أخبار عاجلة

دولة تُشجّع على الدخان 'بألف ليرة' ولبنانيون يتوّهمون الخلاص ببخار!

دولة تُشجّع على الدخان 'بألف ليرة' ولبنانيون يتوّهمون الخلاص ببخار!
دولة تُشجّع على الدخان 'بألف ليرة' ولبنانيون يتوّهمون الخلاص ببخار!
لم يكن ينقص قانون منع التدخين في الأماكن العامة سحقاً وضرباً وتفريغاً من مضمونه وأهدافه، إلا "خزعبلة" رسم الألف ليرة على كلّ نرجيلة، والتي ابتدعها المسؤولون ووضعوها كبند في الموازنة العامة! تأكد، مجدداً، المؤكد: الدولة لا يعنيها أن توقف الناس التدخين. ليس مهماً إن قضى في لبنان 4000 شخص سنوياً أو أكثر بسبب السجائر، ولا يهمّ إن تكبدّت الخزينة في المقابل تكاليف ضخمة بسبب الفاتورة الصحية للتدخين. هذا كلّه هراء. المهمّ أن تجبي الدولة أموالاً. بأي طريقة وأي وسيلة. بدا واضحاً جداً أنّ الحكام عندنا لم يفرضوا رسماً بقيمة ألف ليرة على كلّ نرجيلة تباع في المطاعم والفنادق والمؤسسات المرخصة من أجل حضّ المواطنين على التوّقف عن قتل النفس بالتبغ والتنباك، بل من أجل جباية حفنة من المال كان يمكن أن تتأمن بسهولة ووفرة أكبر فيما لو فُرضت ضرائب ورسوم مرتفعة على السجائر ومشتقاتها، وفيما لو طُبقّ القانون رقم 174، المتوفي خنقاً، للأسف. لكن أصلاً، من قال إن الدول المتحضرة، عندما تجعل ثمن علبة الدخان يوازي غراماً من الذهب، إنما تهدف إلى تنمية ماليتها العامة؟! في الحقيقة هي تفعل ذلك بهدف حماية مواطنيها ودفعهم إلى التفكير ألف مرة قبل إشعال سيجارة!

لبنان يدوس القانون كأعقاب السجائر!

يوافق رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي على أنّ "لبنان لا يسير إطلاقاً على السكّة الصحيحة في مجال مكافحة التدخين". 
وفي اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ (31 أيار) الذي خصصته منظمة الصحة العالمية لرفع مستوى الوعي العالمي حيال المخاطر الكبيرة للتبغ، وتشجيع الحكومات على اتخاذ معايير متشددة للحد من استخدامه، وحضّ الأفراد على الإقلاع عن التدخين، يبدو لبنان الرسمي والشعبي غير معنيّ بـ "الاحتفال" ولا بالمشاركة في تلك المسؤوليات الإنسانية!
في حديث لـ "لبنان24"، يقول عراجي إن "قانون منع التدخين في الأماكن العامة لم يُطبّق للأسف إلا لشهور قليلة، رغم الجهود التي بذلناها في لجنة الصحة النيابية لصوغه وإخراجه إلى النور، وها هو قد لقي مصير العديد من القوانين المرعيّة الإجراء في هذا البلد، بسبب تراخي الإدارات والسلطات التنفيذية المولجة السهر على تطبيقه".
المفارقة أنّ التدخين في الأماكن العامة، بما فيها المطاعم والفنادق والمقاهي، قد تفاقم بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الماضية، يؤكد عراجي. هذا الفلتان تتحمّل مسؤوليته الوزارات المختصة، وعليه لم يتوان النائب، وهو طبيب أمراض القلب، عن تقديم أسئلة إلى الحكومة منذ مدّة، بشأن قانون منع التدخين، وآفة المخدرات، وغياب الإعلانات التوعوية حيال مخاطر الإدمان على الوسائل الإعلامية، وعودة إعلانات الترويج للأعشاب الطبية.
ويشرح في هذا الصدد أنه إذا لم تجب الحكومة ضمن المهلة القانونية على أسئلته، فمن حقه تحويلها إلى استجواب، وهذا ما ينوي على فعله!
لكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟!

"القانون بطلّع مصاري"

الحكومة هي ذاتها التي قبلت بوضع رسم بقيمة ألف ليرة على كلّ "راس أرجيلة". بالنسبة إلى عراجي، فإنّ "هذه الخطوة سلبية، بالطبع". أصلاً، أين تكمن الرقابة وكيف يمكن ضبط الموضوع في ظلّ انتشار ظاهرة بيع النراجيل بواسطة الديليفري أو في دكاكين في كلّ شارع وحيّ؟! يعود رئيس لجنة الصحة النيابية إلى القانون 174 الذي يمكن أن يُدخل إيرادات جمّة من خلال العقوبات، وهو ما قد يضاهي مجموع الأموال المجباة من "رسم الألف". "القانون بطلّع مصاري"، يقول مذكّراً بأنه طرح أكثر من مرة في خلال مناقشة موازنات سابقة رفع أسعار علب الدخان أسوة بالعديد من البلدان الغربية، وهو ما يساهم في تغطية الفاتورة الصحية، لكنّ الطرح جوبه برفض من قبل البعض تحت ذريعة "زيادة التهريب". وبحسب بعض الأرقام غير الرسمية، فإن عمليات تهريب الدخان عبر المعابر غير الشرعية تُكبّد الخزينة حالياً خسائر بـ 150 مليون دولار. ويعلّق عراجي منتقداً:"يعني عم بصير في تهريب وما غليتو الدخان؟!"، معتبراً أن الدولة كمن يقول "أنا لست قادرة على ضبط الحدود ولا على إغلاق المعابر الشرعية".

"وليش زايد السرطان؟"

في الموازاة، يكشف عراجي أنّ أعداد المدخنين في لبنان مرتفعة وهي تتجه إلى مزيد من الارتفاع في ظلّ غياب تطبيق القانون، وهو ما ينعكس حكماً على الصحة العامة. وبحسب الإحصاءات، فثمة ارتفاعٌ ملحوظ في نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين وسرطانات الرئة. وهذا ما يؤكده النائب والطبيب، إذ يلفت إلى أنّ "أشخاصاً في الثلاثينات من أعمارهم باتوا يصابون بأزمات قلبية، ناهيك عن سرطان الرئة، كاشفاً أن "فاتورة الأمراض السرطانية والمستعصية بلغت في العام 2018 حوالي 230 مليار ليرة!".
وإذا كانت السيجارة قاتلة البشر الشرسة، فإنها أيضاً عدّو البيئة والطبيعة. وفي هذا الصدد، يُحذّر عراجي من خطر الحرائق التي تقضي على المزروعات القمحية والأحراج والمساحات الخضراء، لا سيّما في هذا الفصل، وذلك بسبب رمي أعقاب السجائر من نوافذ السيارات.

حملة 2019: الصحة الرئوية تحت المجهر

وهذا العام، وتحت شعار "لا تجعل التبغ يحبس أنفاسك، إختر صحتك وليس التبغ"، تطلق منظمة الصحة العالمية حملتها من أجل نشر الوعي حول الأخطار الناجمة عن تدخين التبغ والتعرّض لدخان التبغ غير المباشر، مركزّة على الصحة الرئوية بصفة خاصة. 
ويسبب التدخين غير المباشر أي الدخان الذي يملأ المساحات المغلقة عندما يستخدم الناس منتجات التبغ ويستنشقه الآخرون، حوالي 000 900 حالة وفاة مبكرة كل عام.
ويحتوي دخان التبغ على أكثر من 000 4 مادة كيميائية، منها 250 مادة على الأقل معروف عنها أن ضارة و50 أخرى معروف عنها أنها تسبب السرطان. وبحسب منظمة الصحة العالمية ،فلا يوجد أي مستوى مأمون من دخان التبغ غير المباشر. وتقول إنه "ينبغي أن يكون كل شخص قادراً على أن يتنفس هواء خالياً من دخان التبغ غير المباشر، علماً أن القوانين الخاصة بالأماكن الخالية من دخان التبغ هي قوانين شائعة تحمي صحة غير المدخنين ولا تلحق الضرر بالأعمال التجارية وتشجّع المدخنين على الإقلاع عن التدخين. ويتمتع أكثر من مليار شخص أو نسبة 16٪ من سكان العالم بحماية القوانين الوطنية الشاملة الخاصة بالأماكن الخالية من دخان التبغ".

منتجات التبغ المُسخّن والسجائر الإلكترونية

في لبنان، بات شائعاً مشهد شخص يحمل سيجارة إلكترونية أو ما يُشبه النرجيلة من دون "تنبك". تقنياً، تنتمي السجائر الإلكترونية إلى "الأنظمة الإلكترونية لتوصيل النيكوتين" (ENDs)، وهي عبارة عن أدوات لا تحرق أوراق التبغ أو تستخدمها، بل تقوم بدلاً من ذلك بتبخير محلول معين ومن ثم يستنشقه مستعملها. والمكونات الرئيسية للمحلول، علاوة على النيكوتين إن وجد، هي البروبيلين غلايكول المخلوط بالغليسيرين والنكهات المطعمة أو بدونها. وتحتوي محاليل نظم إيصال النيكوتين إلكترونياً وانبعاثاتها على مواد كيميائية أخرى، وبعضها يُعتبر من المواد السامة.
وفيما يرى البعض أنها بديل أكثر صحياً من السجائر التقليدية أو وسيلة لوقف التدخين، يعتبر البعض الآخر أنها طريق التفاف من قبل شركات التبغ العالمية لتجنيد مدخنين جدد، أو أنها ببساطة "وهم قاتل".
يقول النائب عراجي في هذا الصدد إن "البدائل المطروحة للتدخين هي "كمن يضحك على حالو"، لافتاً إلى أنها "غير مدروسة علمياً، ولا يمكن بالتالي الجزم بأنها أقلّ ضرراً من السجائر التقليدية". ويرى عراجي أن "التدخين عادة أكثر منه إدماناً، وعندما تتوفر الإرداة يسهل الإقلاع عنه".
بدوره يلفت الاختصاصي في الأمراض الرئوية الدكتور نبيل خوري في حديث لـ "لبنان24" إلى أنّ "السجائر الإلكترونية ليست أقلّ ضرراً من السجائر العادية، لا بل قد تضاهيها خطورة بسبب بعض الغازات السامة جداً المنبعثة منها"، ومنبهاً إلى أن لا دراسات علمية نهائية تجزم ما يدعيه البعض من أنها بديلاً صحياً من السيجارة العادية، ولا يمكن أن تكون سبيلاً إلى الإقلاع عن التدخين.
ويؤكد د. خوري أنّ العلاجات التي قد تساعد على وقف التدخين تشمل علكة النيكوتين واللصقات وبعض الأدوية (غير المتوّفرة بكثرة في لبنان)، إلى جانب المتابعة النفسية من قبل الاختصاصيين والمعالجين والأطباء.
وعليه، لا ينصح الطبيب باستهلاك هذه البدائل، سواء احتوت على النيكوتين أم لا، فهي تُبقي مستهلكها في حال من الإدمان، وتعرّضه إلى الإصابة بأمراض سرطانية متنوّعة، وعلى رأسها سرطان الرئة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى