ينتقل بهذه الفتنة الى خارجها، في محاولة لوضع فقراء من منطقة الشمال ككل في وجه فقراء مناطق أخرى، في لعب دنيئ على وتر مذهبي كان يفترض من وزيرة الداخلية ريا الحسن بدل أن تدعو المتظاهرين الى الخروج من الشوارع بسبب وجود مندسين، أن تسارع الى إعطاء تعليماتها للتصدي لأصحاب الفتنة المتنقلة وكشف النقاب عنهم وعمن يقف خلفهم والعمل على توقيفهم جميعا بتهمة الاخلال بالأمن وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية في هذه الظروف الدقيقة والحساسة.

لا يمكن لطرابلس أن تقبل بأن يصار الى تشويه صورتها مجددا بعد كل ما قدمته على طريق الثورة منذ إنطلاقتها في 17 تشرين الأول الماضي، وإن كان ثمة مغرر بهم من المدينة إستدرجوا أو دُفعوا الى تلك الاحتجاجات والاستفزازات فهؤلاء لا يقبل أحد أن يمثلوا طرابلس أو أن يختزلوا أهلها الذين يتطلعون الى العيش بسلام وأمن وإستقرار مع جميع اللبنانيين، ويرفضون الاساءة الى أي شخصية سياسية أو الى أي رمز من رموز لبنان، لأن ذلك ليس من شيمهم ولا من عاداتهم ولا من أخلاقهم.

أمام هذا الواقع، لا بد من دعوة “المصطادين بالماء العكر” من أي جهة إنتموا، بأن “أنزلوا طرابلس عن ظهوركم”، خصوصا أن المدينة عانت الأمرين عندما حولها البعض الى صندوق بريد لنقل الرسائل المتفجرة، وأرادها البعض الآخر ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات السياسية والأمنية، وعندما أمعنت الدولة في حرمانها وتهميشها وشل مرافقها وإفقار أهلها، وهي غير مستعدة اليوم لأن تكون صندوق بريد متنقل يحمل الفتنة بين بعض المناطق من خلال مغرر بهم من بعض أبنائها، أو منتحلي صفة الانتماء إليها، أو من مناطق شمالية مختلفة من عكار والمنية والضنية وغيرها يحسبون أنفسهم عليها، فطرابلس مدينة السلام والحياة والتعايش ستدافع عن نفسها بالتلاقي مع كل المكونات اللبنانية، ومن لديه رأي آخر ويريد النفخ في بوق التوتر والفتنة، فإن المدينة ستلفظه وتحيله الى الأجهزة الأمنية التي آن الأوان أن تقوم بواجباتها في حماية السلم الأهلي وعبره حماية المتظاهرين.

طرابلس التي دفعت دما ودمارا وفقرا وتهميشا وحرمانا ثمن خياراتها، إنتفضت في ثورة 17 تشرين الأول من أجل فجر جديد ينصفها ويعيد إليها حقوقها وحضورها كعاصمة ثانية، وليس من أجل إستخدامها مجددا في مشروع أمني جهنمي لا يشبهها، ولا يمكن أن تقبل به..

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري: “الحكي ببلاش”… والجلسة في موعدها