لا شيء ينبض. الكل مختبئ في حَجره الذاتي طلباً للنجاة في حربٍ ضروس مع فيروس. ثم لنعد ونلتفت يميناً، نحو التلّ الذي تتفرّع منه الأسواق الشعبية. هنا المشهد الثاني: حياة مستمرة بيومياتها المعتادة. لا أحد يكترث للحرب، أو لنقل إن الحرب الأشرس هنا ليست مع كورونا، بل مع ما هو أشدّ فتكاً منه: "الجوع".
زحمة أقدام متسارعة. بيع وشراء و"مفاصلة". أصوات ترتفع تُنادي على بضائع وألبسة. فريدة هي طرابلس. وجوه أبنائها تبتسم رغم سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية التي ضاعفتها مخاطر الأزمة الصحية المستجدة. أبو هيثم "المعجوق" بتفريغ حمولة إحدى الشاحنات أمام باب محله في سوق الخضار في باب التبانة، يضحك عند سؤاله عن أسباب استمرار الحياة من دون هلع، قائلاً: "أجيبيني يا ابنتي، ما الأكثر خطورة فيروس يمكن أن تتعالجي منه أو رصاصة قنّاص؟"، مضيفاً: "شهد الطرابلسيون ما هو أفظع من ذلك. جولات عنف على مد عينك والنظر. في إحداها استمر هطول وابل القذائف فوق رؤوسنا لأيام. عشنا حجراً منزلياً في حينه، إلا أننا كنا نتنفس الصعداء بين الحين والآخر. لا أعتقد أن الطرابلسيين سيهلعون من مرض موسمي بيجي وبيروح!". يصمت برهة. يحمل قفصاً من البازيلا الخضراء ويضعه في واجهة المحل، مردفاً: "إنه موسم البازيلا، أتعرفين؟ الكيلو منه بـسبعة آلاف وخمسمئة ليرة. دائماً "أول قطفة" من الموسم تُباع بسعر مرتفع وهنا يكمن ربحنا. بعد أيام قليلة يبدأ السعر بالانخفاض. على الرغم من ذلك هناك من يطلب منا إقفال محالنا والتزام البيوت ومراكمة الخسائر!". لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.