الجيش السوري يتقدّم في جوار الحدود مع الجولان المحتل… وانكفاء إسرائيلي خشية التصادم
ترامب يواجه حملة اتهامات في واشنطن… ويستقوي بنتنياهو الذي طلب القمة
سلاسة اللجان تفضح تعقيدات الحكومة… وتظهر الفوارق في كفاءة الإدارتين
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
قمة هلنسكي وتداعياتها بقيت الحدث الأول عالمياً بعدما صارت الحدث الأول أميركياً أيضاً، خصوصاً بعدما كشفت مجلة النيوزويك الأميركية الدور الذي لعبه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بطلبه إلى الرئيس الأميركي عقد القمة، لأنها الطريق الوحيدة لضمان ترتيبات فصل القوات في الجولان المحتل والأمل بالوصول لتفاهم مع روسيا على انسحاب إيران وحزب الله من سورية مقابل الانسحاب الأميركي والقبول الأميركي الإسرائيلي بالتسليم بنصر الرئيس السوري وحليفه الروسي. ورغم فشل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الحصول على أي كلمة تتصل بانسحاب إيران وحزب الله من سورية، من شريكه في القمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقيت في الحساب الإسرائيلي للكلام الروسي عن فك الاشتباك أهمية تكفي لاعتبار القمة إنجازاً بوجه حجم القلق من الانتصارات السورية، رغم الربط الروسي لفك الاشتباك بالانسحاب من الجولان وقطع الطريق على الحديث الإسرائيلي عن ضمّه.
الجيش السوري واصل في الميدان تقدمه السريع بمواجهة الجماعات المسلحة التي سلحتها «إسرائيل» وقدمت لعناصرها الدعم اللوجستي والتمويني والغطاء الناري عند الضرورة والاستشفاء لجرحاها، وسط انكفاء إسرائيلي هذه المرة وراء المواقع الخلفية تفادياً لأي تصادم مع الجيش السوري الذي بلغ نقاط التماس في مواقع عديدة وشكلت سيطرته على تل الحارة الإستراتيجي إعلاناً بقرب إنهائه معارك الجنوب الغربي، بانتظار حسم الوضع في الجيوب التي يسيطر عليها تنظيم داعش.
في واشنطن واجه الرئيس ترامب حملة عنيفة استهدفت أداءه في القمة، وضعفه أمام الرئيس الروسي، خصوصاً في الجدال الذي تناول دور المخابرات الأميركية وأداءها، ما استدعى منه مؤتمراً صحافياً للرد على منتقديه مدافعاً عن إنجازات القمة، خصوصاً على الصعيد التجاري، وعلى مستوى ما فعله تلبية لطلب إسرائيلي تقدم به رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
مما نشرته النيوزويك أيضاً كلام لمصادر أميركية عن ضرورة الإسراع بحل قضية النازحين السوريين وضمان عودتهم السريعة إلى بلدهم، منعاً لانهيارات سريعة في دول الجوار التي تستضيف أعداداً كبيرة منهم، خصوصاً لبنان والأردن. وهو ما بقي موضوع ترقب لبناني ومتابعة للحصول على تفاصيل ما تمّ التفاهم عليه بين الرئيسين وكيفية ترجمته.
لبنانياً، تواصل الحديث عن مراوحة الملف الحكومي، رغم إيحاءات الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري التفاؤلية وحديثه عن إشارات خلال أيام قليلة نحو التأليف، ورغم اللقاء الذي جمع الحريري بكل من رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل على هامش الجلسة النيابية أمس.
بالتوازي نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري بإخراج انتخابات اللجان النيابية وتوزيعها بين الكتل بطريقة سلسة لفتت الأنظار بالمقارنة مع التعثر الحكومي، فولادة الحكومة المجلسية لا تقلّ تعقيداً لأن القوى المعنية هي نفسها وقضية الأحجام و«الحقائب» هي ذاتها. وقالت مصادر نيابية إن مشهد ولادة رئاسات اللجان النيابية بسلاسة في ظل التعقيد المحيط بالحكومة هي بأحسن الأحوال تعبير عن فارق الكفاءة بين إدارتين، إن قبلنا القول بأن الرئيس المكلف لا يخضع لضغوط خارجية يملك رئيس المجلس الحصانة بوجهها، وقالت المصادر أن سر تفوق الرئيس بري يعود لكونه يضع معايير ويطبقها على نفسه وعلى فريقه وحلفائه قبل مطالبة الآخرين، خصوصاً الخصوم السياسيين والمنافسين القبول بنتائجها، ولو فعل الرئيس الحريري الشيء ذاته لتسهّلت عليه المهمة كثيراً.
يُرتقب أن يترجم الرئيس المكلف سعد الحريري أجواءه التفاؤلية أفعالاً، فحتى الساعة لا شيء يوحي أن تشكيل الحكومة على الأبواب. فالرئيس الحريري يتوجه نهاية الأسبوع إلى إيطاليا ومنها إلى لندن.
ونقل زوار الحريري عنه بقاءه على تفاؤله الذي كشف عنه أمس الأول، وإصراره على أنه سيكون هنالك حكومة جديدة خلال الأسبوعين المقبلين. ولفت الحريري، بحسب الزوار، الى «أنه يعمل بجهد ويتواصل مع جميع الأطراف لتذليل العقبات»، واعداً اللبنانيين بخبر سار خلال الأيام القليلة المقبلة. وأشار الزوار الى أن «احتمال ولادة الحكومة وارد في أي لحظة، كما أن احتمال أن تتعقد الأمور في اللحظة الأخيرة أيضاً وارد، لكن الحريري يرجح كفة التوصل الى الحل في أقرب وقت». ولفت الزوار الى أن «الخلوة بين الرئيس المكلف ووزير الخارجية جبران باسيل تأتي في إطار تعزيز التواصل بينهما للتوصل الى حل، لكن الحريري هو الذي يؤلف الحكومة رغم أنه يشاور مختلف القوى السياسية».
وعلى هامش جلسة انتخاب اللجان النيابية عقدت خلوة بين الحريري وباسيل دامت ربع ساعة، واتفقا بحسب المعلومات على أن يبادر الحريري الاتصال بباسيل قبل نهاية الأسبوع لتحديد موعد للقاء، كما شوهد الحريري يتشاور والنائبين إبراهيم كنعان والياس بو صعب في القاعة العامة.
وأكدت مصادر التيار الوطني ضرورة الإشارة إلى أن العقدة المسيحية ليست الوحيدة، فالعقدة الدرزية لم تحلّ ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يعتبر نفسه أنه الزعيم الدرزي الوحيد، في حين لا يجوز إنكار وجود زعماء دروز آخرين، لافتة إلى أن تكتل لبنان القوي لا يمانع أن يحصل حزب القوات على حقيبة سيادية.
وقد لوّح رئيس المجلس النيابي نبيه بري في جلسة أمس، بالدعوة الى عقد جلسة مناقشة عامة إذا استمر مسار التأليف على حاله، وذلك للضغط على المعنيين بالتأليف ولمواكبة العقد والأسباب التي تعرقل التأليف بهدف تسريع التشكيل وكسر الحلقة المفرغة. وقد نفى بري ما نقل عنه من تفاؤل بولادة قريبة للحكومة، مشيراً الى أن العقد على حالها ولم نتقدم خطوة واحدة حتى الآن، ولا أعلم مصدر التفاؤل من أين يأتي!
الى ذلك أعاد «تكتل لبنان القوي» الكرة الى ملعب الرئيس المكلف، بعد محاولة فريق رئيس الحكومة و«القوات» و«الاشتراكي» تحميل التيار الوطني الحر مسؤولية عرقلة التأليف. وأشار كنعان بعد الاجتماع الاسبوعي للتكتل برئاسة باسيل الى أن «التكتل لا يشكّل الحكومة ولا يريد دوراً في المبادرة، ومستعد للقيام بما يطلب منه، وهو يقوم بذلك، ولكن محاولة الإيحاء بأن العقدة لدى الوزير جبران باسيل او لدى التكتل وبأنه يحاول التعدي على أدوار بعمل سلبي هو أمر مرفوض وغير صحيح، ونطالب من يقومون بهذه الإيحاءات بأن يقلعوا عن ذلك حتى لا نضطر لقول أكثر من ذلك». وأضاف «المسؤولية عند الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية دستورياً، ونحن لم نشترط على أحد ولا نضع أي فيتو على إسناد حقيبة سيادية للقوات اللبنانية او بأعداد الوزراء، فلسنا نحن من يشكّل الحكومة، وعلينا في ما يتعلّق بنا لناحية حضورنا وتمثيلنا. وليتوقّف النفخ بالعقدة المسيحية، لأن المسألة ليست عندنا، ولتطرح المبادرات من قبل الجهات المعنية».
أما ما يسمى بالعقدة الدرزية، فاعتبر كنعان بأن «لدينا طرحاً يتعلق برؤيتنا وقراءتنا للمعادلة الانتخابية التي أوصلت عدد نوابنا في الشوف وعاليه الى 4، والمطلوب ترجمة هذه المعادلة الدستورية والديموقراطية في الحكومة. فلماذا وضع العقدة على هذا الصعيد لدينا؟».
وفي سياق ذلك، أطلع وزير الإعلام رئيس الجمهورية على نتائج اللقاء الذي جمعه في الديمان بكنعان بحضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقال على الأثر إن «الرئيس عون أكد لي أن المصالحة المسيحية – المسيحية مقدسة وأن ما نختلف عليه في السياسة نتفق عليه في السياسة أيضاً».
وسجل أمس، موقف سعودي من عملية التأليف، أطلقه القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري خلال زيارته متحف فؤاد شهاب، حيث «لاحظ محاولة جادة من الرئيسين عون والحريري لتشكيل الحكومة»، وأشار الى أن «المملكة تتمنى التعجيل بتشكيل هذه الحكومة بشكل وازن يحقق الوحدة الوطنية وذلك لتحقيق أمن لبنان واستقراره».
انتخابات اللجان
ووسط مناخ توافقي وتفاهمات مسبقة يُخالف ما يجري على صعيد تأليف الحكومة، انعقدت الجلسة الثانية لمجلس النواب الجديد وخصصت لانتخاب أعضاء اللجان النيابية الـ 16 ورؤسائها ومقرّريها بسرعة قياسية، حيث وتمّت مراعاة التوزيع السياسي والمذهبي فيها. وفي ما بقيت لجنة المال برئاسة النائب إبراهيم كنعان آلت رئاسة لجنة الإدارة والعدل الى النائب القواتي جورج عدوان، ولجنة الأشغال لـ«المستقبل» ولجنتا الخارجية والزراعة لكتلة «التنمية والتحرير»، وبقيت لجنة الإعلام مع كتلة «الوفاء للمقاومة» مع استبدال النائب حسن فضل الله بالنائب حسين الحاج حسن. وبعدما أثار إمكان ترؤس النائب عدنان طرابلسي لجنة المرأة والطفل، اعتراضاً لدى النائب بهية الحريري التي طالبت بإسنادها الى امرأة، اتُفق على أن تكون النائبة عناية عزالدين رئيسة للجنة. أما رئاسة لجنة التكنولوجيا فكانت من حصة النائب الكتائبي نديم الجميل.