في الذكرى الرابعة عشر لاستشهاد رئيس الحكومة رفيق الحريري كتبت السيدة نازك الحريري: “اليوم يتجدّد لقاؤنا مع مرور أربعة عشر عامًا على استشهاد الرئيس رفيق الحريري. ومع اللقاء، عهدٌ جديدٌ بالوفاء، تشهد به الأفئدة قبل الضمائر. تدمع العين، ويدمى القلب لــهفًا على فراق الحبيب، ويخالج الخلد إيمانٌ بغدٍ مشرقٍ يزهو فيه أمل الحقيقة والعدالة.
أربعة عشر عامًا يا رفيق العمر والدرب، وكلّما برأ الجرح، أحيته الذكرى، واشتدّت مواجع القلب لمن سكن الروح، وعانق النفس بالـمحبة والوفاء. تعاودنا الذكرى ، ويرجع صدى الـمشهد الـمحفور في لوح الذاكرة، نابضًا بوقع الحريّة والسيادة والإستقلال.
رفيق العمر والدرب،
لكم نتوق إلى وجودك بيننا يا شهيدنا الغالي. فالتحدّيات التي نواجهها باتت تــــرهق كاهل شعبنا وتعصف بنا. فأين أنت يا صاحب الرؤية الواعدة، والإلتزام الوطنيّ والإنسانيّ، لتذلّل العقبات وتلين القلوب ؟ أين أنت يا رجل الدولة والـمـبادئ، الـمؤمن بلبنان السلم الأهليّ والعيش الـمشترك؟ لقد اسـتطعت بفضل إيمانك بالله عزّ وجلّ أن تنفض عن لبناننا الحبيب غبار الحرب ، وتقود مع شعبنا الطيب مسيرة الإنماء والإعمار.
رفيق الدرب والوطن، يا شهيدنا الغالي،
لم تدرك يد الغدر التي اغتالتك أنّ مسـيرتك الوطنية عصيّةٌ عليها، وأنّ غايتها في اغتيال الحقّ والعدل والشراكة الوطنية مســتحيلة؛ فاللبنانيات واللبنانيّون الذين تتلمذوا عـلى نهجك هـم جندك، سـلحتهم بالعلم والتسامح، وسيحافظون على إرثك الكبير، على دولة الـمؤسـسات والقانون والعدالة، التي تضمن لأولادنا ولأحفادنا مستقبل أمنٍ وحرّيّةٍ وسيادة، وليبقى لبنان شريانًا نابضًا في قلب وطننا العربيّ، ودولةً فاعلةً مشاركةً على خريطة الدول.
أيّها الأحبّة،
فلنشدّ العزم، ولنمدّ جسور الحوار والتواصل بيننا، ولنتعال على التجاذبات والإصطفافات السياسيّة التي تهدّد استقرارنا وسلمنا الأهليّ. فبمشيئة الله عزّ وجلّ، وبعملنا الدؤوب، سوف يتحقق الحلم ليصبح لبنان، تمامًا كما أراده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أيقونةً للإبداع والتفوق في تاريخ الأمم.
رفيق عمري ودربي ،
نحن اليوم في مرحلةٍ سياسيّةٍ وإقتصاديّةٍ وإنسانيّةٍ دقيقةٍ وحرجةٍ جدًا، ولقد اجتزنا استحقاقًا وطنيًّا حيويًا، بالإتفاق على حكومةٍ وطنيةٍ جامعة، بحمد الله. وبات علينا جميعًا الإلتفاف حول هذه الحكومة، لكي يسـتعيد العمل الوطنيّ نشاطه، وحتى تتمكّن الدولة أن تؤمّن للبنانيين واللبنانيات حقّهم في العيش الكريم، بسلامٍ وأمنٍ وأمان. نحن اليوم في مواجهة الـمشاكل الحياتية التي لا يمكن معالجتها بالتجاذبات والإصطفافات السياسيّة، بل بالوفاق والوحدة الوطنية والعيش الـمشترك.
أترك الكلام الآن لصاحب الذكرى وسيّد الكلام الحكيم. شهيدنا الكبير، الـمنبر لك والكلمة لك.
تركيز الحكومة المفترض أن يكون على القطاعات المنتجة ولكن كما ترون الآن نحن في مرحلة سياسية دقيقة وحرجة، والعمل السياسي والعمل الحكومي أصلاً في تباطؤ وهذا الأمر ليس بجديد في النظم الديمقراطية عندما يكون هناك مرحلة انتقالية قبل بضعة أشهر من الاستحقاق الرئاسي، عندنا وعند غيرنا، نرى هذا الأمر في فرنسا، نراه في إيطاليا نراه في إنكلترا وحتى في الولايات المتحدة الوضع لا يختلف عمّا هو عليه الآن هنا في لبنان.
لا أريد الإطالة وإنما أعتقد أننا أمام مرحلة قد ننتقل منها إلى الأفضل إذا كان هناك من نيّة جدّية لحكم متجانس في البلاد هناك إمكانية كبرى وفرصة ذهبية حتى يستمرّ البلد في النمو والازدهار ونقوم بالتزاماتنا، أما إذا بقيت الأمور والممارسات على ما هي عليه فأعتقد أننا سنكون أمام مرحلة حرجة في السنوات القادمة.
أعتقد أن هذا شعور الناس، الأشخاص ليسوا هم المهمّين، المهمّ هو طريقة ممارسة العمل في البلد التي كلنا شاعرين أنه لا بد من أعادت النظر فيها ليس موضوع الأشخاص هم المهمين وليس من موجود في المركز الفلاني ولا في المركز الفلاني. المهم طريقة مقاربة الأمور والمنهجية المتبعة. يجب اعادة النظر فيها بالكامل مع الحفاظ على الخط الوطني القومي وعلى الثوابت الوطنية دون مساس لأنها ثوابت أنتجت استقراراً سياسياً وقائمة ومبنية على قناعة راسخة بالخط القومي العربي الذي يتبعه لبنان.
أيها الأعزاء ،
في الختام ، نرفع الدعاء لله السميع المـجيب، أن يحمي لبناننا الحبيب وشعبنا الطيّب، وأن يتغمّد الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء الوطن بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وأن تنجلي الحقيقة، وتتحقق العدالة، لأجل روح شهيدنا العظيم، وشهدائنا الأبرار. عشتم يا شعبنا الحبيب تحت سماء وطننا، ألا وهو لبناننا الغالي على قلوبنا جميعًا”.