الراعي يترأس قداس سيدة ايليج تكريمًا لشهداء المقاومة اللبنانية

الراعي يترأس قداس سيدة ايليج تكريمًا لشهداء المقاومة اللبنانية
الراعي يترأس قداس سيدة ايليج تكريمًا لشهداء المقاومة اللبنانية

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداسًا احتفاليًا في كنسية سيدة ايليج سلطانة الشهداء ميفوق – القطارة قضاء جبيل، بدعوة من رابطة سيدة ايليج، بعنوان “اضطهاد أم جوع أم موت” تكريمًا لشهداء كل الكنائس المشرقية التي عانت الاضطهاد والمجازر والقتل منذ بداية القرن الماضي حتى اليوم، ولشهداء المقاومة اللبنانية، عاونه فيه النائب البطريركي المطران بولس عبد الساتر وراعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، الاباتي انطوان خليفة والاب ميشال ليان، وبمشاركة وحضور بطريرك الارمن الارثوذكس ارام الاول كيشيشيان، بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام والبطريرك يوحنا اليازجي ممثلًا بالمطران كوستا كيال، المونسنيور رفاييل طرابلسي ممثلًا الكنيسة الكلدانية، رئيس الكنيسة القبطية في لبنان الاب رويس الاورشليمي.

 

كما حضر القداس عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي سعد ممثلًا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الوزيرة السابقة اليس شبطيني ممثلة الرئيس ميشال سليمان، النائب نديم الجميل، والوزير السابق سليم الصايغ ممثلًا الرئيس أمين الجميل، النائبان السابقان فارس سعيد وسامر سعادة، رئيس اقليم جبيل الكتائبي رستم صعيبي، منسق حزب “الوطنيين الاحرار” في قضاء جبيل ميشال طربيه، رئيس البلدية هادي الحشاش والرئيس السابق يوسف اديب، مختار البلدة كمال الحشاش وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير، رئيس النادي الرياضي بشير الياس، مدير ثانوية جبيل الرسمية جوزف مخايل وفاعليات سياسية وحزبية واجتماعية، رئيس رابطة “سيدة ايليج كلوفيس” الشويفاتي والاعضاء، رئيس وجمهور دير سيدة ميفوق ولفيف من الكهنة واهالي وأقارب الشهداء وحشد من المؤمنين.

 

المطران عون

في بداية القداس، القى المطران عون كلمة قال فيها: “في كل مرة نستقبلكم يا صاحب الغبطة تأتون الينا حاملين النعم والبركات للابرشية التي احببتم واحبتكم، واليوم تلبون دعوة رابطة سيدة ايليج للاحتفال بالذبيحة الالهية عن انفس كل شهدائنا على مر قرن من الزمن، منذ المجاعة الكبيرة في الحرب العالمية الاولى مرورا بالحروب التي قاساها لبنان والتي ذهب ضحيتها الاف الشهداء والذين بفضل دمائهم لنزال نحن على هذه الارض”.

واضاف: “تأتون الينا الى هذا المقر القديم للبطريركية المارونية الذي عاش فيه ثمانية عشر بطريركا منذ العام 1121 الى 1440، وشهد انتخاب بطاركة عظام امثال ارميا العمشيتي وغيره من البطاركة الذين سطروا كنيستنا المارونية، ان ابرشية جبيل تعاهدكم على الامانة والسير في خطى الرب في الشهادة المسيحية الحقة من خلال الحفاظ على الايمان وعيش كلمة الرب وتجسيدها في حياتنا”.

وختم: “نطلب من الرب ان يبارك مساعيكم ويحفظكم في كل ما تقومون به لخير الوطن والكنيسة”.

 

 

اهم ما في عظة البطريرك الراعي في قداس سيدة ايليج:

 

إنّ أوّل ما يحتاج إليه رجال السّياسة إنّما هو المحبّة والرّحمة لكي يحسنوا الحكم بالعدل.

 

أمّا النّتيجة فاعتداء على المواطن في عيشه وكرامته وحقوقه. وكأنّنا أمام إعادة مشهد ذاك الرجل المعتدى عليه. ولكنّنا نأمل ونصلّي كي يرسل الله لنا سامريًا صالحًا يقيم المواطن اللّبناني والدولة من المعاناة الكبيرة والخطرة، بدءًا من تأليف الحكومة لكي يبدأ الوطن باستعادة قدرته على التحرّك. فكيف يرى المسؤولون السياسيّون ويعبرون، مثل ذينك المسؤولَين، الكاهن واللّاوي، أمام دَين عام يناهز التّسعين مليار دولار أميركي، وبات يشلّ النموّ الاقتصادي وحركة الانتاج، ويعطّل فرص العمل، ويرمي اللبنانيّين في مزيد من الفقر، ويقحم قوانا الحيّة الشبابيّة المنتجة على هجرة الوطن، ويحرم الدولة من الاستثمار في مشاريع إنمائيّة، فيما الهدر والانفاق غير المجدي بالمقابل يتزايد؟ فالمطلوب خفض الانفاق، وتخفيف العبء عن الخزينة وضبط الهدر بالتّعاون مع القطاع الخاص، وزيادة الواردات، وإبعاد المصالح السياسيّة عن الإدارة توظيفًا وأداءً.

 

كيف يرون ويعبرون، وهم مأخوذون فقط بمناقشة الأحجام وتقاسم الحصص، وبأزمة الصلاحيّات وهي من دون أساس، بعد الانتخابات النيابيّة التي كنّا نتوقّع فيها بصيص أمل بحياة أفضل، علمًا أنّ واحدًا وخمسين بالمئة من الشّعب اللّبناني لم يشارك فيها، لفقدان الثقة! فيتبيّن اليوم أنّ شكّهم كان في محلّه.

 

العظة كاملة

 

العظة كانت تحت عنوان “أحبب الرب إلهك من كل قلبك ونفسك وقدرتك وفكرك، وأحبب قريبك كنفسك” (لو27:10)، ومما جاء فيها:

“هذه الشريعة الإلهية تبين أن محبتنا لله أساس محبتنا للانسان قريبنا، والجديد في تعليم الرب يسوع أنه جعل المحبة والرحمة رابطة القرابة الحقيقية، فوق قرابة الدم. هذا ما يكشفه لنا في انجيل اليوم والمثل المعبر، في حين أنه سبق وأعلن في عظة الجبل: “قيل للأولين: أحبب قريبك، وأبغض عدوك، أما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم، وصلوا من أجل مبغضيكم ومضطهديكم” (متى 43:5-44).

 

وقال: “هذه الشريعة الإلهية القديمة الجديدة شكلت ثقافتنا المسيحية وعاشها ببطولة شهدائنا الذين سفكوا دماءهم فحيينا. وها إنا نجتمع اليوم بدعوة من رابطة سيدة إيليج لإحياء ذكراهم في هذه الذبيحة المقدسة، في رحاب كنيسة الكرسي البطريركي من سنة 1121 الى 1440، حيث عاش 13 بطريركا وقدسوا هذه الأرض بصلواتهم وتقشفاتهم وقداسة حياتهم، وبدماء الشهداء من بينهم على يد المماليك، مثل دانيال الحدشيتي (1283)، وجبرايل ابي خليل الحجولاوي (1367)، وقرب ضرائح شهداء المقاومة اللبنانية في الحرب اللبنانية الأخيرة الذين استشهدوا دفاعا عن الوطن. في هذا المكان المقدس يكرمون وتحيا ذكراهم بأشجار الأرز المرتفعة كعلامة لخلودهم في مجد السماء. وموضوع هذه الذكرى: “اضطهاد أم جوع أم سيف؟”، وهي كلمات للقديس بولس الرسول كتبها في رسالته الى أهل رومية متسائلا: “من يفصلني عن محبة المسيح؟ أضيق أم حبس أم طرد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟ إننا من أجلك نمات كل يوم، وقد حسبنا مثل غنم للذبح. ونحن في كل هذه غالبون بذاك الذي احبنا” (روم35:9-37). صرخة بطولة الرجاء هذه عند بولس الرسول تردد صداها على ألسنة شهداء كنائسنا المشرقية جيلا بعد جيل، حتى يومنا”.

 

وأضاف: “يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية لراحة نفوس شهدائنا، شهداء الايمان والوطن من كل الكنائس. فنحييكم جميعا مع رابطة سيدة إيليج التي دعت مشكورة إلى هذا الاحتفال ونظمته. ونوجه تحية شكر وتقدير لرئيس دير سيدة ميفوق الأب ميشال اليان والآباء الذين يقومون بخدمة هذا المقر المقدس ورعية ميفوق العزيزة. ونوجه تحية اعتبار وامتنان للرهبانية اللبنانية المارونية الجليلة التي تسلمت مقر سيدة إيليج البطريركي من الأمير يوسف شهاب سنة 1686 بعد تحريره من الذين استولوا عليه وهجروا البطاركة الى دير سيدة قنوبين في الوادي المقدس سنة 1440. وراحت الرهبانية عبر السنوات والعصور ترمم ما انهدم منه وتجدد البناء، وتحافظ على قدسيته”.

 

وأردف: “كما حافظت على صورة سيدة إيليج، فرممتها وأعادت إليها رونقها الثقافي التاريخي كأيقونة مارونية ترقى إلى القرن العاشر ومختصرة الروحانية المريمية في كنيستنا وسائر الكنائس المشرقية.

فإن وجه السيدة العذراء أوحى لأبائنا البطاركة والمؤمنين الصلاة والجهاد في الايمان. أمامها صلوا، وشفاعتها التمسوا في أحلك ساعات التاريخ الماروني واللبناني. فحملوا هذه الصورة الى كنائسهم في لبنان وبلدان الشرق الاوسط ودنيا الانتشار. وقرأوا في رسم الشمس والقمر فوق وجه العذراء الحاملة ابنها يسوع، أنها سلطانة الليل والنهار، وأن ابنها سيد التاريخ. ثم بتأثير غربي أعطيت الشمس والقمر وجه ملاكين، للدلالة أن مريم هي سلطانة الملائكة، ويسوع سيدهم، وآمنوا بعقيدة الحبل بلا دنس، قبل إعلانها، من خلال قراءة النجمتين: واحدة على جبينها، وواحدة على كتفها الأيمن، واعتبروا طفلها الذي تحمله بيدها اليسرى نجمة ثالثة. وآمنوا بأمومتها الإلهية، كوالدة الإله في اللونين الازرق والترابي: فالأول يعني الديمومة والثاني الزائل، فقرأوا أن الله وشحها باللون الأزرق أي النعمة السماوية، لكي تكون، وهي بنت الأرض، أم الإله الابن”.

 

وتابع الراعي: “ماذا أعمل لأرث الحياة الابدية؟” (لو25:10)، هذا السؤال المطروح على يسوع، سؤال يجب أن يطرحه كل إنسان، لكي يعرف الطريق إلى خلاصه الأبدي. فكان جواب يسوع لذاك العالم بالشريعة ما هو مكتوب فيها، ويعرفه هذا العالم أن “أحبب الرب إلهك من كل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك وكل فكرك. وأحبب قريبك كنفسك” (لو27:10).

محبة الله الموصوفة بهذه الكلمات تعني أن لا إله من صنع البشر يعلو على الله: فلا أصنام بشرية أو مادية تتقدم على الله، لا البشر ولا السلطة ولا المال ولا السلاح ولا أية ايديولوجية كذلك. إن محبة الله بطولة في زمن عبادة الذات والناس، وعبادة المادة والاستهلاكية، وعبادة السعي الى السلطة وكسب المال بالطرق غير المشروعة. ولهذا قال الرب يسوع في عظة الجبل، دستور الحياة البشرية: “لا يمكنكم أن تعبدوا ربين: الله والمال” (متى24:6). فعندما تسقط محبة الله من قلب الانسان، يصبح عبدا لهؤلاء “الآلهة – الأصنام”، فتعم الفوضى ويتلاشى الخير العام. أما محبة القريب كالنفس، فيختصرها الرب يسوع بهذه العبارة: “فكل ما تريدون أن يفعله الناس لكم، إفعلوه أنتم لهم أيضا. هذا هو الناموس والأنبياء” (متى12:7).

 

وقال: “ومن هو قريبي؟” (لو29:10). على هذا السؤال الثاني الذي طرحه ذاك اليهودي، العالم بالتوراة، أجاب يسوع بمثل السامري – وبين اليهود والسامريين عداوة – الذي اعتنى بذاك الرجل الذي وقع بين أيدي لصوص ضربوه وتركوه بين ميت وحي، فيما ابنا ملته الكاهن واللاوي رأياه وعبرا.

وكما أخذ يسوع الجواب على السؤال الأول من فم العالم بالشريعة، أراد أن يأخذ أيضا من فمه الجواب على السؤال الثاني، فسأله: “من تراه من هؤلاء الثلاثة صار قريبا لذك الرجل المعتدى عليه؟”، فأجاب من دون تردد: “ذاك الذي عامله بالرحمة” (لو36:10-37). عندئذ قال له يسوع: “اذهب واصنع أنت أيضا كذلك. فترث الحياة الأبدية” (راجع لو25:10و37)”.

 

واضاف: “هذا الأمر موجه إلى كل إنسان. إنها حضارة المحبة والرحمة التي يحتاج إليها عالم اليوم، ولاسيما لبنان، حيث أن هذه الحضارة آخذة في التراجع ولاسيما عند الجماعة السياسية، كما هو ظاهر في أدائها السياسي وتخاطبها وفقدان الثقة المتبادلة، وفي تعظيم الأمور الصغيرة وإعطائها طابعا دينيا ومذهبيا، مثيرا للخلاف، ومسمما للأجواء. إن أول ما يحتاج إليه رجال السياسة إنما هو المحبة والرحمة لكي يحسنوا الحكم بالعدل، أما النتيجة فاعتداء على المواطن في عيشه وكرامته وحقوقه. وكأننا أمام إعادة مشهد ذاك الرجل المعتدى عليه. ولكننا نأمل ونصلي كي يرسل الله لنا “سامريين صالحين يقيمون المواطن اللبناني والدولة من المعاناة الكبيرة والخطرة، بدءا من تأليف الحكومة لكي يبدأ الوطن باستعادة قدرته على التحرك. فكيف يرى المسؤولون السياسيون ويعبرون، مثل ذينك المسؤولين، الكاهن واللاوي، أمام دين عام يناهز التسعين مليار دولار أميركي، وبات يشل النمو الاقتصادي وحركة الانتاج، ويعطل فرص العمل، ويرمي اللبنانيين في مزيد من الفقر، ويقحم قوانا الحية الشبابية المنتجة على هجرةالوطن، ويحرم الدولة من الاستثمار في مشاريع إنمائية، فيما الهدر والانفاق غير المجدي بالمقابل يتزايد؟ فالمطلوب خفض الانفاق، وتخفيف العبء عن الخزينة وضبط الهدر بالتعاون مع القطاع الخاص، وزيادة الواردات، وإبعاد المصالح السياسية عن الإدارة توظيفا وأداء، كيف يرون ويعبرون، وهم مأخوذون فقط بمناقشة الأحجام وتقاسم الحصص، وبأزمة الصلاحيات وهي من دون أساس، بعد الانتخابات النيابية التي كنا نتوقع فيها بصيص أمل بحياة أفضل، علما أن واحدا وخمسين بالمئة من الشعب اللبناني لم يشارك فيها، لفقدان الثقة، فيتبين اليوم أن شكهم كان في محله”.

 

وختم الراعي: “إن دماء شهدائنا، من بطاركة واساقفة وكهنة ورهبان وعلمانيين، شهداء الإيمان والحق والوطن، وشهداء الإبادات الشعبية والمجازر الجماعية، وشهداء مجاعة الحرب الكونية الأولى، تستحثنا لطرح هذه الأسئلة بصرخة مسؤولة، نعطي فيها صوتا لشعبنا المغلوب على أمره. ولكننا بالرجاء الوطيد وبإيماننا بأننا أبناء وبنات القيامة، ننظر الى المسيح المرموز إليه في وجه ذاك “السامري الصالح” كي يحنو علينا ويرسل إلينا من يقتدي به ويحنو على جراحات شعبنا وشعوب منطقتنا المشرقية الممزقة بالحروب المفروضة عليها. ونرفع مع شهدائنا نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن والى الابد، آمين”.

 

 

الشويفاتي

 

وبعد القداس القى الشويفاتي كلمة قال فيها: “ابناء الارض نحن، اصيلون، مؤمنون، متجذرون هنا، لا اضطهاد ولا جوع ولا سيف يفصلنا عن ارضنا وحريتنا وايماننا، في ظل رايات سود لا تعرف الرحمة ولا الكرامة الانسانية، مورس الدمار والقتل والتشريد والخطف وخير مسيحيو العراق وسوريا بين نكران المسيح ودفع الجزية، وبين الصلب في احيائهم كما علق المخلص، فترنح أبناء الشرق الاصيلون بين مطرقة العنف وسندان الهجرة، وبين رعب البقاء في بلدانهم او الهرب من مصير مرير، مصير ما زال مجهولا لمئات المخطوفين والمفقودين ومنهم المطرانان يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي والمصور اللبناني سمير كساب”.

 

وأضاف: “ان ما شهدناه ونشهده اليوم هو استمرار لشهادة ابناء الحق والرجاء منذ فجر الرسالة، ففي القرن الماضي، دفع الارمن والسريان والكلدان والاشوريون نحو مليوني قتيل في مجازر تطهير عرقي وابادة جماعية. وفي القرن الماضي ايضا مات ثلث سكان جبل لبنان الموارنة جوعا، بعدما صادر السفاح العثماني كل قوت ومحصول واقفل البحر على الجبل، فرقد شهداؤنا على امتداد هذه الارض، وآلامهم ودماؤهم لا تزال تستصرخ الضمائر على مدى الدهور والاجيال، لا اضطهاد ولا جوع ولا سيف منعنا من لعب دورنا الرائد وتثبيت حضورنا بمحبة وايمان اعتى العروش واسقط الامبراطوريات على مدى الفي عام”.

 

وتابع: “عشرات المرات قال لنا “لا تخافوا” فلنؤمن به وحده، ولنتمسك بوجودنا وايماننا رغم كل المشقات ودعوات الهجرة والتهجير، لنقاوم رغم كل بقع الدماء التي رافقتنا وترافقنا في جلجلة آلام هذا الشرق، لنقاوم من اجل احقاق الحق والعيش بحرية ومساواة تامة مع كل الاخرين. لقد صمدنا لاننا تمسكنا بالقيم والايمان وليس بطمعنا وبتدافعنا المخزي والمهين على الحصص والمناصب والمكاسب. فلا لتقزيم التطلعات، وطحن الطموحات، وسحق التضحيات، لا للتلهي بالقشور والقصور، فمواقع السلطة التي يتناحرون وينقسمون لتقاسمها لا معنى ولا قيمة لها اذا افرغت من قيم الخدمة والتجرد والشفافية والخير العام”.

 

وقال: “لنجتمع، لنتحد، لنعي دورنا دون خوف او وجل، بعيدا عن محور من هنا وتموضع وتحالف من هناك. فنحن ابناء الشرق منذ فجر التاريخ اصيلون فيه لا دخلاء. وحده سيد الكون يحمينا، هو الذي اوصانا بمصالحة اخينا قبل تقديم قرباننا، وهكذا اوصتنا الكنيسة الجامعة، لا مصالحة من دون تنقية للذاكرة، لا مصالحة من دون اعتراف وغفران وتوبة، لا مصالحة من دون محبة”.

 

وأردف: “ومن هنا عاهدنا شهداءنا وسيدة ايليج على مواجهة الحقائق بآلامها ومراراتها، لنتمكن من بناء الغد المشرق والمستقبل الواعد على اساس الحق والحقيقة فقط ،اما لشهدائنا الابرار فلا كلام يعلو كلام صاحب الغبطة في القداس الاحتفالي لسنة الشهادة والشهداء قبل سنة من الان عندما قال: “شهداؤنا الذين نحيي ذكراهم في هذا المكان المقدس، قدموا دماءهم زودا عن لبنان، هم حبات حنطة أثمرت خلاصا لوطننا وشعبنا ولنا. فلا يسعنا إلا إلانحناءة أمام ذكراهم جميعا، مع الإقرار بأنهم ماتوا لنحيا، وفي هذا فخرهم ومجدهم وعزاء أهلهم وعائلاتهم”.

 

وختم الشويفاتي: “لقد زرعنا الله هنا، وشاء ان نكون علامة شهادة ومحبة ورجاء، تمتد على جغرافية هذا الشرق منذ الفين وثمانية عشر عاما، ومهما ادلهم الليل، وحاولت شياطين الظلام زرع الرعب ونشر الموت، فزمن الفصح ويوم القيامة آت ، وسنبقى هنا لنشهد للحق، للمحبة، للحرية، للايمان وللانسان”.

 

اكليل على نصب الشهداء

 

بعد ذلك، وضع الراعي يرافقه بطاركة واساقفة الكنائس المشرقية اكليلًا من الغار على نصب شهداء الكنيسة الـ 43 الذين استشهدوا خلال الحرب اللبنانية وبارك شجرة القديسين التي تضم اسماء ثلاثين قديسًا لبنانيًا من كل الطوائف من القرن الاول حتى اليوم، وقدمت الرابطة دروعًا تذكارية تخليدًا للمناسبة لرؤساء الكنائس المشاركين.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى