زار وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، مدينة جبيل، تلبية لدعوة من النائب زياد الحواط الذي رافقه في خلال الجولة مع منسق القوات في جبيل عبده ابي عقل.
وقد استهل الجولة بزيارة منزل المناضلة انطوانيت شاهين وجوزيف صليبا في تحية إجلال لمسيرتها وهي التي عاشت الاعتقال ظلما في زنزانة في وزارة الدفاع لخمس سنوات وأصبحت اليوم سفيرة لحقوق الإنسان تجوب عواصم العالم داعية لاحترامها.
اتحاد بلديات جبيل
وانتقل بعدها الى اتحاد بلديات جبيل حيث التقى رئيس الاتحاد فادي مرتينوس ورؤساء البلديات في حضور قائمقام جبيل نتالي مرعي الخوري.
ومن هناك قال في “ذكرى حل حزب القوات اللبنانية”: “كنت دائما اقول للقيادة الحزبية انه علينا عدم احياء هذه الذكرى، بل يجب ان تكون انطلاقة للمستقبل ولبنائه، وانا ضد احياء ذكرى حل حزب بل بالعكس يجب علينا ان نظهر للجميع ان هذا التاريخ هو نقطة انطلاق جديدة لمشروع قيامة لبنان من جديد”.
وأردف: “صحيح انهم حلوا حزب القوات اللبنانية وحاولوا دفنه، لكننا قمنا في اليوم الثالث وانتصرنا، وها نحن اليوم موجودون في الحكومة والمجلس النيابي في مسيرة بناء لبنان والدولة والانسان فيها”.
وأعرب عن سروره واعتزازه بزيارة مدينة جبيل “لما لها من دور وطني وسياحي وانمائي”، منوها بـ”روح التعايش التي تميز هذه المدينة على مر العصور، وخصوصا انها حافظت على هذا التعايش بين ابنائها رغم الظروف الاليمة التي مرت على الوطن”.
وتحدث عن تاريخ مدينة جبيل “العريقة”، مؤكدا انه “بالإضافة الى تمسكنا بالتاريخ والتراث والرمزية التي تشكلها هذه المدينة، فاليوم اصبحت المدينة النموذجية في الانماء والسياحة والتطور والحداثة، من حيث البيئة والالتزام بالقوانين”.
ودعا رؤساء البلديات واهالي قضاء جبيل الى “المحافظة على النموذج القروي والطابع القروي بعيدا عن الاسمنت العشوائي الذي يشوه تراثنا وتاريخنا وعدم تدمير هذا التراث الذي تركه لنا الاجداد”. كما تحدث عن “دور الوزارة في تنمية الانسان، اضافة الى التنمية الاجتماعية”، مشيرا الى ان “الانسان الجبيلي هو نموذج عن لبنان الذي نعرفه ونحبه، لبنان التعايش الاسلامي المسيحي السلمي، وهذه المدينة حافظت على هذا التعايش خلال فترة الحرب اللبنانية وهذه نقطة مهمة تسجل لأبناء هذا القضاء”.
وكشف عن “مسح كامل تقوم به الوزارة لجميع مراكز الشؤون الاجتماعية في كل لبنان من اجل تفعيلها وتطويرها، من اجل ان تكون مراكز نموذجية تؤدي خدمة فعالة للمواطنين في كل احتياجاتها”. واعتبر ان “ما حصل في مدينة جبيل يحفز كافة المدن لان تقتدي بهذه المدينة انمائيا وسياحيا واجتماعيا”.
وأعلن ان “هناك العديد من المشاريع لمدينة جبيل التي تمت الموافقة عليها من قبل الوزارة، ونحن بانتظار التمويل لها من اجل انجازها، واهمها مشروع تأهيل طريق جبيل عنايا”. واضاف: “نمر اليوم في لبنان بفترة تقشف، وميزانية الوزارة محدودة، ولكن بالرغم من كل ذلك سنعمل على تنفيذ المشاريع التي تخدم المجتمع والانسان في جبيل وكل لبنان”.
واكد انه “بالتعاون والتضامن نستطيع تحقيق الكثير من المشاريع”، وان “أبناء بلاد جبيل مؤتمنون على تاريخ ارضهم واديرتهم وتراثهم وارثهم”، خاتما بالتشديد على ان الوزارة في خدمة كل اللبنانيين، وآملا ان يحقق كل المشاريع الواجب تحقيقها”.
بدوره شكر النائب الحواط قيومجيان على زيارته، لافتا الى “المعاناة التي تعيشها البلديات في هذه الايام، وخصوصا المالية منها، نتيجة عدم دفع الدولة لها العائدات البلدية سواء من الصندوق البلدي المستقبل او عائدات الخليوي، لان هذه العائدات تؤمن وفرا ماليا يساعد البلديات على القيام بدورها الانمائي”.
وأمل ان تساعد الوزارة البلديات على تحقيق مشاريعها من خلال الدول والجمعيات المانحة والانطلاق بها، داعيا رؤساء البلديات الى “تقديم مشاريع مدروسة كي تتمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من تأمين التمويل اللازم لها، شرط ان تكون هذه المشاريع ذات منفعة هامة”. وأمل “ان تتخطى البلديات في الايام القليلة المقبلة الازمة المالية التي تعيشها”، متمنيا على قيومجيان “المساعدة لكي تصرف الدولة المستحقات المالية للبلديات للقيام بدورها الانمائي وتحقيق حاجات المواطنين”.
واستغرب الحواط “كيف ان الدولة لم تدفع المستحقات المالية للبلديات وتحتجزها منذ سنة، في حين كان من المفترض ان تكون هذه الاموال في صندوق مخصص للبلديات، الا انها صرفت في مكان آخر”.
وكانت كلمة ترحيبية لرئيس الاتحاد فادي مرتينوس رحب فيها بالحضور.
مركز منسقية جبيل في “القوات”
ثم انتقل قيومجيان الى مركز منسقية “القوات”، حيث تحدث قيومجيان عن “العلاقة التي تربطه بالمقاومين الابطال في هذا القضاء”، مؤكدا ان “جبيل كلها ستكون قوات في ساعة الخطر، كما ستكون كذلك في السياسة من اجل بناء الدولة والمؤسسات والانماء، وهي برهنت انها ستكون رأس حربة في محاربة الفساد وصادقة وتخطط وهي الوحيدة التي ستبني الدولة في المستقبل”.
وقال: “في الماضي وضعت لائحة اعلانية كتب عليها: ابتسم انت في ذوق مكايل. واليوم عليكم ان تضعوا لوحة اعلانية مكتوب عليها: افتخر انت في جبيل ونائبنا هو زياد الحواط”.
أضاف: “أنا افتخر بهذه المدينة التي حافظت على العيش المشترك رغم الصعاب التي مرت على هذا الوطن، فجبيل هي عنايا ارض القديس شربل وسيدة ايليج والقطارة حيث كان نضالي الاول”.
وتوجه الى القواتيين بالقول: دوركم ريادي وطبيعي واساسي في المرحلة الحالية، فالتحديات امامنا كثيرة، في الماضي كان التحديات وجودية وان نبقى في هذه الارض وتشبثنا بها فدافعنا عنها وحافظنا على التاريخ والوجود وايماننا بهذا الوطن، وشهداء جبيل يتحدثون عنها وعن بطولاتها ومساهمتها في الحفاظ على الدولة في لبنان، فهذا التحدي تجاوزناه بكل جدارة وايمان. أما التحدي الثاني فكان في تمرير فترة الاحتلال ومقاومته سياسيا وعلى رأسنا كان الحكيم، والبعض منا قيد الى التحقيق ومنع من العمل السياسي وادخل الى السجن، ورغم ذلك اجتزنا هذا التحدي وانتصرنا بالحفاظ على وجودنا كحزب سياسي ومقاومة سياسية وخرجنا منتصرين”.
وتابع: “أما التحدي اليوم فهو نضال سياسي وبناء مؤسسات والحفاظ على الدولة وتطويرها وليكون القيمون على هذه الدولة كفوئين ونظيفي الكف ولديهم الرغبة في الممارسة الشفافة والصحيحة والعلمية بعيدا عن الفساد والمحسوبيات الحزبية، وان يكون لدينا الرغبة في تطوير مؤسسات الدولة وتحديثها، والحكومة الالكترونية جزء صغير منها وليست كل شيء.
وشدد على “ضرورة محاربة الفساد ووقف الهدر والتقشف لاجتياز المرحلة التي نعيشها”، مؤكدا ان “القوات تسير في هذا الاتجاه، وتعمل على ايصال اشخاص يتمتعون بالكفاءة والشفافية لاستلام زمام الامور في الدولة”.
وقال: “نحن حزب الارتباط بين القمة والقاعدة، لان ما يربطنا مع بعضنا البعض تاريخ ونضال ومعاناة مشتركة تخلق هذه اللحمة بين القيادة والقاعدة. وعليكم ان تفتخروا بذلك، وانا متأكد انها ستكون لحمة الآمال المشتركة والمشروع الذين نعمل من اجله”.
وختم: ادعوكم الى ان تكونوا فخورين بحزبكم وبانفسكم وان تعملوا من اجل انماء قراكم، وانخرطوا في كل المؤسسات المحلية لان السلطة المحلية هي التي سيكون لها الدور الاكبر في انماء القرى وتطوير مدارسها والمؤسسات المحلية، فكما حافظنا في السابق على هذا الوطن سنبقى نحافظ عليه، وسنبقى في هذه الارض متمسكين بها وسنكمل المشوار معا من اجل بناء مجتمع ودولة تليق بشعبنا وتاريخنا”.
اما الحواط فاكد ان “بلاد جبيل بحاجة الى الكثير من المشاريع الانمائية وسنعمل معا من اجل تحقيق القفزة النوعية التي وعدنا الناس بها في ايار 2018، وفي كل لقاء معكم يتجدد الايمان وتكبر المسؤولية لتحقيق الوعود والاهداف”. وقال: “يد واحدة لا تصفق، علينا جميعا ان نكون يدا بيد لوضع مشاريع بخدمة قضاء جبيل وتطوير قرانا والتشبث بارضنا، لان المعركة الكبيرة هي تثبيت اللبنانيين والجبيليين في قراهم في وجه مخطط التهجير الى المدن ومن ثم الى الخارج”.
بلدية جبيل
بعد ذلك توجه قيومجيان والحواط الى مبنى بلدية جبيل، مؤكدا “الاستمرار في تكملة المشاريع التي بدأت مع سلفه الوزير بو عاصي من اجل تحقيقها”. واعلن ان مشروعه وحلمه “ان يكون في لبنان كله اماكن وطرق لذوي الاحتياجات الخاصة وليس في جبيل فقط”.
وامل “ان تتحقق كل الآمال المطروحة وان توضع موضع التنفيذ”، مؤكدا على “اهمية التعاون بين السلطة المركزية المتمثلة بالوزارات والسلطة المحلية المتمثلة بالبلديات من اجل تحقيق الانجازات وتطوير حياة الناس الى الافضل، لكي يبقوا في ارضهم، وجعل كل قرانا نموذجية تليق بتاريخ قضاء جبيل ومكانتها على الخريطة اللبنانية والعالمية”.
ميتم الأرمن
بعد ذلك توجه الى ميتم الأرمن، حيث كان في استقباله النائب اغوب بقرادونيان، متحدثا عن “تضحيات الايتام الارمن والاجداد ومليون ونصف شهيد ارمني”، ومشيرا الى اننا “كلنا مؤتمنون على تاريخنا ووجودنا”.
وقال: “أهمية هذا المركز انه في مدينة جبيل التي هي مدينة الحرف والتاريخ اللبناني والتراث، وعليها ان تفتخر اليوم انها تحتضن هذا الميتم الذي منه ومن اديرة لبنان وارضه انطلقنا الى بلدان العالم، وحافظنا على تاريخنا ووجودنا كشعب ارمني، ومهما قلنا لا يمكننا الا ان نشكر لبنان وشعبه لاننا نعتبر انفسنا لبنانيين”.
وتابع: “هناك اجحاف بحق الطائفة الارمنية، وسأقوم بواجبي مع زملائي في الوزارة والمجلس النيابي الذي يمثلون الطائفة، وسنتعاون معا لرفع الغبن عن الطائفة الارمنية والعمل على خدمتها بما يخدم الطوائف الارمنية. وختم: “لا بد من ان ننحني امام تضحيات اجدادنا والايتام الارمن وسنصلي دائما لارواحهم”.
بدوره قال بقرادونيان: “اننا على ثقة انه سيكون للوزير قيومجيان اهتمام خاص لهذه المؤسسة الاجتماعية، وفي جولتنا داخل المركز سنتعرف على اهمية هذه الزيارة للحاضرين ولكل وطني حر يريد لبنان رمزا للديمومة والحياة”.
ووجه بقرادونيان “الشكر للنائب زياد الحواط الذي كان دائما الى جانب هذه المؤسسة منذ ان كان رئيسا للبلدية”، متمنيا “ان نكون جميعا اوفياء لها”.
وأكد الحواط في كلمته ان “الارمن في جبيل هم من صلب ونسيج هذا المجتمع الذي ساهم مساهمة فعالة برفع جبيل من مكان الى آخر، ونحن نفتخر معكم بهذا التاريخ، لان كل مناضل ومجاهد وكل شخص دافع عن الحق تؤدى له التحية”.
وقال: “الشعب الارمني قاوم وصمد وواجه، كما قاوم الكثيرين من اللبنانيين من اجل ان يبقى لبنان. وسنكون يدا بيد واياكم من اجل المزيد من التعاون والمشاركة للنهوض بجبيل والمحافظة على هذا المركز لما له من اهمية في تاريخ شعب تألم وبقي صامدا”.
ومن بعدها جال قيومجيان في ارجاء متحف “آرام بزيكيان” لايتام الإبادة الأرمنية برفقة النائبين زياد الحواط واغوب بقرودنيان حيث تجسيد لمحطات الإبادة الأرمنية والتهجير.
ودوّن قيومجيان على السجل: “انحني اجلالا واحتراما لتضحيات اهلي واجدادي، تضحيات الأيتام والارامل، النساء والرجال، الأطفال والمسنين… زيارتي الى هذا المكان هي عودة إلى هويتي وجذوري وتاريخي…. لن ننسى ابدا وسنتمسك بحقنا كشعب ارمني الآن وكل آن وإلى الأبد…”. وزار المدافن لينتقل الى معرض الزهور في السوق القديم. وتفقد مركز الشؤون الاجتماعية فيها.
غداء
وفي الختام، اولم النائب الحواط على شرف ضيفه والوفد المرافق، في مطعم “البيلسان” حضره النائبان سيمون ابي رميا وهاغوب بقرادونيان وممثل عن النائب مصطفى نجله فراس الحسيني.
الحواط لفت الى ان قيومجيان قدم طاقات وزارته من أجل جبيل، وخدمة جميع المراكز التابعة للشؤون الاجتماعية في هذا القضاء، ودعم المشاريع في البلدات وخصوصا تلك التي لا يوجد فيها بلديات من أجل دعم مشاريع تمول من جهات مانحة، مشيرا الى ان هذا ليس عمل الوزير، بل كل النواب والفاعليات الذين عليهم تقديم البرامج وفي مختلف الاختصاصات والميادين لترفع الى الوزير، والأخير يبحث مع الجهات المانحة عن تمويل لهذه المشاريع”.
وتحدث عن “مشروع يعمل عليه الوزير قيومجيان وهو تأهيل طريق جبيل- عنايا باتجاه مار شربل وصولا الى طريق القديسين، وهذا المشروع وضع على سكة حامية وبالطريق الصحيح لتأمين التمويل اللازم له، بالاضافة الى اطلاق مشروع النقل المشترك الذي سيدشنه وزير الأشغال العامة والنقل، وهو مشروع النقل النموذجي الذي يربط مدينة جبيل بالقضاء، ومن ثم بطرابلس وبيروت، وهذا مشروع يجب تعميمه في كل المناطق لتثبيت الناس في مدنها وقراها”.
اما قيومجيان فاكد انه سيبذل جهده للقيام “بكل ما يجب لخدمة جبيل وكل المناطق اللبنانية”، وقال: “لدينا جزء من مسؤولياتنا التي هي التنمية الاجتماعية لنساعد في مشاريع صغيرة ومحددة لتثبيت الناس في أرضهم، وتنمية حد أدنى من البنى التحتية للتخفيف من التشنج الاجتماعي بين الأفراد، وتأمين نمط عيش أفضل”.
وأعرب عن سعادته لتواجده في جبيل اليوم، وهي ثاني زيارة له للمناطق بعد زيارة طرابلس. وقال: “سررت بزيارة البلدية واتحاد البلديات وعقد لقاءات مع بعض المخاتير، بالاضافة الى زيارة متحف الابادة الأرمنية ودار الأيتام الأرمني في جبيل، وكانت فرصة غالية على قلبي أن أزور هذا الميتم الذي رجعني حقيقة الى جذوري ومعاناة أجدادي، والتي عانيناها أيضا كلبنانيين خلال فترة الحرب العالمية الأولى. كما سررت بزيارة مركز التنمية الاجتماعية التابع للوزارة، كي أطلع عن كثب على المشاكل التي يعانيها العاملون هناك، والمتطلبات والمشكلات وأفكارهم المستقبلية، لأنه على عكس ما يفكر البعض فان الدولة اللبنانية تختزن كادرات تعمل من كل قلبها بالرغم من المعاشات القليلة وأحيانا لا يقبضون، وهذه معاناة والخزينة ليست في أفضل أحوالها، والموازنة الى انخفاض، ونحن نمر بفترة تقشف ووقف هدر ومحاربة فساد، وكل هذا يساهم في خفض الموازنة والانفاق، ومع ذلك فان بعض الدول المانحة والتي تمول المشاريع ستتوزع على كل المناطق اللبنانية، ومن هنا دعوتي الى عدم رفع مستوى التوقعات، وهذه المبادرات تتم عبر التمويل الخارجي، وتخلق علاقة بين السلطات المحلية والسلطات المركزية، لذا السلطات المحلية هي التي تخطط وتضع المشاريع، والوزارة تواكب حسن سير تطبيق اللامركزية”.
وختم: “زيارة جبيل هي عودة الى الجذور، جذورنا اللبنانية والقومية والانتماء الى لبنان، ومن شاطئ جبيل وقلعتها برمزيتها انطلقت السفن في شرق البحر المتوسط لتذهب نحو اوروبا وشمال افريقيا وتصل الى اميركا”.