أما على خط آخر، تستبعد مصادر مواكبة لهذا المسار أن يكون التوافق بين "التيار الوطني الحر" و"القوات" والكتائب في مجلس النواب متّحدين ومجتمعين برفضهم وشجبهم سحب المشاريع الإنمائية والتنموية في جبل لبنان، مشروع تحالف سياسي، إنما ما جرى كان على خلفية المصالح السياسية والإنتخابية لكل فريق منهما، وعدم ترك الساحة لطرف معيّن كي يستأثر بالساحة المسيحية، ولا سيما على المستويين الإقتصادي والتنموي، والإدعاء بأنه من يسعى للمشاريع الإنمائية والحيوية.
من هذا المنطلق، هناك أجواء عن تبدّل الصورة السياسية ـ التحالفية خلال هذه المرحلة بين كل المكوّنات السياسية من أحزاب وتيارات، وذلك "على القطعة"، دون أن يكون ذلك بمثابة تحالفات استراتيجية حول هذا الملف وذاك، إذ لا يمكن لـ "القوات اللبنانية" أن تنسجم مع "التيار الوطني الحر" حول أي ملف سياسي داخلي، والأمر عينه مع الكتائب، ولكن هناك إجماع وتناغم حول الملفات الإقتصادية والتنموية المناطقية.
وترى المصادر ذاتها، أن بعض العائدين من الخارج يؤكدون بأن الوضع السياسي الداخلي في لبنان يتّجه إلى إعادة صياغة واقعه الداخلي، ترابطاً مع واقع المنطقة وما يمكن أن يحصل في المرحلة اللاحقة، وبالتالي، فإن تحالفات التيارات والأحزاب المسيحية باقية على ما هي عليه، بحيث أن البعض مع هذا المحور، والآخر مع ذاك، والأمر عينه للقوى المقابلة ولا سيما تيار "المستقبل"، الذي لا يمكنه الخروج من تحالفاته إن مع الحزب التقدمي الإشتراكي، وحتى مع "القوات اللبنانية، وذلك على الرغم من التباينات والخلافات الهائلة بينهما، وهناك مساعٍ كبيرة وحثيثة تجري لإصلاح هذه العلاقة، ولكن ما هو مؤكد، أن البعض يشير في مجالسه، إلى أن قضايا كثيرة ستتبدّل لبنانياً، حتى أن ثمة من يقول أن قانون الإنتخاب الحالي، والذي جرت على أساسه الإنتخابات النيابية الأخيرة، لن يبقى كما هو، فإما يجري تعديله أو يتم تغييره جذرياً، وإذا استدعت الظروف السياسية والإقتصادية على خلفية ما يريده المجتمع الدولي من لبنان، إن على صعيد "سيدر" أو ما تقدّمه الدول المانحة، فربما يكون هناك حديث عن تغيير حكومي، وهذه العناوين مجتمعة قد تبدأ مرحلة متغيّراتها وتبدّلاتها بالإنقشاع خلال الأشهر القليلة المقبلة، على ضوء ما ستؤدي إليه العملية السياسية والميدانية في سوريا واليمن والعراق وصولاً إلى القضية الفلسطينية، وما يسمى بشكل عام "صفقة القرن".