سورية تستكمل إخراج المسلحين حتى الحدود… والتوتر الإيراني «الإسرائيلي» يخيّم على المنطقة
ملف النازحين يتصدّر الأولويات… ومجلس المطارنة مع عون… وإبراهيم يكشف تولي ملف العودة
نصرالله: التصويت حماية لسلاح المقاومة ووفاء لإنجازاتها… ونواة مواجهتنا ممن حموا مسلحي الجرود
كتب المحرّر السياسي – البناء
سورية المحاطة بالتوترات والمناورات منصرفة لمواصلة خطتها بتحرير الجغرافيا من كلّ الجماعات المسلحة بتنويعاتها المختلفة، من جنوب العاصمة إلى شمال حمص، حيث تتزاوج المعارك العسكرية الهادفة للحسم مع التسويات القائمة على إخراج المسلحين تحت ضغط سيف الحسم الحاضر، ويبدو المشهد العسكري واضحاً بانحسار البقعة التي تقع خارج سيطرة الجيش السوري بالشريط الحدودي الشمالي الذي تتقاسمه ثلاثة مشاريع، الاحتلال التركي من جهة، والاحتلال الأميركي والانفصال الكردي من جهة أخرى، مقابل جزر جنوبية مسلحة بدعم أميركي عبر الحدود الأردنية أو إسرائيلي عبر حدود الجولان، ما يجعل المرحلة المقبلة إطاراً لمواجهة الدولة السورية للتدخلات الخارجية وجهاً لوجه، سواء قرّرت بعد الانتهاء من جزر وسط سورية، الانتقال نحو الجنوب أو نحو الشمال.
في المنطقة، وامتداداً على المستوى الدولي، يصعد التوتر الإيراني «الإسرائيلي» إلى مستوى يجعله عنواناً لرصد التطورات والوقائع والمواقف، سواء في تأثير هذا التوتر على الموقف الأميركي والغربي من مستقبل التفاهم النووي مع إيران، الذي يبدو إسقاطه هدفاً للتصعيد الإسرائيلي، أو لجهة المستوى العسكري من التهديدات المتبادلة على خلفية إعلان إيران عزمها على الردّ بعد الغارة الإسرائيلية التي استهدفت إحدى قواعد الحرس الثوري قرب حمص في مطار التيفور.
لبنانياً، وعلى مسافة يومين من الانتخابات النيابية يوم الأحد المقبل، يتصاعد الخطاب الانتخابي التنافسي بين الأطراف الرئيسية، ويتحرّك رؤساء اللوائح وقادتها لتحصين قواعد الناخبين واستنهاضها، وفي هذا المجال كان الأبرز الخطاب الذي توجّه به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لناخبي بعلبك الهرمل خصوصاً، لجهة تأكيد الطابع الاستفتائي للانتخابات حول الموقف من سلاح المقاومة، واعتبار التصويت حماية لهذا السلاح من جهة، ووفاء للإنجازات والتضحيات من جهة مقابلة، بينما حصر السيد نصرالله تفنيد الخطاب الانتخابي باللائحة التي تضمّ تيار المستقبل والقوات اللبنانية، سواء لجهة عدم أحقية رمي الإهمال والتقصير على حزب الله، وهي لائحة رئاسة الحكومة لسنوات طوال، أو لجهة كون هذا التحالف بين القوات والمستقبل يسقط حق من معهم بالادّعاء أنه مع المقاومة والخط السياسي للفريقين واضح لجهة استهداف المقاومة، بل كان واضحاً لجهة توفير الغطاء للجماعات المسلحة في احتلال عرسال والجرود وتعطيل الحسم العسكري معها، ووصف هذه الجماعات بالثوار.
باقتراب الاستحقاق الانتخابي يستعدّ لبنان لما بعد الانتخابات، حيث تتقدّم أولوية ملف النازحين السوريين ومشروع العودة، في ظلّ تباين وتصادم بين المشروع الذي يحمله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ويلقى دعم وتأييد رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحزب الله وسائر حلفاء المقاومة، من طرف، وفي الطرف المقابل مشروع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الذي ظهر في بيان بروكسل ويتبنّاه رئيس الحكومة سعد الحريري، وكان اللافت أمس، انضمام مجلس المطارنة الموارنة لموقف رئيس الجمهورية من جهة، وإعلان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عن تولي الأمن العام لملف العودة، واعتبار عودة نازحي بلدة بيت جن جنوب سورية بداية لسلسلة خطوات مشابهة يجري التحضير لها بالتنسيق مع سورية.
نصرالله للبقاعيين: احموا المقاومة بأصواتكم
حذّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من أن «هناك من يحضّر في 6 أيار للقول بأن حزب الله وحركة امل هُزما لإظهار أن بيئة المقاومة بدأت تتخلى عن المقاومة»، وسأل «يا أهل زحلة وبعلبك – الهرمل هل ستصوّتون لمن دافع عنكم أم لمن تآمر مع الإرهابيين ضدكم؟»، وأضاف «يوم السادس من أيار هو الإعلان عن تجديد البيعة لدماء شهدائكم». وشدد على أن «حماية سلاح المقاومة توفرها حماية سياسية والحماية توفرها أصواتكم».
وإذ نفى اتهام لائحة زحلة الخيار والقرار، بأنها لائحة حزب الله، أشار السيد نصرالله الى أن «لائحة الامل والوفاء في بعلبك الهرمل تعبّر عن موقف بعلبك الهرمل وهويتها والمعركة هي للحفاظ على الهوية والقرار»، وأضاف «القانون النسبي الذي طالبنا به ونحن كنا نناضل من أجله سيعطي فرصة للآخرين بأن يفوزوا مثلاً في بعلبك الهرمل من خارج لائحتنا».
وفي المهرجان الانتخابي الكبير «يوم الوفا للارض» في بعلبك وزحلة، كشف السيد نصر الله أن «اللائحة الثانية في بعلبك الهرمل التي يدعمها المستقبل والقوات محلياً والسعودية خارجياً فرضت معركة علينا من أول يوم». وأوضح أن «اللائحة الثانية يدعمها تيار المستقبل المسؤول منذ 1992 حتى اليوم عن حرمان المنطقة وحرمان أهلها»، وأشار الى أنهم «كانوا يستخدمون خطاب دم الرئيس الحريري واليوم يستخدمون خطاب الوصاية السورية فيعني ذلك أنهم يسلّمون بأن النظام انتصر وأن المشروع الأميركي ـ السعودي سقط»، وخلص متسائلاً «من تنتخبون اليوم هل الذي حرمكم أو الذي ناضل لخدمتكم؟».
واعتبر أن «هناك قوى سياسية كانت على صلة بالجماعات الإرهابية»، وقال متوجّهاً لأهل البقاع: «يوم السادس من أيار لمن تصوتون، لمن دافع عنكم ووقف معكم وقدّم الدم وفلذات الأكباد للدفاع عنكم أو لمن منع الجيش من الدفاع عنكم وتآمر مع الجماعات المسلحة ضدكم؟». وحذّر من أن «اليوم هناك من هو حاضر لدفع مئات مليارات الدولارات لمعركته مع محور المقاومة». وأشار الى أن «الحرب انتهت مع الوكلاء وقد يشنّها الاصلاء واميركا وحلفاؤها ومعهم السعودية ولن يسكتوا عن خسارتهم في سورية».
ملف النازحين واستحقاق رئاسة الحكومة!
ومع تقلّص المدة الزمنية الفاصلة عن انطلاق استحقاق 6 أيار، بلغت «العاصفة الانتخابية» ذروتها عشية دخول البلاد فترة الصمت الانتخابي، حيث أفرغت القوى السياسية ما في جعبتها من أسلحة سياسية وطائفية ومذهبية ومعارك وهمية ووعود انتخابية لاستنهاض القواعد الشعبية، وفي حين تنشد الأنظار الى يوم الأحد المقبل ويحبس اللبنانيون الأنفاس حتى صدور نتائج الانتخابات، بدأ الحديث يدور في الكواليس عن مرحلة ما بعد الانتخابات وما تحمله من استحقاقات هامة كاستحقاق رئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة والتركيبة السياسية للحكومة المقبلة الى الملفات المالية والاقتصادية والاستراتيجية الدفاعية وغيرها، لكن لا يزال ملف النازحين السوريين يتصدّر قائمة الأولويات خاصة بعد بيان الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي غداة مؤتمر «بروكسل 2» لدعم دول النزوح ونتائجه المخيبة للآمال على المستويين السياسي والمالي، فكيف ستتعامل الحكومة المقبلة ورئيسها مع هذه الأزمة المتفاقمة التي تهدد اقتصاد لبنان ونسيجه الداخلي؟ وهل ستكون على رأس جدول أولويات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ظل الخلاف مع رئيس الحكومة في مقاربة هذا الملف؟ ففي حين يرى الرئيس سعد الحريري بأن الدعم الدولي للبنان هو الحل المؤقت لأزمة النازحين ريثما تتوافر الظروف الدولية الملائمة لعودتهم، وإن لم يكن هذا الدعم المالي بالشكل المطلوب، يرى الرئيس عون بأن لبنان ليس بحاجة الى مساعدات لتحمل عبء النزوح بل مساعدة لإعادة النازحين الى أرضهم. وما يعزز مخاوف بعبدا وشكوكها هو تصريحات الأمم المتحدة والجهات المانحة بأنها الخطة الدولية لدعم لبنان ستمتد الى ما بعد العام 2019 ما يعني تمديد إقامة النازحين في لبنان الى ما بعد هذا التاريخ لتصبح إقامة دائمة في ظل غياب تاريخ محدد لعودتهم الى سورية.
وتقول مصادر مطلعة على ملف النازحين لـ «البناء» إن «بعض القوى الدولية والاقليمية والخليجية تعطل خطة رئيس الجمهورية لإعادة النازحين الى سورية عبر الضغط على رئيس الحكومة لرفض التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية من جهة وتخويف النازحين من العودة وعرقلة أي محاولة في هذا الصدد وربط ذلك بالوضع الأمني والحل السياسي في سورية من جهة ثانية»، مشيرة الى «بيان مفوضية شؤون اللاجئين السوريين من إعادة دفعة من النازحين من شبعا الى بيت جن في سورية».
وناشد الرئيس عون أمس، دول الخليج عبر سفرائهم في لبنان التدخل للمساعدة في تأمين عودة النازحين السوريين الى بلادهم لوقف معاناتهم، ووضع حد للتداعيات التي يحدثها هذا النزوح على لبنان اجتماعياً واقتصادياً وتربوياً وامنياً.
وخلال استقباله سفيري الإمارات حمد الشامسي، ومصر نزيه النجاري، والقائم بأعمال السفارة السعودية الوزير المفوّض وليد بخاري في بعبدا، أكد عون الحرص على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية، مشدداً على ان لبنان لا يمكن أن يكون ساحة للتدخل في شؤون أي دولة عربية.
وإذ يشكل ملف النازحين خلافاً بين الرئاستين الأولى والثالثة بعد الانتخابات، يقف رئيس الحكومة في موقع الإحراج، فمن جهة لا بإمكانه مسايرة عون والخروج عن طوع دول الغرب والخليج، ومن جهة ثانية لا يستطيع النفاذ من ضغط فريق المقاومة ورئيس الجمهورية في مجلسي النواب والوزراء الجديدين، ولا يمكنه تجاهل التوازنات الجديدة في المؤسستين المقررتين، إذ سيرى نفسه محاصراً، في حين تذهب بعض المصادر أبعد من ذلك لتربط عودة الحريري الى رئاسة الحكومة بتعهّده بحل هذا الملف انطلاقاً من مقاربة رئاسة الجمهورية.
وبحسب مطلعين على موقف رئيس الحكومة، يربط الأخير «حل هذا الملف بالوضع في المنطقة المُعد للانفجار في أي لحظة، ولبنان لا يمكنه الوقوف في وجه الإرادة الدولية التي تتحكم بمسار الوضع الأمني والسياسي في سورية». وتوضح المصادر بأنه في حال اتجه الوضع في سورية الى خفض التوتر وانحسار الحرب وبدء الحل السياسي، سينعكس ايجاباً على ملف النازحين، لكنها تشير إلى أن «المساعدات الدولية المتأتية من مؤتمر بروكسيل غير كافية، حيث إن حاجة لبنان تفوق ذلك بكثير، محذّرة من «استنزاف الموارد والبنى التحتية اللبنانية وعدم تمكن لبنان من تأمين الخدمات للنازحين».
وأعلن المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري في بكركي أن «الموقف الدولي الذي تظهّر في اجتماع بروكسل في شأن عودة النازحين إلى بلادهم يستدعي التفافاً حكومياً ونيابياً موحداً حول الرئيس عون ينعكس في خطة لبنانية موحّدة لمواجهة أزمة النزوح».
بدوره، اعتبر المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، في حوار مع مجلة «الأمن العام» أن «الأمن العام أخذ على عاتقه ادارة عملية انتقال النازحين السوريين من شبعا ومحيطها الى بلدتهم في بيت جن ومزرعتها في افضل الظروف بعد التواصل مع السلطات السورية المعنية من اجل عودة طوعية وآمنة». ولفت الى أن «ملف النازحين لا يمكن معالجته من خلال المؤتمرات الداعمة فقط، بل يجب ايجاد حلول على المدى البعيد. على المجتمع الدولي ايضاً أن يساهم من خلال المؤتمرات في مساعدة النازحين الذين عادوا طوعاً الى قراهم لبدء حياة جديدة في سورية».
سلاح المقاومة عماد الاستراتيجية الدفاعية
وفي موازاة ذلك، تحاول دول الحرب على سورية ربط المساعدات الدولية للبنان بإيجاد الحل لسلاح المقاومة من خلال الضغط على الدولة اللبنانية لوضع استراتيجية دفاعية لتقييد حركة سلاح حزب الله، غير أن سلاح المقاومة جزء أساسي من أي استراتيجية دفاعية سيتم الاتفاق عليها بين القوى السياسية بعد تشكيل الحكومة الجديدة، بحسب أوساط سياسية، ولا يتصوّر أحد أن السلاح سيكون خارج هذه الاستراتيجية، بل سيكون عمادها، موضحة لـ «البناء» بأن أي «استراتيجية ستنبثق من المعادلة الذهبية الثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي أثبتت بالميدان فعاليتها وقدرتها على حماية لبنان من العدوين الإسرائيلي والإرهابي التكفيري»، لأن السؤال الذي يجب أن يكون محطّ اتفاق مختلف القوى السياسية قبل البدء ببحث الاستراتيجية هو كيف نحمي لبنان؟ وما هو السبيل العملي الى ذلك وليس كيف ننزع سلاح حزب الله أو نقيده، وأن أي بحث في هذا المنطق لا يؤدي الى استراتيجية ولا يخدم لبنان بل أعداء لبنان في الخارج».
وفي سياق ذلك، نفى حزب الله في بيان المزاعم الموجهة اليه بدعمه وتسليحه جبهة البوليساريو في المغرب، كما نفت النانة لبات الرشيد، مديرة دار الطباعة والنشر الوطنية التابعة للجمهورية الصحراوية البوليساريو، الاتهامات الموجّهة من قبل المغرب إلى إيران وحزب الله، معتبرة أنها «باطلة جملة وتفصيلاً». وقالت إن «العلاقة بحزب الله ليست سيئة، لكنها مطلقاً لم تصل إلى التنسيق في مجالات التدريب أو الدعم أو غيره، كما أن البوليساريو ليست بحاجة إلى حزب الله في هذه المجالات».
وكان لافتاً صمت رئيس الحكومة ووزارة الخارجية أزاء تعرّض النظام السعودي لمكوّن سياسي لبناني، وسوق اتهامات باطلة بحقه بالتدخل في اليمن والمغرب، فيما يسارع رئيس الحكومة وفريق 14 آذار الى إدانة أي موقف يندّد بالعدوان السعودي على اليمن ويصنفه في خانة انتهاك النأي بالنفس، ألا يعتبر التهجم على حزب الله ومقاومة لبنان خرقاً للنأي بالنفس من قبل النظام السعودي واعتداء على السيادة اللبنانية؟
جلسة وداعية للحكومة
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء اليوم في بعبدا جلسة وداعية قبيل الانتخابات النيابية، على جدول أعمالها 44 بنداً، يتعلّق معظمها بتعيينات أبرزها طلب المجلس الاقتصادي والاجتماعي ملء 20 مركزاً شاغراً لديه.
ورجّحت مصادر «البناء» طرح ملف الكهرباء من خارج جدول الأعمال في حال انتهى وزيرا المال والطاقة من إعداد دراسة حول معمل دير عمار، لكنها استبعدت أن يتّخذ المجلس قراراً نهائياً في هذا الملف، ولفتت الى أن الحلّ شق طريقه بانتظار تحديد آليات هذا الحل والاختيار بين الحلول الأوفر كلفة، وأكدت بأنه سيكون هناك حلاً قبل 20 أيار موعد نهاية ولاية المجلس النيابي وتحوّل الحكومة الى تصريف أعمال، وأوضحت بأن هناك عرضاً سورياً جديداً لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية وتجري المفاضلة بين هذا العرض وعرض شراء الكهرباء من البواخر».
على صعيد آخر، اتهم رئيس « اللقاء الديمقراطي » النائب وليد جنبلاط التيار الوطني الحر وتيار المستقبل من دون أن يسميهما بتطويق المختارة، وقال خلال جولة انتخابية على عدد من قرى الشوف الأعلى: «السلطة الجديدة التي تريد نبش القبور بدل المصالحات بتطويق الجبل وإسقاط المختارة ، والتي تذكر بعام 1957»، معتبراً أنه «من خلال الوعي لن نسمح بتكرار التاريخ». وأكد جنبلاط «اننا في حالة حصار، حمل على ما أسماهما بالسلطتين الفعلية والنظرية والثنائي اللذين اوصلانا الى قانون غريب عجيب يريد تطويقنا وتفريقنا وتحجيمنا».