حضر القداس ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الوزير منصور بطيش، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب فريد الخازن، ممثل رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل النائب سيزار ابي خليل، ممثل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الوزير ريشار قيومجيان، النواب: الان عون، شوقي الدكاش، انطوان حبشي وابراهيم عازار، ممثل قائد الجيش العماد جوزاف عون العميد الركن زياد نصر، ممثل المدير العام لامن الدولة اللواء انطوان صليبا العقيد بيار براك، وفاعليات سياسية وعسكرية ودينية وبلدية واختيارية واقارب واصدقاء المطرانين الجديدين.
أضاف: "نحن هنا أمام قصة حب بل دعوة إلى الحب بكل أبعادها. كان سؤال يسوع لبطرس إذا كان يحبه أكثر من رفاقه الذين كانوا معه في ذاك الصيد العجيب. واستعمل لفظة تعني باليونانية "Agape": الحب المضحي بالذات، الحب الملتزم بإخلاء الذات. وهذا ما اتضح في الكلمات التي "دل بها يسوع على أي ميتة سيمجد بطرس بها الله" (يو19:21). فكان صلبه على مثال معلمه على تلة الفاتيكان سنة 67، في عهد الامبراطور الطاغية نيرون. أما بطرس فقد استعمل بجوابه، لتواضعه، اللفظة اليونانية الأخرى "Philo" أي المودة المجبولة بالحب الصافي".
وتابع: "هذه هي دعوتكما الأسقفية، أيها الأسقفان الحبيبان. دعوة إلى حب المسيح، الحب الصافي، الصادق، المتفاني في بذل الذات. هذا الحب عاشه وشهد له واستشهد من أجله الشهداء الثلاثماية والخمسون من تلاميذ مار مارون، سنة 517، في أعقاب المجمع الخلقيدوني المنعقد في سنة 451. ونحن نحتفل بعيدهم اليوم، وشئنا معا أن تكون رسامتكما الأسقفية فيه. إن حبكما هذا للمسيح يصبح رسالة خدمة المحبة الراعوية في الكنيسة. أنتما لم تسعيا يوما بطرق بشرية إلى الأسقفية. بل يسوع "راعي الرعاة العظيم" (1بط4:5) دعاكما، باختيار الروح القدس وآباء السينودس المقدس، وقبلكما في الشركة الأسقفية قداسة البابا فرنسيس. إختاركما المسيح لأنه قرأ في قلبيكما الحب الصافي له، ورأى بأي حب قمتما بالرسالة التي أوكلت إلى كل واحد منكما: المطران بيتر كرم في أبرشية سيدة لبنان لوس أنجلس، في الولايات المتحدة الأميركية، والمطران أنطوان عوكر في رحاب الرهبانية الأنطونية المارونية الجليلة. فيسعدني مع إخواني السادة المطارنة أن نرحب بكما بين أعضاء سينودس أساقفة كنيستنا البطريركية المارونية المقدس، ونهنىء الأبرشية والرهبانية، وأهلكما والأقرباء والأصدقاء في القوزح والليلكه وأي مكان".
وأردف: "لقد خدمت، أيها الأخ الحبيب المطران بيتر، في أبرشية سيدة لبنان - لوس أنجلس منذ رسامتك الكهنوتية في 2 كانون الثاني 1988 في خمس رعايا كانت آخرها رعية مار مارون Cleveland (أوهايو) منذ تسع عشرة سنة. كما خدمت في مسؤوليات ومجالس ولجان متنوعة على مستوى الأبرشية، إلى جانب مسؤوليات أخرى على هذا الصعيد. فوضعت في كل هذه الخدمات ما تميزت به من فضائل وصفات كهنوتية وإنسانية من بينها التجرد والاتزان والعمق في التفكير والرأي، وما اكتنزت من علم ومعرفة بدأتهما في جامعة القديس يوسف في بيروت، ثم في الجامعة الكاثوليكية في واشنطن، وتوجتها بشهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ميونيخ في ألمانيا، مع إتقان اللغات العربية والفرنسية والانكليزية والألمانية. وقد كسبت ثقة وتقدير المطارنة الذين تعاقبوا على رعاية الأبرشية، وصولا إلى سيادة أخينا المطران عبدالله - الياس زيدان. كما خصك الكهنة بمحبتهم، وهم متمثلون في الذين أتوا من الولايات المتحدة الأميركية ليشاركوا في هذه الرسامة المقدسة".
وقال الراعي: "وأنت، أيها الأخ الحبيب المطران أنطوان، سعيت في الرهبانية الأنطونية المارونية إلى كمال المحبة، مذ دعاك الرب يسوع للسير على خطاه فيها، وأنت في الرابعة والعشرين من عمرك، وكنت أنجزت إجازة تعليم الرياضيات في الجامعة اللبنانية - كلية العلوم، ومارست تعليم هذه المادة. لبيت هذه الدعوة بفرح لم يبرح قلبك، ولم يغب عن محياك. في الرهبانية تعلمت روح الصلاة والتفاني في الخدمة وفرح العطاء، عشت بها نذورك الرهبانية الثلاثة. وتوسمت فيك السلطة في الرهبانية النباهة والمستقبل الواعد فأرسلتك لمتابعة دروسك اللاهوتية والكتابية في جامعة ليون الكاثوليكية، ثم إلى القدس، حيث تابعت في مدرستها البيبلية الدروس الكتابية واللغات القديمة، بالإضافة أخيرا إلى شهادة الدكتورا في اللاهوت من كلية اللاهوت الحبرية في جامعة الروح القدس، الكسليك. وانطلقت إلى الرسالة مكتنزا كل هذا العلم واللغات الحية العربية والفرنسية والإنكليزية، واللغات القديمة السريانية واليونانية والعبرية، ومتشددا بنعمة الكهنوت الذي رقيت إليه سنة 1996، بعمر اثنتين وثلاثين سنة. فدرست مادة الكتاب المقدس واللغات القديمة في خمس جامعات كاثوليكية. وفي الرهبانية الأنطونية خدمت في رعية مار الياس أنطلياس، وتوليت إدارة تحرير مجلة "حياتنا الليتورجية"، وعينت مرشدا وطنيا لجماعات إيمان ونور، وأسندت إليك رئاسة دير مار أشعيا برمانا ودير مار روكز الدكوانه. ثم انتخبت نائبا عاما للرهبانية الجليلة. وفوق ذلك تركت العديد من المنشورات والمقالات في الكتاب المقدس، يبلغ عددها ما يناهز الخمسة والثلاثين".
أضاف: "أنتما مهيآن، أيها الأسقفان العزيزان، ليقيمكما المسيح الرب راعيين بإسمه للكنيسة بالكلمة والنعمة (نور الأمم 10). ففي هذه الرسامة الأسقفية، تنالان من المسيح سلطانا مقدسا، بوضع اليد ومسحة الميرون، كعلامة لحلول الروح القدس الذي يصوركما من الداخل على صورة المسيح رأس الأحبار، فيجعلكما معلمي الإيمان الأصيلين، وخادمي نعمة الأسرار لتقديس المؤمنين، وراعيين صالحين متفانيين في رعاية شعب الله بالمحبة والحقيقة (CD 2). فتمارسان هذه الوظائف الثلاث بشخص المسيح الرأس وبإسمه (نور الأمم 10.18)".
وتابع: "تأتيان إلى الكرسي البطريركي معاونين لنا ونائبين بطريركيين. ولكل واحد منكما قطاع عمله ومساحة مسؤولياته في الدائرة البطريركية. لكن خدمتكما هذه تتعدى نطاق الكرسي البطريريكي لتكون في خدمة كل كنيستنا، بأبرشياتها ورهبانياتها وشعبها. كما أنها لا تنحصر في إطار محدد، بل تقتضي جهوزية دائمة لتلبية المطالب والخدمات التي يحملها إلينا أبناء كنيستنا وبناتها وسواهم، من مختلف الأنواع. يأتون إلى الكرسي البطريركي بثقة وأمل، فلا نستطيع إلا أن نسمعهم بمحبة، ونخدمهم بإخلاص. ومعا نسهر على نشر القيم الروحية والأخلاقية، وعلى حماية المبادىء والثوابت الوطنية. ومعا نندد بالظلم وانتهاك كرامة الإنسان والتعدي على حقوقه، ونخاطب الضمائر، ونقول كلمتنا بحرية ومسؤولية حيثما تجب، من دون أية مساومة، فالبطريركية تبقى محط الآمال والملاذ للجميع".
وختم: "فيما تخلفان في الكرسي البطريركي كلا من سيادة المطران بولس عبد الساتر الذي انتخبه السينودس المقدس رئيسا لأساقفة بيروت، وسيادة المطران يوحنا - رفيق الورشا الذي عيناه بالاتفاق مع مجمعنا الدائم معتمدا بطريركيا لدى الكرسي الرسولي ورئيسا لمعهدنا الماروني الحبري في روما، أود هنا أن أعرب لهما، مع الأسرة البطريركية، عن الشكر العميق على الخدمة الممتازة التي أدياها، كل واحد في قطاع مسؤولياته، متمنين لهما النجاح في رسالتيهما الجديدتين لمجد الله وخير الكنيسة. وهذا ما نرجوه أيضا لكما، أيها الأسقفان الحبيبان، بنعمة الثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
ثم ترأس الراعي رتبة السيامة الاسقفية وصلوات وضع اليد وتلبيس الشارات الحبرية، معلنا سيامة الاسقفين الجديدين.
وألقى عوكر كلمة شكر باسمه وباسم كرم، قال فيها: "بعد الشراكة التي منحنا إياها قداسة البابا، وبعد كلمتكم ووضع يدكم، لا يمكننا إلا الانذهال أمام تدبير الله. قصة الكتاب المقدس هي قصة انذهالات، ففي المحطات الأساسية من تاريخ شعب الله، كان الكتاب الملهمون يقفون متأملين بعمل الله الذي قادهم الى هذه المحطة الأساسية أو تلك. وعندما فهم الرسل خلاص الرب بموته وقيامته، راحوا يتذكرون ما قام به يسوع ويشهدون لأعماله وأقواله. اكتشف شعب الله أن الأساسي في علاقته بربه هو محبة الرب ورحمته، لا الوصايا والشريعة (آدم، الخروج، يسوع)".
أضاف: "نحن أيضا، المطران بيتر وأنا، وقفنا هذه الوقفة التأملية أمام هذا الاختيار المقدس لنكون أسقفين في الكنيسة، وانذهلنا بعمل اصبع الله الذي قاد حياتنا منذ الطفولة وصولا الى هذه المحطة التي هي خدمة الخدم في الكنيسة. بالطبع لن تكون كلمتنا شهادات خاصة، فالشهادات الخاصة يؤديها كل واحد في قداس الشكر: المطران بيتر في كنيسة مار يوسف - القوزح في الرابع من شهر آب، الساعة الحادية عشرة، وأنا في كنيسة مار الياس - انطلياس في الحادي عشر من شهر آب، الساعة 12,15. كلمتنا اليوم ستكون كلمة عرفان جميل وشكر. في هذه المناسبة الروحية والكنسية السامية، لا بد من كلمة شكر تتوجه الى كل من حضر لها وحضرها".
وتابع: "في الختام، يبقى لنا أن نقر بضعفنا، وأن نعترف مع الرسول بولس بأن قدرتنا تكمن بالذي يقوينا. في هذا الضعف نطلب نعمة الله وصلواتكم جميعا حتى نكون على قدر المسؤولية الموكلة الينا".
وختم: "أمنية أخيرة. نحن نائبان بطريركيان، لن يكون لنا ذكر مباشر في تذكارات (نوايا) القداس. اذكرونا إذا سمحتم ضمن إسم صاحب الغبطة وتحت جناحه لننمو بالحكمة والنعمة والقامة. وهذه قيمة مضافة الى أسقفيتنا أن نكون نائبين بطريركيين، وهذا ما نعتز به".
ثم تقبل الراعي والمطرانان الجديدان التهاني.