كتبت صفاء درويش في " الجمهورية": في 17 تشرين 2019، تابعت القيادة السورية ما جرى على الشاشات، وكانت تملك معلومات دقيقة عمّا يحصل في بيروت، من نشاط السفارات إلى محاولات إحداث انقلاب على عهد الرئيس ميشال عون وحلفائه. تابعت الموضوع بقراءة هادئة، ولو أنّ إشاراتها في حينها لم تكن علنية. تقول مصادر دمشق، إنّ المشهد في حينه رغم قساوته كان مطمئنًا لها، كون حليفيها الأساسيين على الساحة متضامنان لردّ الهجمة، وهذا ما حصل بعدها من دون الدخول في التفاصيل.
اليوم هناك ريبة ما ممّا يحصل، إذ إن الخلاف القائم بين الحزب والتيار يلامس حدود القلق عند الحريصين على الساحة اللبنانية. يشرح مصدر سياسي سوري، أنّ القلق لا ينبع من تباعد الطرفين فقط، بل من محاولات الآخرين جرّ المقاومة نحو اشتباك سياسي، وربّما غير سياسي، مع الشارع المسيحي، الذي بقي طوال عقد ونصف من الزمن تقريبًا في خانة «صديق المقاومة» ويجب أن يبقى، في رأي دمشق.
لا تؤكّد المعلومات أنّ أي اتصالات أو تحركات سورية بدأت على خط تقريب وجهات النظر بين الفريقين، ولكن في الوقت نفسه لا تنفي احتمال قيام دمشق بمبادرة ما في هذا الإطار، ولكن في توقيت مناسب، لا يُفهم من أي طرف من الأطراف على أنه دفع في اي اتجاه. وفي هذا الإطار، تؤكّد المعلومات، أنّ دمشق لن تمارس ضغطًا على الوزير جبران باسيل في سبيل إقناعه بانتخاب سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، وبالطبع لم تكن لتفعل الأمر نفسه مع فرنجية لو كان العكس هو السائد.
«الخلاف لن يتشعّب»، يقول المصدر نفسه، إذ انّه لا يمكن لـ«حزب الله» أن يقبل بتباعد مع حليف استراتيجي من وزن تيار «ميشال عون». فبحسب توصيفه، فإنّ جوهر العلاقة بين الحزب والتيار يلامس بأهميته علاقات «حزب الله» مع الدولتين الأقرب إليه، وأنّ هذا الموضوع شكّل ولا يزال يشكّل استقرارًا كبيرًا لن تفرّط به قيادة الحزب، مع رفض سوري للغوص في التفاصيل.
ما يعني دمشق اليوم ألّا يفترق «أصدقاؤها» الذين جمعتهم المسلّمات الوطنية لا المصالح الآنية. وهنا يتقصّد أي مسؤول سوري معني بالملف اللبناني إمرار كلمة «أصدقاء»، لإظهار السياسة السورية تجاه حلفائها في لبنان، ولتثبيت أنّ مراجعة كبيرة جرت للمراحل الماضية التي لا يمكن أن تعود في المدى المنظور.
فهل نرى تحرّكًا سوريًا على خطّ الحليفين؟ الأمر متروك للفترة المقبلة وما ستحمله من تطورات.