وضع باسيل لنفسه خطوطاً حمراء، فبدل من أن يتجه الى رفع سقف المواقف في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية من خلال تأمين النصاب، بمعزل عن ما اذا كانت ستأتي برئيس أم لا، قرّر انسحاب عدد من نوابه كما كان يحصل دوماً، حتى انّ بعضاً منهم لم يحضر عمداً حتى لا يظهر ان "التيار" قد طيّر النصاب بشكل واضح وعلني، اذ إنه يدرك أن تأمين النصاب هو امر من شأنه أن يتسبب بإسقاط العلاقة بشكل نهائي مع "الحزب".
من جهة اخرى فإن باسيل، ومن خلال رغبته بعدم التنازل عن تصعيده وتلويحه بالتصويت للمرشح ميشال معوّض، وضع اسم الاخير بشكل يضمن إلغاء الورقة، فصوّت "التيار" مثلا بكلمة "ميشال" او كلمة "معوض" منفردة، ما ضمن تطيير الاوراق في رسالة واضحة مفادها بأنه لا يرغب بقطع الجسور مع "الحزب" والتصويت جدياً لمرشح يعادي الخطوط الاستراتيجية لحارة حريك.
لكن باسيل يحاول الظهور بمظهر القوي في وجه "الحزب" ويعمل على الرد على بيانه الذي أتى في الاصل كرد على مؤتمره الصحفي الاخير، خصوصاً وان الخطاب أوحى بأن "التيار" يبدي استياء أيضاً من أداء "حزب الله" وخطواته في الملفات الداخلية، لكنه لم يذهب بلهجة سياسية حادة تنهي التفاهم بشكل كامل.
يواصل باسيل محاولاته في لعب دور المدافع الاول عن المسيحيين، حيث قام بزيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي في حركة أوحت بإصراره على الاستمرار في سياسته الاخيرة، وتعنّته المطلق بشأن اعتراضاته المرتبطة بجلسة مجلس الوزراء الاخيرة ومشاركة وزراء "حزب الله" فيها وتصوير مواقفه على انها معركة مسيحية لا يمكن له التنازل عنها.
في المحصلة، لا يمكن اعتبار خطوات باسيل التصعيدية نهائية، سيما وانه يترك شعرة معاوية للعودة والنقاش مع حليفه لتطوير التفاهم وتحقيق مكتسبات جدية على عتبة اتتخاب رئيس جديد للجمهورية ودفع "الحزب" الى تقديم ضمانات كبرى للتيار لكي يسير بالتسوية او اقله كي لا يسعى الى عرقلتها وإسقاطها.