أكّد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع أن “الكلمة الجوهريّة التي من دونها لا قيمة لنا هي “القضيّة” ومن المهم جداً مع انشغالاتنا اليوميّة أن نعود لنتذكر من نحن وما هو مشروعنا، فنحن بالدرجة الأولى أولاد قضيّة لولا ذلك لما كنا ما نحن عليه اليوم”، مشيراً إلى أننا “نعيش اليوم في عالم المصالح الذي من الصعب جداً إيجاد أولاد قضيّة فالنظام والتنظيم والتخطيط والاستراتيجية مسائل مهمة جداً إلا أن هذه الأمور من دون الأخلاقيّة والقضيّة لا معنى لها ولا يمكن أن توصلنا إلى أي مكان ولمن يتساءل لماذا الوضع في لبنان على ما هو عليه فالجواب هو لأن أحزاب القضيّة فيه قليلة جداً ومع ذلك سنبقى حزب القضيّة دائماً أبداً لأننا بذلك فإن لم نربح الدنيا ربحنا الآخرة”.
كلام جعجع جاء خلال حفل تخريج “الدورة الخامسة رؤساء مراكز” من مدرسة الكوادر في حزب القوّات اللبنانيّة، في معراب، في حضور رئيس جهاز التنشئة السياسيّة شربل عيد، رئيس مدرسة الكوادر د. ميشال عواد، منسق الشوف أندريه السرنوك، منسق جزين جورج عيد، منسق مرجعيون حاصبيا كلود رزق، منسق صور فؤاد عودة، منسق جبيل عبدو أبي خليل ورئيس قطاع الجرد في منسقيّة كسروان نصيف نخول.
وشدد جعجع على أن حزب القوّات اللبنانيّة ليس مجرّد حزب وإنما هو أبعد وأعمق بكثير من ذلك فهو وجدان وضمير وقلب وعقل شعب معيّن صحيح أننا عملياً لا نمثل المجتمع بأكمله إلا أننا على قدر ما نحن في هذا المجتمع فنحن نمثل قلبه وعقله، ولا يمكن للفرد أن يكون “إبن قضيّة” إذا لم يكن متجرّد من أي مصلحة شخصيّة كرفاقنا الشهداء فهل هناك من يذهب إلى الحرب وهو يضمن عودته حياً منها؟ طبعاً لا وهذا الفرد يكون متجرداً من أي مصلحة وأدرك أنه إن لم يصعد إلى “عيون السيمان” فمن الممكن أن يصلوا إلى جونيّة فقرّر الصعود للقتال هناك حتى لو كلفه هذا الأمر حياته”.
واستفاض جعجع في شرح مفهوم “أولاد القضيّة” مستشهداً بأمثلة عديدة منها ما هو حاصل اليوم في فرنسا، وقال: “هل سبب ما يجري اليوم في واحد من أرقى مجتمعات العالم في فرنسا هو عدم وجود صرف صحي أو طرقات أو فرص عمل أو حضارة أو سبل للعيش أو حكومة أو قوى أمنيّة؟ طبعاً لا، السبب أنه في مجتمع كالمجتمع الفرنسي عندما ينعدم فيه مفهوم القضيّة ليستبدل بمفهوم الحسابات المصلحيّة فمن الطبيعي أن يصل إلى ما نشهده اليوم وهناك العديد من المجتمعات الأوروبيّة الأخرى التي ستصل بدورها إلى أماكن أسوأ من الذي نراه اليوم في فرنسا”.
واستطرد جعجع: “إن الناس الذين ينزلون إلى الطرقات للتظاهر في فرنسا هم من دون قلب أو عقل ولو كان لديهم مطالب لأنه من غير طبيعي أن يقوموا بتدمير بلدهم ولسبب غير جوهري تماماً فهل هؤلاء يشعرون ان وجودهم في خطر أو أن بلدهم يضيع أو أن أولادهم سيموتون؟ طبعاً لا، جل ما في المسألة أنها لا تتعدى كونها معضلة حول حفنة من المال وانظروا إلى أي مدى ذهب البعض في ردات فعله. فهل هؤلاء أصحاب قضيّة؟ طبعاً لا، هؤلاء أنفسهم من انتخبوا الرئيس الفرنسي ومجلس النواب منذ ما لا يتعدى السنة والنصف فيما نراهم اليوم يقومون بما يقومون به في وجه من قاموا بانتخابه فأين القضيّة والتفكير في هذه المسألة؟ طبعاً لا وجود لا للقضيّة ولا للتفكير”.
وتابع جعجع: “60 إلى 70% من الشعب الفرنسي ضد فرض ضرائب جديدة وهذا أمر طبيعي إذ ليس هناك من فرد في هذا العالم سيقبل أن تفرض عليه ضرائب إضافيّة إلا أن السؤال الجوهري هو كيف لدولة كفرنسا أن تقوم وهي ليس لديها أي موارد طبيعيّة وبالرغم من ذلك نراها كيف تفرض نفسها على الساحة الدوليّة وهي من أكثر الدول تقديماً للخدمات الاجتماعية فكيف للدولة أن تقوم بكل ذلك من دون فرض ضرائب؟ لقد قام الرئيس بالحسبة اللازمة وتبين معه أنه إذا ما أرادت الدولة بالاستمرار بتقديم ما تقدّمه من خدمات فهي عليه أن ترفع بعض الضرائب لذا ما يحصل اليوم يدل على انعدام أي مفهوم للمصلحة العامة فهؤلاء لا يفكرون سوى في أنفسهم وفي أنهم سيتكلفون بعض المال الإضافي شهرياً وعلى هذا الأساس يقومون باتخاذ مواقفهم”.
ولفت جعجع إلى أنه “من الناحية الأخرى لم نر أحداً من السلطة القائمة يقول إن الدستور يعطي الناس حق التظاهر إلى أنه لا يغطي التعدي على الآخرين وأملاكهم إلى حد أن يصل الدرك في باريس إلى ما كنا نعيشه هنا في لبنان في فترة الحرب حيث قام كل مواطن بحماية أملاكه بنفسه، فهل من المعقول أن تصل دولة كفرنسا إلى ما وصلت إليه؟ والأسوأ من كل هذا هو تصرّف بقيّة الطبقة السياسيّة الفرنسية حيث بدل أن ينبري السياسيون الفرنسيون لاتخاذ موقف ضد الفوضى والتكسير الحاصل خرجوا ليقولوا إن على الرئيس الفرنسي الاستجابة لمطالب المتظاهرين فيما هم رجال دولة سابقون ويدركون تماماً أن الدولة بحاجة للمال كي تستمر وهم يقومون بما يقومون به لأنهم ليسوا أصحاب قضيّة ولا يبنون مواقفهم على أساس مصلحة الدولة الفرنسيّة وإنما وفقاً لمصالحهم السياسيّة الشخصيّة”.
وأكّد جعجع أننا كـ”قوّات للبنانيّة” لم نقم يوماً بحسابات مماثلة ولو فعلنا ذلك في العام 1975 لكنا وقفنا مكتوفي الأيدي لنلعن السلطة القائمة وزلنا نحن والسلطة والدولة بأكملها، كما أننا في خلال حكومة الرئيس تمام سلام التي رفضنا المشاركة فيها لأنه تبين لنا انه لن يكون لنا أي تأثير فيها إلا أنه عندما بدأت مظاهرات المطالبة باستقالة الحكومة عقب أزمة النفايات خرجنا مباشرةً لنقول يجب ألا يضغط أي طرف في هذا الاتجاه لأنه سيوقعنا في أزمة فراغ دستوري وبالتالي نحن اتخذنا مواقف عديدة في مراحل عدّة ضد مصالحنا السياسيّة المباشرة لأننا استشمينا فيها الصالح العام حتى لو كانت في بعض الأوقات تخدم أخصامنا”.
وتطرّق جعجع إلى أهميّة دور رؤساء المراكز واصفاً إياهم بأنهم رؤساء الحزب الفعليين باعتبار أنهم من يمثلون الحزب في القرى والأحياء التي تقع في نطاق مركزهم لذا يجب عدم الاستخفاف بهذا المنصب أبداً، معتبراً أن ما يقوم به جهاز التنشئة السياسيّة من دورات لرؤساء المراكز أمر مهم جداً.
ودعا جعجع جميع رؤساء المراكز إلى العمل بجديّة أكبر باعتبار أنه من لن يكون على قدر المرحلة والحجم الذي وصل له حزب القوّات اللبنانيّة فهو لن يستطيع الاستمرار بمسؤوليته لذا يجب أن نتصرّف بهذه الروحيّة لأننا مؤتمنون على قضيّة ونحن أولادها ولكي نكون كذلك علينا أن نتجرّد من أي مصلحة شخصيّة.
وتخلل الاحتفال الذي قدّمت الاحتفال رئيسة دائرة النشاطات المركزيّة في جهاز التنشئة السياسيّة سابين يوسف، وقد ألقت كلاً من أمينة سر مركز داريا – كسروان ريتا الحاج صفير ونائب رئيس مركز وطى الجوز دينيز سامي أبو عسلة كلمة باسم الخريجين، فيما اختتم الاحتفال في توزيع رئيس “القوّات” الشهادات على الخريجين.