افتتح في مركز “لقاء” في الربوة “مؤتمر الاعلام المسيحي الثالث”، الذي تنظمة “تيلي لوميار” بعنوان “اعلام من أجل عالمنا”، برعاية وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي، وحضور رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، المطران كيرللس بسترس ممثلا بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، المطران جورج ازادوريان ممثلا بطريرك الارمن الكاثوليك كريكور بدروس العشرين، الاب اثناسيوس شهوان ممثلا بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، نائب رئيس مجلس ادارة “تيلي لوميار” النائب نعمت افرام وشخصيات رسمية وفكرية وروحية واعلامية.
قدم للمؤتمر الدكتور سهيل مطر الذي سأل: “هل هذا العالم هو عالمنا ام هو مصنوع ومفروض علينا والاعلام ليس بريئا من دم هذا الصديق؟”
ودعا إلى ان “نحلم بعالم نصنعه نحن انطلاقا من قول بولس “الويل لي ان لم ابشر”، وانطلاقا من قول بولس نطرح بعض الأسئلة القلقة التي لا اجوبة جاهزة عليها، وهي في اساس انعقاد هذا المؤتمر الذي ننتظر منه اسئلة وحلولا”. وسأل: “في البدء كانت الكلمة اين نحن اليوم من هذه الكلمة ومن هذه القداسة؟ هل صحيح ان الاعلام اليوم اصبح اقوى سلطة فاعلة في مجال التأثير على الفكر الانساني؟ هل صحيح ان الاعلام اصبح صناعة ثقيلة تحتاج الى رأسمال كبير، ولهذا اصبح المال هو الذي يتحكم بالحكم والحكومة والاحكام وبالرأي العام؟ هل سقط مبدأ الحرية والقيم تحت سيطرة المال والسلطة والاعلان، وهل يمكن التوفيق بين حرية الاعلام ومتطلباته المادية وهل اصبح الاعلان اقوى من الاعلام؟ هل صحيح ان الفرق كبير بين الاعلام المسيحي واعلام المسيحيين؟ كيف حدد الارشاد الرسولي دور الاعلام فتحدث عن نشر الحقيقة والدفاع عن الكرامة الانسانية والدعوة الى القيم الروحية والخلقية، تثقيف الحس النقدي، اين نحن من هذا التعريف؟”
وشدد النائب افرام في كلمته على ان “مشوار “تيلي لوميير” و”نور سات” كان مختلفا منذ بداية مشوارهما، فسارا ولمدة عشرين سنة في منحى مختلف عن وسائل الاعلام الاخرى التي كان هدفها الاول والأخير تجميع الإعلانات، عملا على اظهار الحق لانه يحرر من كل شيء وتحديدا من المادة”.
وتوقف عند “قوة الاعلام وسلطته التي فاقت سرعة الفكرة والكلمة”، واعتبر ان “المواجهة تكون بزيادة هكذا نوع من الاعلام لان الكلمة التي كانت في البدء زرعت المسؤولية في قلب كل مؤمن”. وشدد على ان “تيلي لوميير ركزت على زرع الفكرة والموضوع، ولان المطلوب ربح الحرب، علينا ان نضيف الجهود لتحديد هدف الاعلام الذي نريده ويبني اجيالا ويتخطى الحاجة اليومية الآنية ويحافظ على القيم التي باتت عمليا من المصلحة اليومية، وان نجعل من هذا الاعلام البوصلة التي توصلنا الى الطريق الصحيح”.
وختم افرام مركزا على “ضرورة ان تصل هذه الرسالة الى كل المعنيين في الاعلام من الاعلاميين والتقنيين، وخصوصا ان علينا ان نحافظ على لبنان مساحة تلاق وارض مصالحة وحمل هذه الرسالة الى المنطقة كلها”.
ثم ألقى المطران مطر كلمة قال فيها: “من منطق الأمور أن يطرح في مؤتمر الإعلام المسيحي الذي يجمعنا اليوم موضوع الإعلام في خدمة العالم، وبخاصة بعد أن صار هذا العالم قريتنا الكبرى أو بيتنا الواحد الذي لن يكون لنا على هذا الكوكب الأزرق بيت سواه”.
وقال: “من منطلق مسيحي عام، يجدر التذكير في هذه المناسبة بأن الكنيسة الكاثوليكية التي لي شرف تمثيلها في لبنان كرئيس للجنة الإعلامية المنبثقة منها، قد رفعت الصوت عاليا في السنتين الأخيرتين ضمن احتفالاتها بالأيام العالمية للتواصل الاجتماعي، وبصوت قداسة البابا فرنسيس بالذات، وهو الإعلامي الأول والناطق المخول باسم الرب يسوع المسيح، لتعلن من جديد أن الصحافة بكل أشكالها من الورقية إلى الرقمية ملزمة كليا بالحقيقة وبالموضوعية في عملها، وهذا أمر بديهي لمن يلتزمون وصايا الله بعدم الكذب وبرفض شهادات الزور. كما أعلنت أيضا وفي المناسبة عينها أن للإعلام هدفا أساسيا موازيا وهو الإسهام لا في خلق المشاكل والمآسي، بل في حل المشاكل والسعي إلى التخلص من المآسي بغية تغيير وجه الكون فيصبح ساحة حياة ومحبة وفرح وسلام للانسانية جمعاء. وما من شك في أن هذه المسؤولية تقع على جميع الإعلاميين، سواء أكان عملهم في نطاق محلي أو كان له طابع إقليمي ودولي”.
أضاف: “للدخول مباشرة في صلب هذا الموضوع الخطير، نطرح أمامكم أيها المسؤولون وأيها الأصدقاء الإعلاميون إشكالية بعض الإعلام اللبناني في مسلكيته الأخيرة وتحديدا على مدى الأسبوع الذي انصرم على المشادات في سياق تأليف الحكومة الجديدة. فنتصور معا كيف يكون الإعلام سلبيا إذا كان هدفه النيل من لبنان ومن وحدته ومن رسالته التاريخية كأنموذج للعيش المشترك بين أطيافه الكريمة كلها، وفي مصيره كشريك أساس في صنع حضارة المنطقة ومستقبلها، لأنه في هذه الحال يكون إعلاما هداما، ومعيقا كل خروج مشرف للوطن من المحن التي عانى منها على مدى خمسين سنة من الآن. كما نتصور كيف يكون الإعلام بناء، إذا أراد أهله وصانعوه أن يكونوا إيجابيين تجاه بلادهم، وإذا أدركوا أن رسالتهم الجوهرية تجاه الوطن هي في البحث عن الحلول الناجعة لإعادة السلام إليه واستعادة اللحمة كاملة بين أبنائه. وفي المناسبة نؤكد أننا ما عدنا بحاجة بعد لأن نشخص الأمراض التي قد يكون الوطن مصابا بها والحالات المعقدة التي يعاني منها، بمقدار ما صرنا بحاجة إلى وصف الأدوية الناجعة للشفاء مما يؤلمنا واكتشاف الطرق التي يجب أن نسلكها وصولا إلى غاياتنا المنشودة، وهي خلاص الوطن وضمان مستقبل المواطنين. ولتحقيق هذه الغاية النبيلة، نناشد بأن يجتمع الإعلاميون معا ومن دون استثناء وأن يعقدوا حلفا في ما بينهم فلا يرضوا لعملهم أن يكون وسيلة للتفرقة والبغضاء. بل يلتزموا على العكس بأن يكون هادفا إلى إنقاذ لبنان من التفرقة والبغضاء، وذلك في كل ظرف ومجال وإلى أن يسلم لبنان من الأذى ويعود إلى وساعة الحياة. ونعطي عن هذا الموقف المشرف المطلوب مثلا عبر الاهتزاز الذي سجل في حقل المصالحة المسيحية التي كان لعقدها في ضمير المواطنين أثر إيجابي يوازي ربح نضال دام طويلا وحقق بفوزه حلما جميلا. فحيال هذا الوضع الذي عرف مؤخرا بعض التأزم، لا يمكن القبول بأن يعمل إعلامي على فتح الجراح والتشجيع على تأليب الناس بعضهم ضد البعض الآخر. ففي ذلك خطيئة كبرى بحق لبنان وشعبه. بل علينا التأكيد بأن دور الإعلاميين في هذه اللحظة يكمن في الحفاظ على المكتسبات الإيجابية لوطن نهشت السلبيات في لحمه وأهرقت من دمه حتى حدود النزف القاتل، وفي تقريب وجهات النظر والحفاظ على الجوهر إذا كانت الأعراض تمر في ظروف عارضة. أفليس على الإعلاميين في هذه الحال أن يتحولوا إلى إطفائيين ليأتوا على نار الفتنة ويخمدوها في مهدها بدلا من النفخ بها وتأمين الوقود لها لتزداد اشتعالا؟”
وتابع: “إذا نظرنا إلى المنطقة المحيطة بنا على مدى الشرق الأوسط برمته، لوجدنا في هذه الأيام أخطارا جمة تحدق بمجمل شعوبها، وحروبا باردة أو حارة تستعر في غير بلد مقلبة الناس بعضهم على بعض حتى ولو كانوا ينتمون إلى قومية واحدة أو إلى دين واحد أو إلى بلاد واحدة. ونرى السلاح يأتي المنطقة من كل حدب وصوب والمسلحين المنظمين وغير المنظمين يدخلون إليها ولكل منهم دوافعه ودافعوه. أما الكبار في الدنيا والذين يحملون المسؤوليات العالمية كل بحجم طاقاته وقدراته، فإنهم بدلا من أن يسعوا لإطفاء النار وإنقاذ الشعوب المبتلاة بها من مصير محتم وهو الإفقار والعودة القهقرى إلى العصور الغابرة التي عرفتها الإنسانية قبل مسيرتها نحو التقدم والبناء، يحاولون إزكاء النار وتوسيع مجالاتها ليستفيدوا من الحروب القائمة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، موفرين بفضلها مكاسب مادية تفيدهم للأزمنة القادمة فيضمنوا فيها تفوقهم ولو على حساب الآخرين. فمن ينقذ العالم من هذا الدرك الأخلاقي الرهيب؟ المنقذون هم فعلا صانعو السلام الذين تكلم عنهم الإنجيل ومنحهم الطوبى للمبادرات التي يقومون بها حقنا للدماء ومنعا للمتاجرة بالضعفاء على وجه الأرض. ومن بين هؤلاء الذين يمثلون خميرة الدنيا يبرز أهل الإعلام وأهل الصفاء على أنواعهم. إنها رسالة يحملها جميع الذين يؤمنون بأن القتل خطيئة وبأن الحياة ملك لرب الحياة وحده. لذلك فإننا نرفض هذا الاستغلال لأهل المنطقة وهذا الاصطفاف الغريب مع المتحاربين كل إلى جهة، دون البحث في عقد مؤتمرات دولية للسلام فيما المطلوب إنقاذ المنطقة والبحث عن حلول ناجعة ومبادرات سلام تعمل قبل كل شيء على حقن الدماء”.
وقال: “حتى الكبار أنفسهم وفي علاقاتهم بعضهم مع بعض، فهم ليسوا بمأمن من التعامل في ما بينهم انطلاقا من مفهوم القوة المادية وحدها ومن توازن القوى إلى اليوم الذي يستطيع فيه أحد كسر هذا التوازن لصالحه الأوحد الوحيد. لقد عرفنا في التاريخ أزمنة كانت قوى عالمية تقود الدنيا منفردة على مساحة الأرض، وذلك منذ الأمبراطورية الرومانية إلى دول الاستعمار الحديثة، كل بدوره. وأيقنا أن القوة المادية لا تضمن لوحدها الاستقرار في التفوق؛ فالغالب اليوم مغلوب غدا وهكذا دواليك. لذلك تكونت قناعة في الأرض بأن الروح وحده يجمع فيما المادة تفرق وهي سبب عتيق لكل انقسام، وأن معركة الروح في وجه المادة لن تكون أبدا هينة، وأن تجارب الشيطان مشهورة في التضليل منذ الخليقة الأولى ومع فجر انطلاقتها في التعامل مع الحرية”.
وختم مطر: “من يحمل لواء السلام في الأرض ومن يعرف بصدق وموضوعية عن حقائق التاريخ ومن يحمل مسؤولية الإنقاذ العالمي من خطر الولوج في المتاهات الدموية الكبرى؟ إن أهل الإعلام وأهل العلم جميعا لمسؤولون معا عن مصير الأرض لو كانوا يعلمون. هؤلاء هم أهل الخير والبناء وهم الحراس الحقيقيون لمدينة البشر التي لن تعرف الخلاص إلا إذا تحولت إلى مدينة الله. ولكي تكون لنا معنويات الساعين بقوة الإيمان العارم في الصدور، فلنسمع قول رب السلام القائل في إنجيله الطاهر: “سيكون لكم في العالم ضيق، لكن تقووا أنا غلبت العالم”.
وفي الختام القى الرياشي كلمة قال فيها: “أولا ادعو لهذا المؤتمر بالتوفيق وهذه الدعوة من القلب وادعو لاعادة التفكير مليا بالتوصيات قبل اصدارها كي تأخد حقها لدى الناس ولدى الرأي العام وعند الاعلاميين، لبنانيين وغير لبنانيين”.
أضاف: “في البدء كان الكلمة، وقال صديقي سهيل ان الكلمة ذكرت عدة مرات في الانجيل وكلمة نشهد مئات المرات ونكرز وما الى ذلك، ولكن في يوم من هذا الزمان وذكرت لمرة واحدة الى جانب نشهد استشهد احدهم على الصليب فكان ملء الزمان، وتغير الزمان منذ ذلك الوقت، الا ان كل مفاهيم الانسان بقيت على حالها منذ تأسيس الكون، الخير والشر والحب والكره والقتل والمغفرة والمسامحة واي شيء آخر، كلها مسؤولية الانسان وعلى مسؤولية الانسان، ولا نحملن التكنولوجيا العظيمة شيئا من اخطائنا لان هذه التكنولوجيا صنعها ايضا الانسان ووجدت لخير الانسان، هذه التكنولوجيا ألغت المسافات وجعلت العالم الامبراطورية البشرية قرية كونية صغيرة. هذه التكنولوجيا هي تكنولوجيا عظيمة، اما الانسان فهو من يحسن استعمالها او يسيء، الانسان يتحمل مسؤولية ما يفعل، الخطر علينا والصح لأجلنا”.
وتابع: “ننطلق من مفاهيم في بعض الاحيان خطيرة وخاطئة، وابرزها هي مفاهيم الاعلام. الاعلام ليس ان نعلم بل ان نعلم ماذا نعلم وكيف نعلم. الاعلام ليس ان نستعجل في نشر الخبر وتوزيعه من دون التحقق منه، الاعلام ليس الإساءة الى الآخر والإساءة المجانية الى الآخر، انما الاعلام هو الدفاع عن حق الآخر في الاختلاف وحقه في المعرفة وحقه في الوصول الى المعلومات والمعرفة، وحقه في ان يكون محترما بيننا ومنا ومعنا ولأجلنا، هذا هو جوهر الاعلام ولهذه المسلمات والقيم تكون رسالة الاعلام. للاعلام اليوم دور اكثر واكبر من ايصال المعلومة، المعلومة تنتشر بين الناس في كل لحظة وفي كل ثانية، تنتشر بقوة وتنتشر من دون توقف، ولكن في بعض الاحيان ومعظم الاحيان للاسف ومع تقدم هذه التكنولوجيا العظيمة تنتشر من دون التحقق من صحتها او عدم صحتها وتنتشر ايضا بأسلوب قد لا يليق بالاعلاميين او بعض الاعلاميين لانني اكره التعميم. هذا الاعلام يقف على حد السيف بين الحق والباطل، اقول لكم بين الحق وبين الباطل، ولا احد منا يلومن الباطل اذا انتصر لان الحق في هذه المعركة يكون في حال الصمت، لا ينتصر الباطل الا ويكون الحق على الحق لينتصر الباطل”.
وقال: “الاعلام له مسؤولية استراتيجية في الدفاع عن الحق وليس فقط في نقل المعلومة ونقل الخبر، لم يعد الاعلام اليوم اعلاما للخبر فقط، الخبر منتشر وواسع الانتشار وكل من يملك هاتفا خليويا يستطيع ان يكون اعلاميا بهذا المعنى، ولكن الرأي ورأي الآخر وصناعة الرأي العام والدفاع عن الحرية وحرية الآخر والدفاع عن القيم هي الرسالة وهي القضية. لأجل هذه القضية ولأجل هذه الرسالة نشأ الاعلام، وعليها يكون الاعلام رسوليا او لا يكون”.
أضاف الرياشي: “قال لنا يوما “لا تخافوا العالم لاني قد غلبت العالم”، نعم ونحن نستطيع ان نغلب العالم وكيف؟ وقال يوما حين سأله بطرس “يا رب هل ولد اعمى خطيئة منه ام من والديه” فأجاب “ولد اعمى لتظهر فيه اعمال الله”، وكيف تظهر اعمال الله في الاعلام؟ نحن سواعد الله في هذه الرسالة ولا يمكن ان تظهر اعمال الله الا من خلالنا نحن، من خلال جرأتنا وشجاعتنا للوقوف في وجه الباطل وقول الحق، من خلال شجاعتنا للدفاع عن القيم التي تهان وتنتهك اخلاقيا وقيميا ومعلوماتيا وشتيمة واساءة للآخر كل يوم عبر شاشاتنا. ماذا نفعل؟ لا شيء، كيف ندافع؟ لا نفعل شيئا، نحمل بعض الاعلاميين وبعض الدولة المسؤولية، الدولة لا تتحمل المسؤولية الاخلاقية عن ذلك، بل كل واحد منا يتحمل ذلك من دون اي استثناء على الاطلاق، رعاة كنا ام قطيعا. نحن نتحمل مسؤولية ذلك لأنها مسؤوليتنا ان ندافع عن هذه الحرية وهذه القيم التي من أجلها نشأنا ولأجلها كنا”.
وتابع: “أسسنا معا مع “تيلي لوميار” ما يسمى “مجتمع الدفاع عن العائلة اللبنانية” ولكننا فشلنا في متابعة هذا الموضوع، والدفاع عن العائلة هو للدفاع عن حق العائلة في المعرفة، العائلة الكاثوليكية أو العائلة اللبنانية بشكل عام لأن هذا المشروع لم يكن حكرا على المسيحيين ولن يكون، هو مشروع وطني عام للمسيحيين وللمسلمين. وكما يقول المسلمون: “إذا رأيت منكرا فغيره بيدك وإن لم تستطع فبلسانك”. نحن نقول على هذا الكلام ونبني لأن المنكر موجود، لكن التغيير مفقود وشجاعة التغيير مفقودة ولا يمكن أن يكون هناك تغيير من دون شجاعة على التغيير. قال سيدنا وهو الحريص والحارس الأمين على المصالحة التاريخية بين المسيحيين إن هذه المصالحة تتعرض لعطوب عديدة بسبب بعض الاعلام، صحيح، وأنا أفتخر أنني كنت في يوم من الأيام جزءا من قيام هذه العمارة المسيحية والوطنية الأساسية والكبيرة لأنها الى جانب أنها تؤمن الحفاظ والحماية لهذه القلعة العظيمة في لبنان والمشرق، إنها أيضا تؤمن التوازن الوطني مع شريكي وأخي المسلم في الوطن والعالم، وتؤمن النموذج الحي لتجربة فريدة من نوعها في العالم يجب أن تعمم، ومن مسؤولية المسيحي قبل المسلم الدفاع عنها وتعميمها والقول إن المسلم الذي هو أخي في هذا العالم أنا أعرفه، وعليكم أن تعرفوه كما أنا أعرفه لا كما يصوره بعض الإعلام على أن الإسلام يساوي الإرهاب. هذه مسؤولية المسيحي، لأن المسيحي إذا كان مسيحيا مؤمنا يدافع عن الآخر مهما كان هذا الآخر وكيفما كان هذا الآخر كما دافع بولس الرسول عن إيمانه وعن الآخر المختلف وشفاه ووقف معه ووقف الى جانبه في أي موقف”.
وقال: “عن هذه المصالحة، سيدنا، حملني بعض السياسيين المسؤولية في إحدى الجلسات أنه كان يجب أن أصمت حين وقع بعض الإهتزاز لأني أحد حراس هذه المصالحة، فقلت له علمني سيدي الكبير أن الحارس الأمين لا يصمت أبدا حين يقترب الشر من بيته الذي يحرسه، ونحن حراس هذه المصالحة، وعلينا أن نقف في وجه كل من يتقدم او يحاول المس بها لان هذه المصالحة هي مصالحتنا جميعا وليست مصالحة حزبين فقط، هي مصالحة عائلات وإخوة وأخوات تقاتلوا وتناحروا في يوم من الأيام للأسف، لكن التاريخ لا يرحم ولن يرحم، بل سيلعن كل من يحاول المس بجوهر هذه المصالحة”.
وختم الرياشي: “اقول كلمة ختامية في ما يتعلق بوزارة الإعلام بناء على طلب صديقي سهيل. أنا حين أتيت الى خدمة لبنان عبر وزارة الإعلام، أخذت على عاتقي إلغاء هذه الوزارة لأنها وزارة متهالكة ولا تليق بهذا العصر، نجحت في قيام ثورة تشريعية كبيرة في وزارة الإعلام، سواء بإعادة هيكلتها أو بإلغائها عبر تحويلها الى وزارة التواصل والحوار، أو بتشريع جديد لنقابة المحررين التي تضم كل الإعلاميين وتحافظ على مصالحهم في زمن لم يعد مهيأ، لا من حيث السوق الإعلامي ولا سوق الإنتاج، لحماية مصالحهم. أسست مع أكاديميين والكليات الإعلامية رابطة لأكاديميات الإعلام ولكن أي مشروع كان يرتبط بمشروع قانون، عليه أن يتواصل ويقدم الى مجلس الوزراء ليصبح نافذا، كان يقف في أدراج مجلس الوزراء. أنا نجحت منفردا بكل فخر، لكني فشلت مجتمعا مع مجلس الوزراء وهذه الحقيقة أضعها بفخر وبتواضع أمامكم، وأقول لكم إن أي وزير سيأتي بعدي وان شاء الله يكون خلال ساعات، ليس عليه أن يتعب في شيء إنما أن يقدم هذه المشاريع المؤسساتية التي لا تعني القوات اللبنانية ولا تعني ملحم الرياشي، بل تعني كل اللبنانيين وكل الإعلاميين، عليه أن يسحبها من أدراج مجلس الوزراء ويضعها على طاولة وجدول اعمال الجلسات، لتقر ويصبح الإعلام في تحديث ونفوذ وازدهار ويصبح الإعلاميون في أمان وأمن كاملين”.
ثم عقدت الجلسة الاولى بعنوان “الاعلام في عالم اليوم” أدارها الاعلامي بسام براك وتحدث فيها الخبير في السياسات العامة والتواصل زياد الصايغ عن “من اعلام السياسة الى اعلام السياسات”، مدير الاخبار والبرامج السياسية في ال MTV غياث يزبك عن “اي اعلام من اجل الحقيقة” ومساعد المدير العام لتلفزيون لبنان واصف عواضة عن “الاعلام في مجتمع متعدد”.
اما الجلسة الثانية، فادارتها كاتيا ريا وتركزت على “الاعلام الكنسي في عالم اليوم”، شارك فيها الأمين العام ل”تيلي لوميار – نورسات” انطوان سعد عن “اي اعلام لكنيسة اليوم”، مديرة الاعلام في مجلس كنائس الشرق الاوسط اوغيت سلامة عن “الاعلام في خدمة العمل المسكوني” والاستاذ الجامعي ناجي قزيلي عن “الاعلام من بولس السادس الى فرنسيس”.