أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “الإصلاح ممكن في الوقت الراهن ونحن نظّمنا عدداً من الحلقات الدراسية وعملنا على إعداد ورقة عمل بهذا الخصوص، أطلقنا عليها إسم “التحديات المالية التي تواجه لبنان”.
ولفت، في حديث لصحيفة “الرياض” السعوديّة، إلى أننا “لدينا خارطة طريق واضحة، من أهم نقاطها: الموازنة التي من المفترض أن تقر في الأشهر القادمة، وهي يجب أن تكون غير اعتيادية وغير تقليدية حيث علينا أن نخفض عجز الموازنة من الأرقام الحالية التي هي 11 بالمئة الى ما دون الـ9 بالمئة ونحن لدينا اقتراحات عملية بهذا الخصوص، ومن المهم أن تأخذ الكتل الأخرى في الحكومة بعين الاعتبار مقترحاتنا أو التقدم لنا بمقترحات أخرى”.
وأشار جعجع إلى أننا “نتناول في مسألة تخفيض العجز على سبيل المثال لا الحصر أمرين أساسيين وهما تحدي قطاع الكهرباء الذي يشكل أكثر من 40 بالمئة من عجز الموازنة، وإذا وضعنا خطة وتصور واضح لإصلاح هذا القطاع، من الممكن أن نتخلص من هذا العجز في قطاع الكهرباء خلال مدّة سنة واحدة. ومن جهة أخرى تحدي قطاع الاتصالات الذي يعاني من عجز، ونرى في إشراك القطاع الخاص تخفيف من التحديات حيث سيضخ كمية لا بأس بها من العملات الأجنبية في الخزينة”.
وشدد جعجع على أن “التركيز على هذين الملفين من شأنه خفض العجز والوصول الى نتائج أفضل تدفعنا الى البدء بحياة اقتصادية جديدة في لبنان، بالإضافة الى تدابير أخرى علينا اتباعها لمكافحة الفساد، لن أدخل بها الان”.
ورداً على سؤال عن أن بعض الأفرقاء في لبنان يبحثون عن حلول تتجاهل المسببات أزمة اللجوء بشكل كامل، فهناك من يريد أن يطبع مع الأسد ويعيد له اللاجئين الذي هربوا من الموت والذين يصنف الأسد 3 مليون منهم كإرهابيين، قال جعجع: “أعتقد أن النظام السوري يعتبر أن ما يقارب الـ15 مليون من شعبه ارهابيين، والجواب بالنسبة لنا بسيط وهو أن الأسد أصلاً لا يريد عودة اللاجئين لأسباب ديموغرافية وجيوسياسية معروفة للجميع وبالتالي عبثاً يحاول البناؤون. فيما الفريق الوحيد الذي أرى أنه يقدر أن يضغط على الأسد الآن هو الجانب الروسي، لذا يجب على لبنان الاستعانة بروسيا لمحاولة حل أزمة النازحين وهذا ما أعتقد أن رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون سيقوم به في زيارته المرتقبة بيد أنه من الممكن أن تضع روسيا الضغط اللازم على الأسد لإعادة اللاجئين. أما طرح التطبيع بين لبنان وسوريا، التي لا ندري عن أي سوريا يتحدثون الان لأنه ليس هناك من سوريا الان ولكن عدة سوريات ولا قرار فعلي سوري داخلي الآن بل القرار للقوى التي تقاتل ولها وجود في سوريا، لذا فإن أي حديث عن تطبيع مع النظام لإعادة اللاجئين هو كلام عار من الصحة، لأن الجميع يعلم أن بشار الأسد لا يريد للاجئين أن يعودوا وهذا أمر لن يتغير من وراء حوار تجريه الحكومة اللبنانية مع الأسد”.
وسأل جعجع: “حزب الله” من أهم أصدقاء بشار الأسد في لبنان وهو من أكثر الفرقاء تأثيراً على الأسد، وبالتالي لماذا لا يطلب الحزب من صديقه أن يسمح بعودة اللاجئين طالما الأمر بهذه البساطة.
ورداً على سؤال على ماذا يرتكز الفريق اللبناني الذي يسعى بحماس للحديث عن علاقات مع الأسد في حين أن المناخ الدولي غير مؤاتي للتطبيع، شدد جعجع على ان “هؤلاء يبحثون عن التطبيع مع الأسد لأنه لا يوجد ترحيب دولي أو مناخ مواتي له، ولكن بالتأكيد بعد التحركات الدولية الأخيرة حظوظ أي حديث عن عودة طبيعية لعلاقات مع الأسد باتت أضعف بكثير نظراً للنظرة العربية والنظرة الدولية للأسد”.
واعتبر جعجع أن “ادارة رئيس الولايات المتحدة الاميركيّة دونالد ترمب وبالرغم من الحديث عن الانسحاب من سوريا تولي اهتماماً كبيراً إلى الشرق الأوسط وحل ملفاته على عكس ادارة الرئيس السابق باراك أوباما، إلا أن ادارة ترمب تريد أيضاً من القوى الكبرى الاقليمية أن تتحمل مسؤولياتها وهذا طرح منطقي. وبالمناسبة نرى الان الولايات المتحدة مجتهدة جداً في العقوبات على إيران والمواجهة الكبرى التي تخوضها الولايات المتحدة مع دول العالم بسبب النفوذ الإيراني في المنطقة. أما على صعيد دور المملكة العربية السعودية، فتاريخياً، لعبت أدواراً مهمة في المنطقة والآن تكمّل هذا الدور بشكل واضح في اليمن وأقل مباشرة في سورية والعراق ولكن ما يجري التركيز عليه ويجب فهمه أنه في المملكة الآن نهضة كبيرة تجري وبالتالي أيادي مسؤولي المملكة ممتلئة بالأعمال شمالاً وجنوباً، وإذا ما رأينا المملكة تحيد عن بعض الأزمات حيث لا يجري المشاركة بحلها بالسرعة المناسبة فهذا يعود الى كثرة الأزمات والتحديات التي تعنى بها المملكة وليس انحساراً لدورها على الصعيد العربي وفي المنطقة”.
ورأى جعجع أن “الثورة السورية في بدايتها لم يكن هناك أي شيء قادر على إسقاطها لولا دخول “داعش” و”جبهة النصرة” على الخط، وكان على قوى الثورة الحيّة والجيش الحر عدم ترك أي مجال لظهور جماعات متطرّفة كـ”داعش” و”النصرة” مهما بلغ ظلم النظام وعنفه، لأنه من اللحظة التي تصبح فيها المعركة بين نظام مستبد وجماعات متطرفة فإنها معركة خاسرة للثورة. ولم يكن من الممكن انتصار الثورة السورية الا تحت أعلام معتدلة تماماً، لأن لا أحد يقبل استبدال فريق مستبد بفريق متطرف. صحيح أن الأسد مستبد وليس عادلاً أبداً ولكن لا يمكن لأحد أن يقبل باستبداله بـ”داعش” أو “النصرة” إلا أنه مهما تأخرت الثورة السورية ستصل في نهاية المطاف الى غايتها”.
ودعا جعجع إلى “دخول القوة العربية المعتدلة كمصر صاحبة الثقل العربي الاستراتيجي المهم بقوة الى المشهد السياسي وبشكل الفاعل، فمصر اليوم مستقرة واتمنى أن تلعب الى جانب المملكة العربية السعودية ودول الاعتدال الأخرى دوراً يتناسب مع دور مصر وحجمها الاستراتيجي وهذا وحده كفيل بتصحيح موازين القوى في المنطقة وإيجاد واقع بديل عن كل ما نراه اليوم”.
وأكّد جعجع أننا “أننا سنصل عاجلاً أم اجلاً الى وقت لا نرى فيه سلاحاً غير شرعي في لبنان، فمنطق الدولة ووجود السلاح غير الشرعي لن يكون للأبد”. وشدد على ان “العلاقة بين قوى “14 آذار” ليست باردة بالمعنى الحرفي ولكن هناك فرق في ما بينها في المقاربات العمليّة، إلا أن هذا لا يعني أننا لسنا في تشاور دائم وقد تقترب رؤانا في أي وقت أكثر وأكثر ونصل الى توافق يوصلنا الى دولة لبنانية حرة مستقلة، تحتكر وحدها السلاح في لبنان وتدافع عن وحدة أرضه وشعبه”.
وختم جعجع رداً على سؤال عن “ماذا تحتاج قوى “14 آذار” لتحقيق هدف حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، قائلاً: “نحتاج لقناعة لدى بعض أطراف “14 آذار” الى أن الوصول الى نتيجة في الوقت الحاضر ممكن في ظل وجود ظروف اقليمية ودولية مؤاتية لتحقيق هذا الهدف في الوقت الحاضر”.