وحده حزب الله كان يشكل له "خيط النجاة" من مآزقه، الى أن ارتكب "غلطة عمره" بلحظة "انفعال او انتفاخ" متهما الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالكذب ، بجملة شهيرة قال فيها "مشكلتنا مع الصادقين الذين نكثوا بالاتفاق والوعد والضمانة وهذه ليست اوّل مرّة تحصل".
لم يستسغ باسيل التزام الحزب الضمني بترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، فقرر الانتقال الى الخطة ب، بالتصويب على الحكومة ورئيسها متلطيا خلف" الوزير التكنوقراط "وليد فياض، كما اسمته النائبة ندى البستاني قبل ايام عندما حاولت التنصل من تبعات تخبيصاته الكهربائية.
كانت أمام الوزير فياض فرصة ذهبية ليثبت جدارته في ادارة شؤون الوزارة، وهو القادم من خلفية اكاديمية وازنة. وكان يمكن لتأكيده العلني، من منطلق "الدفاع عن النفس"، انه ليس في "التيار" ولا حزبيا، أن يشفع به ، لكنه آثر سريعا ان يتحول الى بوق باسيلي تعطيلي، بعدما تمت دغدغة مشاعره بأنه سيكون الحصان الرابح في السباق النيابي في الدورة المقبلة، خلفا لنائب شمالي، لم يعجب اداءه رئيس "التيار" فاعتبر اختياره غلطة لن تتكرر.
أروقة السراي الحكومي تشهد على المرات الكثيرة التي كان يقول فيها رئيس الحكومة لوزير الطاقة: يا وليد خلصلي هالملف تأخرنا، ليأتيه جواب الوزير بابتسامة لم يفقه أحد حتى الان معناها الحقيقي" President بعدنا عم نشتغل". وتمضي الشهور ووليد "بعدو عم يشتغل"ولم ينه عمله.
تغاضى اللبنانيون القابعون في العتمة عن "سلوك تهريجي" لا يخص الا صاحبه، على أمل التنعم بساعات اضافية من التيار الكهربائي، لكن هذا السلوك انسحب على العمل الوزاري، فلم ينه القسم الاكبر من الملفات المطلوبة منه ما خلا استعجال ادخال بواخر الفيول قبل توافر الاعتمادات المستندية الخاصة بها، ما طرح الكثير من علامات الاستفهام التي تصل الى حد الشك.
"وزير الطاقة" الذي شكا من عدم رد رئيس الحكومة على اتصالاته ، واعلن امتناعه عن حضور جلسة الحكومة التي تقرر عقدها"على شرفه" لعرض ما لديه بشأن السلفة المالية والبواخر، فضّل ان يمارس دوره"التكنوقراطي" من ميرنا شالوحي او عبر "الخط الساخن" مع "ملهِمة قراراته"، الحاضرة للرد عند كل مناسبة، قبل ان تنسحب بتكتيك هادئ مرفق باعتذار ممن قذفت سموم لسانها عليهم في لحظات غضب او عدم معرفة.
في المقابل، يستمتع رئيس"التيار" جبران باسيل بافتعال حرب التسريبات الاعلامية لترهيب خصومه ، وآخر تجلياتها ما نشر اليوم بنَفَسٍ طائفي مقيت بات سمة ملازمة لنهج"التيار". ومما جاء في التسريبات"الموقف بات أبعد بكثير من إعطاء سلفة خزينة لكهرباء لبنان، بل هناك قرار يجري تنفيذه بكسر المكوّن المسيحي في لبنان، يشارك فيه كل من يشارك في جلسة مجلس الوزراء. لن نسكت أو نستكين إزاء أي دعوة جديدة لاستهداف موقع رئيس الجمهورية وانتهاك الدستور وضرب الشراكة الوطنية".
مصادر حكومية معنية ترد على هذا الكلام بالقول"إن ما فعله باسيل خلال "عهد عمّه القوي" شكل قمة استهداف موقع رئيس الجمهورية وانتهاك الدستور وضرب الشراكة الوطنية، وبالتالي فلا احد يمكنه، بعد باسيل، المزايدة في هذا الامر. ولم يشهد تاريخ المسيحيين تحديدا، حتى في عز الحروب، هذا الاحباط الناتج عن عهد كان اقرب الى "عهد بيلاطس البنطي" فصُلب اللبنانيون وعموم اللبنانيين على صليب الانهيارات والازمات المالية والاجتماعية".
وتجدد الاوساط ذتها السؤال " ما الذي يمنع باسيل ونوابه من القيام بواجبهم الانتخابي اذا كانوا حريصين على الرئاسة وعلى الشراكة؟"
وتختم الاوساط" حري بمن يدعي الحرص على الدستور ان يلتزم بمضمونه وروحيته ، لا أن يبحث عن "دستور نتن"، أو أن يخدع الناس بفكرة "المراسيم الجوالة" التي لا اثر دستوريا لها، ليخلص الى تكرار القول"ما خلّونا".