لا حكومة قبل الميلاد، وربما ليس قبل رأس السنة، فالفوضى التي أحدثها اللقاء التشاوري “السني” وخياراته الوزارية تتطلب أياما من التواصل المتجدد، لاحتواء عاصفة توزير جواد عدرا، الذي اقترحه رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال عضو كتلته النيابية قاسم هاشم وتبناه تجمع النواب السنة المدعوم من حزب الله، وتلقفه الرئيس ميشال عون، ليجعل منه الوزير جبران باسيل بمثابة حجر العقد في بناء كتلته الوزارية الباحثة عن رقم وزاري يمكنها من حيازة الثلث المعطل، أي القابض على الزمام في مجلس الوزراء، عندما يجد الجد.
ضياع نسب عدرا السياسي، بين كتلة رئيس الجمهورية الوزارية “لبنان القوي” الذي قرر اختياره من حصته وبين اللقاء التشاوري الذي تبنى ترشيحه، أفقده فرصة أن يصبح وزيرا أو كاد. بدليل إعلان عبد الرحيم مراد عضو في اللقاء التشاوري صباح أمس، ان جواد عدرا لم يعد يمثلنا وأيده في قوله هذا النائب فيصل كرامي الذي كان استقبل عدرا صباحا في منزله، لكنه لم يستطع اقناعه بإعلان انتمائه للقاء التشاوري، أو غيره، قبل ان يصبح وزيرا، بعدها خرج كرامي ليبلغ الصحافيين تأييده لكلام مراد، اي سحب ترشيح عدرا، ثم دعا اعضاء اللقاء من مناطقهم للاجتماع واتخاذ الموقف المناسب، وسط الاتجاه لسحب ترشيحه، وربما بترشيح بديل له، قد يكون حسن عبد الرحيم مراد.
وتقول مصادر اللقاء إن ثمة ارادة خفية دخلت على الخط وعطلت كل شيء، وقد ترأس الرئيس ميشال عون اجتماعا لبحث التطورات بحضور الوزير جبران باسيل، واللواء عباس ابراهيم لمعالجة الموقف، وأضافت المصادر ان حزب الله وافق ضمنا على سحب ترشيح عدرا، وفي هذه الحالة لا يستطيع الرئيس عون تبني ترشيحه، لأن ذلك يعني استمرار الحزب في حجب اسماء وزرائه الثلاثة عن الرئيس المكلف، وبالتالي تعطيل تجميد الحكومة.
وردا على سؤال لـ “الأنباء” قال مصدر قريب من تيار المستقبل: “لقد تخرب كل شيء” لا حكومة قبل الميلاد وعسى أن تكون الحكومة قبل رأس السنة إذا صفت النيات.
ووسط هذا الجو المربك قال مصدر على اتصال باللقاء التشاوري لـ “الأنباء” ان سقوط عدرا من حساب اللقاء الذي لم يكن منتميا إليه يوما، يمكن تخطيه، لأن سقوط ريشة لا يعني سقوط الطير.
وكان عدرا واجه الكثير من الضغوط لإعلان التزامه بمواقف اللقاء التشاوري حصرا، لكنه أصر على رفض ان يكون في سلة أحد.
موقف عدرا بدا منذ امتنع عن حضور اجتماع اللقاء التشاوري يوم الجمعة، في منزل عبد الرحيم مراد.
وطلب منه ان يحدد موقفه من حيث المبدأ، فاستمهل بناء لنصيحة الرئيس عون، دون ان يحدد موعدا للجواب، ثم صارح موفدين من اللقاء ذهبا إليه في منزله هما عثمان المجذوب ممثلا عمر كرامي وهشام طبارة ممثلا عبد الرحيم مراد اللذين امضيا ساعتين في محاولة اقناعه، وعندما رفض اعلان التزامه باللقاء اشترطا عليه اصدار بيان مكتوب. لكن البيان المكتوب صدر عن “اللقاء التشاوري” الذي أعلن رسمياً سحبه ترشيح عدرا.
ومن الظاهر ان تفاعلات هذه المشكلة تصب في خانة الحذر المتبادل بين حزب الله، وحليفه التيار الوطني الحر، وعبر هذا التيار الرئيس ميشال عون، الذي يبدو انه ذاهب باتجاه التباعد والتناقض على مختلف المستويات.
مصدر متابع، لاحظ لـ “الأنباء” وكأن حزب الله الذي “اخترع” اللقاء السني التشاوري، جاء بالدب إلى كرمه، فقد صوب على أحادية الزعامة السنية لتيار المستقبل، بهدف اختراقه، اسوة بباقي الطوائف، فأصاب غطاءه المسيحي ممثلا بالتيار الحر والرئيس عون، بحيث بات كمن يبحث عن مفقود، وإذا به يفقد الموجود.
وكما عادة شيطان التفاصيل في التعطيل بالسياسة اللبنانية، تمثلت التفاصيل الصغيرة في اللحظات الأخيرة ايضا، بعودة الاختلاف حول بعض الحقائب الوزارية، فقد طرح على الحزب التقدمي الاشتراكي تولي وزارة البيئة بدلا من وزارة الصناعة فرفض، وانتهت “كرة النار” التي هي وزارة البيئة اي وزارة النفايات والمياه المبتذلة في حضن التيار الوطني الحر. في حين رفضت “أمل” تولي وزارة الإعلام، التي تبدو آيلة الى الالغاء مع وزارة المهجرين.