جاء في “المركزية”:
“لكم لبنانكم ولنا لبناننا”، ” لكم ثقافة الموت ولنا ثقافة الحياة” . عناوين وهاشتاغات ذيَلت تعليقات المغردين والمبحرين على صفحات التواصل الإجتماعي بعد كلام رجل معمّم يدعى نظير جشي يتحدث فيه عن الإنتخابات النيابية وشواطئ جونية والمعاملتين وجبيل. وعلى رغم ” تنكّر” قيادة حزب الله في منطقة جبل لبنان والشمال للمدعو جشي الصادرة بحقه عشرات المذكرات والمحكوم عليه بالسجن لمرات عديدة وقد أمضى فترة محكومياته التي استمر بعضها لثلاث سنوات، وعلى رغم كل التغريدات التي عبرت حقيقة عن رفض ثقافة الموت، بدا واضحا أن الكلام الصادر عن جشي عشية الإنتخابات ليس بأداة تستخدم في المعارك الإنتخابية إنما هو جزء من فصل مكتوب في وثيقة المستضعفين التي نشرها “حزب الله” في 6 شباط 1985، وهي الوثيقة السياسية الأولى للحزب في لبنان الناتجة عن المؤتمر التأسيسي الأول. وفيها:” نحن في لبنان لسنا حزباً تنظيمياً مغلقاً، ولسنا إطاراً سياسياً ضيقاً… إننا أبناء “أمّة حزب الله” التي نَصَرَ الله طليعتها في إيران، وأسّست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم”.
ما ورد في الوثيقة قاله جشي حرفيا في الأمس عند سؤاله عن رأيه من موقف الحزب والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي تنصل منه وأكد أنه لم يعمّم في لبنان إنما على يد أحد العلماء في قم -إيران حيث تلقى علومه الدينية حيث أعلن أن”حزب الله ليس حزبا سياسيا لبنانيا نحن “أمة حزب الله”.
ثمة من أراد تهدئة النفوس عشية الإنتخابات وهذا مؤكد وضروري لأن نوايا الفريق “الضعيف” والخاسر يفتش عن “فتنة” ما لتطييرها، وكلام جشي يأتي في هذا الإطار وإن كان استبدل عبارة إزالة الكتائب والمسيحيين – الواردة في الوثيقة- باتهام كل من يسقط ورقة لمرشحي حزب القوات اللبنانية بأنه يصوّت لمن اتهمهم” بالزنا على شواطئ جونية والمعاملتين وجبيل”. فهل دخلنا مرحلة “إنتخبوني وإلا…” وبات الحزب يلعبها على المكشوف؟
الباحث في الشؤون الإيرانية وشؤون “حزب الله” فايز قزي يقول عبر “المركزية” تعقيبا على كلام جشي وتنصّل الحزب منه” حزب الله هو جزء من الأمة الإسلامية الإيرانية ويتبع ولاية الفقيه، وعقيدة الحزب ثابتة ولا تتبدل فهو يريد بناء دولة إسلامية في لبنان. ومن يُنكر أو يتنكر لهذا الواقع، إنما يضع الحزب خارج المفهوم الطبيعي لولاية الفقيه”. ويستعيد قزي حادثة جرت في العام 2009 عندما كان يَتلو نصرالله شخصياً “الوثيقة السياسية للحزب بنسختها المتطورة”، حيث رد على أحد الصحافيين في سؤاله عن مسألة الدفاع عن لبنان فأجاب:” أنت تستعجل الأمور، نحن في العقيدة لا نتغيّر ولا نتبدّل. فكل ما يتعلق بالعقيدة الفكرية لا يتغير. هذا التماهي الحاد، يقودنا إلى ما ورد في مقدمة الدستور الايراني، التي تتحدث عن أنّ “مهمة الحرس الثوري الإيراني لا تقتصر على حفظ النظام الاسلامي في ايران فحسب بل نشره في العالم”.
العقيدة لا تتغير والواضح أن الحزب الذي أراد من خلال قيادتيه في جبل لبنان والشمال إقناع الرأي العام أنه غير معني بكلام جشي وأنه لا ينتمي إلى الحزب إنما تأكيد على أنه بات يلعبها على المكشوف. “لا يريد “حزب الله” تطبيق الاسلام بالقوة، يقول قزي، “فهو ينتظر نضوج الظروف السياسية الاقتصادية المناسبة، ويعتبر أنه اذا عرضنا على اللبنانيين أنظمة مختلفة، ومنها النظام الاسلامي، فلن يختار اللبنانيون إلا النظام الاسلامي، لأنه الوحيد القابل للحياة. ويبدو أن الظروف نضجت عشية الإنتخابات النيابية .فهو يقول لنا إما أن تعطوني البلد بالشرع وقوة الصوت البرلماني أو حان وقت قطف لبنان الدولة بقوة السلاح. وأخشى أن يتحقق ذلك إذا ما تمت التسوية بين إيران والولايات المتحدة على حساب لبنان”.
وردا على إمكانية فرض ثقافة الموت التي عكسها خطاب جشي أمس على لبنان يجيب قزي:” أساسا لم يعد هناك لبنان.هناك ساحة مستباحة يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني والفكر الفارسي ووثيقة المستضعفين ونظرية بناء الدولة الإسلامية في لبنان”.
“كل سلاح خارج إطار الدولة هو إما سلاح ثورة على الدولة المستقلة أو سلاح احتلال” قالها الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران، فلماذا التعامي عن تسمية الإحتلال الإيراني؟ ” التستّر حتى اللحظة وراء تسميات على غرار هيمنة ووصاية يؤكد على “جبن” الذين يواجهون هذه الحقيقة. فالوصاية تكون من أخ على أخيه ومن جار على جاره، والوصاية من خلال دولة أو أشخاص بموجب حكم. هنا لدينا احتلال إيراني “.
الشعار الذي يرفعه الحزب حتى 15 أيار يختصره قزي بالتالي:”إنتخبوني وإلا… يقينا منه أن الظروف ” أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها . قد يواجَه من يرفع شعار “الإحتلال الإيراني” اليوم بالترهيب والتهديد والنائب السابق المرشح فارس سعيد من الأمثلة الفاضحة على ذلك لكن الصحيح أيضا أن كل الشعارات المرفوعة من قبل لوائح المعارضة اليوم لا تعيد وطنا”.
ويختم بدعوة إلى الناخبين في 15 أيار” من يعطي صوته لمن لا يرفع كلمة إحتلال إنما يكون لصالح وطن مصاب بداء الإحتلال وليس صوتا للتغيير”.