مرّة جديدة يثبت "حزب الله" أنه قادر على إمساك عصا المبادرات من النصف. هو من حيث المبدأ مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء كلما دعت الحاجة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بحاجات الناس، الذين يجب ألاّ يكونوا عرضة للمساومات السياسية، وبالتالي يجب تحييدهم عن أي صراع سياسي عبثي. هذا ما فعله في المرّة الماضية عندما دعي مجلس الوزراء إلى الانعقاد للبت بأمور صحية لها علاقة بمرضى السرطان وغسل الكلى. وهذا ما سيفعله هذه المرّة.
ولأنه وقف إلى جانب الناس خاصمه "التيار الوطني الحر" وأتهمه بأنه نكث بوعوده الصادقة، يتساءل المتسائلون: هل سيشارك وزراء "حزب الله" هذه المرّة في جلسة مخصّصة أيضًا للبحث في أمور الناس اليومية، إذ أن تأمين الحدّ الأدنى من ساعات التغذية الكهربائية هو من بين المطالب الأساسية للمواطنين، الذين يخضعون لابتزاز أصحاب المولدّات في هذا البرد القارس؟
المعلومات المتوافرة حتى اللحظة تشير إلى أن القيادة العليا في الحزب حسمت موقفها من موضوع مشاركتها في الجلسة، التي سيدعو إليها رئيس الحكومة مطلع الأسبوع المقبل، لأنها مقتنعة بوجوب انعقادها، ولأنها لا تخشى بالطبع ردّة فعل "ميرنا الشالوحي"، وهي حريصة في الوقت ذاته على مراعاة الخصوصية المسيحية التي تتعلق حصرًا بوضعية علاقتها مع بكركي، وذلك من أجل طمأنة البطريرك الماروني بأن انعقاد أي جلسة لمجلس الوزراء، والتي ستكون مخصّصة تحديدًا لمعالجة قضايا الناس، ليس تعدّيًا على صلاحيات رئيس الجمهورية، الذي يُفترض أن يكون لجميع الناس وليس لفئة دون أخرى، وإن كان ينتمي إلى الطائفة المارونية.
"حزب الله" بمشاركته الأكيدة هذه المرّة أيضًا يكون صادقًا مع ناسه، الذين وقف إلى جانبهم يوم كانوا في حاجة إلى دواء لا يمكن تأمينه إلاّ عبر مراسيم تصدر عن مجلس الوزراء. وكذلك الأمر بالنسبة إلى جلسة الأسبوع المقبل لإقرار سلفة خزينة لتأمين الفيول لمعامل الكهرباء المتوقفة عن الإنتاج لنفاد هذه المادة من خزاناتها.
القرار متخذ. لأن قضايا الناس أولوية. وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع، وبالأخصّ الذين يحاولون "اللعب" على عواطف بعض الناس عندما يوهمونهم بأنهم يدافعون عن حقوقهم فيما هم يدافعون عن امتيازات لم تعد موجودة سوى في بعض المخيلات.
ولأنه كان مقتنعًا في المرّة الماضية بصوابية الحاجة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، فإن وزراء "حزب الله" سينزلون إلى جلسة السراي الحكومي مع تفضيلهم حصر البحث في الأمور الأكثر الحاحًا من غيرها.
فـ"الحزب" يعرف مسبقًا ما سيكون عليه موقف السيد جبران باسيل من تلبية وزرائه الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء. وما سيقوله في هذا الصدد سبق أن قاله في المرّة السابقة، وأن أي كلام في هذا الإطار يوضع في خانة الأفضلية بين "التحالف الأعمى"، وبين مصالح الناس. فهذه المصالح بالنسبة إليه أولوية لا تعلوها أي أولوية أخرى، مع حرص "حارة حريك" على أن تكون العلاقة مع "التيار الوطني الحر" وطيدة ومستقرّة، وإن تتطلب الأمر إعادة النظر في بعض بنود "تفاهم مار مخايل".