كتب خالد أبو شقرا في "نداء الوطن":
لماذا تمّ الإبقاء على دعم حليب الأطفال لغاية أمس الأول، ما زالت السلعة تُستورد بكميّات هائلة ولا تتوفّر في الأسواق. لماذا لم يرفع الدعم عن الحليب في منتصف العام 2021 أسوة ببقية المواد الغذائية أو حتى قبلاً؟ لمصلحة من كانت تتمّ عمليات الشراء التي «تكفي بلدين»، بحسب ما قال وزير الصحة؟
الدعم المباشر كبديل أكثر فعالية
إيصال الحليب المدعوم إلى مستحقيه ليس «علم صواريخ». فـفي لبنان حوالى 50 ألف طفل، تتراوح أعمارهم بين يوم واحد، وسنة. ومن السهل إعطاء ذويهم بطاقات دعم من المستشفيات أو دور الولادة أو حتى مراكز الشؤون الاجتماعية لشراء الحليب بالسعر المدعوم»، برأي الباحث في الدولية للمعلومات محمّد شمس الدين. و»إذا كان رفع الدعم عن مختلف السلع ومنها الحليب هو ضرورة لوقف التخزين والتهريب والبيع في السوق السوداء، فإن تنظيم الدعم المباشر على الحليب يخفّف ضغطاً كبيراً على مختلف الأسر نتيجة تحرير الأسعار بشكل كلّي».
الأسعار اليوم
مثله مثل مختلف الأدوية والأدوات الطبية، بدأ الدعم على حليب الأطفال لغاية عمر السنة، بنسبة 100 في المئة في أيلول 2019. وقتها كان متوسط ثمن علبة الحليب زنة 400 غرام يقدّر بـ 12 ألف ليرة. ومع ترشيد الدعم على الأدوية، تراجع الدعم على حليب الأطفال إلى 50 في المئة فقط. حيث ارتفع سعر العلبة بداية إلى حدود 100 ألف ليرة. وأصبحت معرّضة للارتفاع دورياً مع كل ارتفاع في سعر صرف الدولار في السوق الموازية، خصوصاً أن نصف ثمنها يؤمّن نقداً بحسب سعر الصرف الرائج، حتى وصل سعرها مطلع هذا العام إلى حوالى 170 ألف ليرة. الأمور ظلت على هذه الحالة لغاية أمس الأول، حيث اتخذ القرار برفع الدعم كلياً. فشهدت أسعار حليب الأطفال ارتفاعاً بنسبة 102 في المئة فوراً»، بحسب شمس الدين. ووصلت علبة الحليب زنة 400 غرام إلى 336 ألف ليرة. وسيرتفع هذا السعر أسبوعياً بموجب مؤشر التسعير، الموازي لسعر الصرف في السوق، الذي يصدر عن وزارة الصحة.
خارج قدرة العائلات
من البديهي أن الأسعار الجديدة لحليب الأطفال ستكون خارج متناول الكثير من الأسر والأفراد، وستصعّب العمل، حتى على الجمعيات المعنية بتقديم المساعدات. فـ»كلفة شراء كميات كافية من حليب الرضع والأطفال قد تصل إلى الحدّ الأدنى للأجور الذي تتقاضاه شريحة واسعة من اللبنانيين»، بحسب المديرة العامة لـ»جمعية العناية بالطفل والأم»، لارا عرقجي. والكثير من الأهالي يعمدون إلى تقليل عدد الوجبات إلى الحدّ الأدنى بهدف توفير كميات الحليب وجعلها تدوم لفترة أطول. حتى أن بعض الأهالي يعطون أطفالهم الماء والسكر كبديل عن الحليب لعجزهم عن شرائه».