توصلت القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت إلى صيغة خاصة مرتبطة بملف عودة النازحين السوريين، صدرت في بيان خاص عن قمة بيروت بناء على طلب لبناني، تضمن دعوة المجتمع الدولي إلى حمل مسؤولياته للحد من مأساة النزوح واللجوء، ووضع كل الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية، ومضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المواتية لعودة النازحين واللاجئين إلى وطنهم.
وبدا لافتاً الإصرار اللبناني على إدراج عبارة “العودة الآمنة” وليس “الطوعية”، رغم الانقسام العربي الذي كان قائماً يوم الجمعة الماضي في مناقشات اللجنة التحضيرية للقمة على تبني هذه الفقرة من عدمه، قبل أن يجري الاتفاق العربي على صدوره بشكل خاص عن القمة العربية التنموية والاقتصادية بشأن النازحين واللاجئين، ورأى باسيل أمس أنه “أمّن مصلحة لبنان والدول العربية”، وقال: “نرجو اعتماده كلغة موحدة للعمل على تحفيز وتشجيع عودة النازحين”.
وفي البيان، ناشد وزير الخارجية جبران باسيل في ختام القمة الاقتصادية العربية، المجتمع الدولي إلى تشجيع النازحين السوريين على العودة إلى ديارهم. وقال باسيل في بيان: “إزاء استفحال أزمة النزوح واللجوء السوري علاوة على استمرار وتفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين المزمنة، ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته للحد من مأساة النزوح واللجوء ووضع كل الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية والناجعة”. كما دعا البيان المجتمع الدولي إلى “مضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المواتية لعودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم بما ينسجم مع الشرعية الدولية ذات الصلة ويكفل احترام سيادة الدولة المضيفة وقوانينها النافذة”.
وإذ اعتبر باسيل في مؤتمر مشترك مع أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أن “بيان النازحين السوريين هو انتصار للبنان ولفتة تضامن من الدول العربية تجاه الدول المضيفة والاعتراف بتضحياتها”، رأت مصادر دبلوماسية لبنانية أن الصيغة التي اعتمدتها القمة الاقتصادية العربية “ما كانت لتتم لولا عناد باسيل، وإصراره في المفاوضات التي أجراها منذ يوم الجمعة الماضي بالتوصل إليها”، قائلة لـ”الشرق الأوسط”، إن معركة التفاوض “بدأت يوم الجمعة الماضي خلال الاجتماعات التحضيرية، حيث اقترح باسيل إضافة بند إلى الفقرة 13 التي تنص على دعم الدول المضيفة، وتتضمن الفقرة ضرورة العودة الآمنة لهؤلاء النازحين”، لكن لم يتم التوافق عليها، فارتضى لبنان سحب الفقرة على أن يصدر بياناً خاصاً عن القمة بخصوص النازحين، بعد مفاوضات شاقة، وجرى الاتفاق عليه.
ولفت أبو الغيط، الأحد، إلى أن بيان النازحين صدر بتوافق كامل ولا خلاف عليه، فيما أكد باسيل أن “هذا البيان تضمن للمرة الأولى تحفيزاً لعودة النازحين وهذا جديد على مستوى التخاطب”، مشدداً على أن “حتمية الأمر بأن النازحين السوريين سيعودون إلى بلدهم”.
وأكدت المصادر الدبلوماسية أن صدور هذا التحفيز العربي في قمة بيروت “سيعزز الموقف اللبناني في التواصل مع الدول المعنية والمجتمع اللبناني لتنفيذ الموقف اللبناني تجاه عودة النازحين”، مؤكدة أن التواصل مع المجتمع الدولي “لم ينقطع وسنواصل السير بخطواتنا لحث المجتمع الدولي على المساعدة في تأمين إعادة آمنة للنازحين متسلحين بالموقف العربي الداعم لهذه الخطوة”.
غير أن مصادر سياسية لبنانية أخرى، ترى أن لبنان “ليس المرجعية الصالحة للقول ما إذا كانت عودتهم آمنة أم لا، لذلك تم ربطها في البيان بالشرعية الدولية التي تمتلك صلاحيات تحديد موضوع الأمان من عدمه، وتحديد ما ملاءمة ظروف العودة، في ظل النقاش حول عدم توفر إمكانيات الإقامة وظروف العيش وفي ظل اقتياد المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية”.
وقالت المصادر إن الأطراف السياسية اللبنانية “تتجنب الدخول في سجال داخلي حول هذا الملف، بالنظر إلى أن لا أحد يعارض عودة النازحين، لكنه في الوقت نفسه يضعه بعهدة المبادرة الروسية التي تعتبرها موسكو لا تزال قائمة، ولم تنتهِ بعد”. وأشارت إلى أن 43 في المائة من النازحين السوريين إلى لبنان، يتحدرون من مناطق خاضعة حالياً لسيطرة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا.
وقالت مصادر سياسية مواكبة لـ”الشرق الأوسط”، إن كلام باسيل عن عودة سوريا لا يعبر عن موقف الحكومة اللبنانية، إذ “لا يزال الحريري على موقفه من النظام السوري، وسيكون له موقف بعد انتهاء القمة”، لكنها أشارت إلى أن الحريري لم يدخل على خط السجال، وتجنبه خلال اليومين الماضيين “بهدف إنجاح القمة، وعدم التشويش عليها، من خلال سجال لبناني سياسي داخلي”.