الجبل 'نار تحت الرماد'... فهل ستنفجر في مجلس الوزراء اليوم؟

الجبل 'نار تحت الرماد'... فهل ستنفجر في مجلس الوزراء اليوم؟
الجبل 'نار تحت الرماد'... فهل ستنفجر في مجلس الوزراء اليوم؟

تحوّلت أحداث قبرشمون أمس، الى نوع من النار تحت الرماد، على وقع المساعي الحثيثة والسريعة لتطويق الحادثة ولملمت ذيولها منعاً لتفلت الوضع الأمني، خصوصاً بعد إعلان أهل الضحيتين رامي سلمان وسامر أبو فراج عدم تسلم جثمانيهما قبل تسليم مطلقي النار إلى السلطات القضائية، أو احالة الملف على المجلس العدلي، وهذا كان محور اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي عقد في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون.


المجلس الأعلى للدفاع
ولعلّ انعقاد المجلس الأعلى للدفاع كان خير دليل على دقّة الوضع الأمني في البلاد، وعلم من المصادر الرسمية عبر "النهار" أن أبرز ما تقرّر في المجلس الاعلى للدفاع، مواكبة الاجراءات الأمنية والقضائية باتصالات سياسية تولاها رئيس الجمهورية من جهة مع النائب طلال ارسلان والوزير صالح  الغريب في اجتماعه معهما أكثر من ساعتين، فيما تولى رئيس الوزراء سعد الحريري اتصالات مماثلة مع الفريق الجنبلاطي بلقائه الوزير وائل بو فاعور. 

كما علم أن قرار احالة الجريمة على المجلس العدلي خضع لنقاش دقيق في المجلس الاعلى للدفاع، وكان الرأي يترجّح بين اتخاذ قرار فوري بالإحالة، أو انتظار التوسّع في التحقيقات الجارية للحصول على مزيد من المعطيات والأدلة للتثبّت من أن الجريمة كانت فعلاً محاولة اغتيال وليست مجرد اشتباك.

وأفادت مصادر مواكبة لاجتماع مجلس الدفاع لـ"اللواء" ان الحاضرين توقفوا مطولاً وعلى مدى ساعتين، عند الحادثة الخطيرة في قبرشمون، وعرضت كل التقارير بشكل مفصل عن جميع الملابسات، وجرى التركيز على الحؤول دون استغلال ما جرى لغايات أخرى والتحرك سريعاً في اتجاه التحقيقات المختصة وعودة الاستقرار إلى مناطق الجبل وفرض الإجراءات اللازمة.

وكشفت المصادر ايضا ان المعطيات التي توافرت تظهر وجود محاولة اغتيال مباشرة للوزير صالح الغريب لا بل اكثر من ذلك محاولة اغتيال مزدوجة لأن الوزير غريب في خلال توجهه الى لقاء الوزير باسيل في شملان لم يعترضه احد في الطريق اما في عودته ظنوا ان الوزير باسيل معه فحصل ما حصل.

وفي المعلومات المتوافرة انه بعد حديث الرئيس عون عن الركائز التي حددت في البيان شدد على المعالجة الأمنية والقضائية حتى لا تتكرر مثل هذه الحادثة ومنع اي استغلال لها. وافادت المصادر نفسها انه جرى التأكيد على ان المتابعة السياسية للملف تأتي بالتزامن مع المعالجة الأمنية والقضائية. وقد شدد الرئيس عون على اهمية استتباب الوضع الأمني وطلب التشدد في الأجراءات المتخذة وعدم التهاون مع اي امر.

اما الرئيس الحريري الذي ايد كلام رئيس الجمهورية لفت الى وجوب ان تحصل مواكبة سياسية للإجراءات الأمنية اذ ان هذه الإجراءات وحدها لا تكفي كما اكد على وجوب التهدئة في ظل التحديات التي تواجهها البلد.وفهم ان حديث الحريري عن الخلافات قصد به الخلاف الأرسلاني _ الجنبلاطي.

وكشفت هذه المصادر ان الوزير باسيل عرض لملابسات ما جرى وصولا الى الغاء زيارته، وقال انه على الرغم من دعوته لأكمال الزيارة فضل قطعها تحسسا منه بالمسؤولية الوطنية وعدم التذرع بأي امر، مؤكدا على التشدد بالإجراءات على انواعها.

وقالت ان المعطيات تقاطعت بشكل واضح عند وجود مجموعات مسلحة على الأرض وسطوح الأبنية في مكان الحادث الذي كان يستهدف اغتيال الوزيرين الغريب وباسيل.

وقالت مصادر معنية بوقائع اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي سبقه خلوة بين الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، لـ"الحياة" إن التباين بدأ قبيل بدء الاجتماع حين حصل سجال بقي محدودا بين باسيل ووزيرة الداخلية ريا الحسن، إذ أن الأول عاتبها على تصريح أدلت به حول الحادث الأمني في الجبل حين دعت إلى "عدم القيام باستنتاجات مسبقة" ردا على اتهامات حول الحادث. وأوضحت المصادر أن الحسن رفضت ملاحظته وردت عليه.

مجلس وزراء ملتهب اليوم
في الموازاة، تتجه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء اليوم، والتي كّلف اليها بحث احالة احداث قبرشمون الى المجلس العدلي، حيث علمت "اللواء" ان اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء لمعالجة الموقف قبل الوصول إلى الجلسة. ففيما يطالب فريق الوزير أرسلان بحصر الإحالة إلى المجلس العدلي بحادث قبرشمون، ومحاولة اغتيال وزير يطالب الفريق الجنبلاطي بأن تشمل الإحالة كل حوادث الجبل، بما في ذلك حادث الشويفات، الذي أدى إلى مقتل أحد أعضاء الحزب الاشتراكي واتهم الحزب الأمير أرسلان بإخفاء القاتل حينها.

وحتى ساعات الصباح الأولى، استمرت الاتصالات، قبل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة في السراي الكبير. وتأتي هذه الاتصالات على وقع الشكوك في كيفية جمع الوزير الغريب مع وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب على طاولة واحدة اليوم.

لقاء عون – ارسلان
وكانت أحداث الجبل محور اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية والنائب ارسلان في قصر بعبدا، بعد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع. وبحسب المعلومات لـ"اللواء" فان الرئيس عون بدا متفهماً لخطورة ما حدث، داعياً إلى التهدئة العامة عبر السياسة والقضاء والأمن، أوضح أرسلان انه تمنى والغريب إحالة ما وصفه "بمحاولة اغتيال وزير الدولة لشؤون النازحين إلى المجلس العدلي"، كما وضع بتصرف الرئيس عون عددا من المعلومات المتوافر لديه عمّا حصل.

وأفادت بعض المعلومات ان أرسلان اودع عون أسماء بعض الضباط الذين اعتبرهم مقصرين في مناع ما حصل.

وكان أرسلان ينوي في المؤتمر الصحفي الذي عقده ظهراً في خلدة كشف اسماء هؤلاء، ومن بينهم مدير المخابرات العميد طوني منصور، لكنه قال انه تلقى اتصالاً من وزير الدفاع الياس بوصعب تمنى فيه عليه عدم تسمية الضباط، وانه رضخ لطلبه، لكنه قال ان الجيش لا يستطيع الاستمرار في مزارع مذهبية داخل تركيبته، متمنياً على العماد جوزف عون ان لا يصدق كل المستندات المرسلة إليه.

أحداث الجبل ليست مجانية
في المقابل، أكدت مصادر وزارية لـ"الديار"، ان ما حصل في الجبل خلال الساعات القليلة الماضية لن يكون دون ثمن سياسي، واذا كان الملف الامني سيقفل على انتشار عسكري مكثف للقوى الامنية في ظل عدم رغبة احد من المتورطين في الاحداث باستمرار الصدام على الارض، فان موضوع تسليم الجناة الى الاجهزة المختصة امر مفروغ منه في ظل اصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على المضي قدما في هذا الاتجاه، اقله لتهدئة "النفوس" لدى الطرف الذي سقط من عنده الضحايا.

ووفقا للمصادر الوزارية البارزة، لن تمر احداث الجبل هذه المرة "مجانا" جراء التوترات التي نجا منها الوزير صالح الغريب، وفي هذا الاطار الاتجاه الان ينصب على ما هو ابعد من معالجة ذيول الحادث، ويرى الكثيرون من "خصوم" المختارة ان الفرصة سانحة اليوم لاخراج الملف الدرزي من بين يديه وتوزيعه على كل القوى الوازنة في الجبل وهذا ما سينعكس على التعيينات المقبلة وخصوصا على التشكيلات العسكرية التي لن تكون هذه المرة وفقا لاهواء الحزب التقدمي الاشتراكي.

زيارات باسيل
وبعد الجبل يستعد باسيل لزيارة طرابلس. وهو وإن كان مُصراً على استكمال جولاته بحسب "الأخبار"، إلا أن الاكيد ان ما حصل معه هو الاول بهذا الحجم منذ بداية العهد وتوليه شؤونه الرئاسية، لن يوقفه لأن أي خطوة تراجعية قد يستفيد منها خصومه وتؤثر في مساره. لكن حجم ما حصل هزّه فعلياً.

ورجحت مصادر موثوقة ل"الحياة" أن يلغي باسيل محطة طرابلس، مشيرة إلى أن الرئيس عون انحاز إلى النصيحة بإلغائها، طالبا من باسيل تجميد زياراته، خصوصا أن ظروف حادث الشحار الغربي أدت إلى استنفار قوة أمنية كبيرة ساعدت على خروجه من بلدة شملان قبل حصول الاشتباك المسلح. وذكرت المصادر أن قياديين في "التيار الحر" يميلون إلى وجوب وقف تحركات باسيل نظرا إلى الانعكاسات التي تتركها على الوضع السياسي العام في البلد.

وكشفت المصادر لـ"الحياة" عن أن النصيحة بأن يتوقف باسيل عن القيام بالزيارات المناطقية التي تتخللها استعراضات سياسية وأمنية في المواكب التي ترافقه، ويترتب عليها مشاكل واحتجاجات على طريقة دخوله إلى هذه المناطق، جاءت في سياق التأكيد أن رئيس "التيار الحر" ليس مضطراً لخوض معارك "قبل 3 سنوات من استحقاقها"، في إشارة إلى طموحه الترشح لرئاسة الجمهورية والترويج لشخصه ولسياسته في ظل عهد الرئيس عون، خصوصا أنها تأتي بمفعول عكسي، نظرا إلى اللغة التحريضية التي يعتمدها.

في المقابل، تعتقد مصادر وزارية مناهضة للوزير جبران باسيل ان ثمة ابعاداً اخرى لزياراته للمناطق، اذ ربما كانت ترتبط بخشيته انهياراً محتملاً للبلد في ظل المشاكل الاقتصادية التي يواجهها وان ما يحصل هدفه تحميل المسؤولية عما سيحصل الى مسائل امنية يتورط فيها افرقاء كثر فتضيع مسؤولية العهد باعتبار ان الواقع الاقتصادي من مسؤولية هذا الاخير كما هو الشأن السياسي وفي وقت يجد رئيس "التيار الوطني الحر" صعوبة في القاء التبعة على شركاء التسوية السياسية القائمة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى