أخبار عاجلة

اللبناني حجر بين شاقوفي الجوع الكافر والـ'كورونا' القاتل!

اللبناني حجر بين شاقوفي الجوع الكافر والـ'كورونا' القاتل!
اللبناني حجر بين شاقوفي الجوع الكافر والـ'كورونا' القاتل!
كثيرون من اللبنانيين، وأنا واحد منهم، إستفزهم مشهد سوق العطارين في طرابلس. زحمة الباعة والناس وكأن لا فايروس يتربص على الأبواب وعند مفارق الطرقات، وفي الساحات العامة، وحيثما إجتمع إثنان في أي منطقة لبنانية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، حيث لا خيمة فوق أي كان، إذ أن جميع الذين لا يلتزمون الحجر المنزلي معرضّون للإصابة بالـ"كرونا".

فما حصل في طرابلس، وقبله على كورنيش المنارة في بيروت وفي غير منطقة لبنانية حيث أقيمت الأعراس والإحتفالات، أمر غير مقبول من وجهة نظر الطب ومن قبل الساهرين على سلامة المواطنين، سواء في وزارة الصحة أو وزارة الداخلية المولجة تنفيذ الإجراءات التي تتخذها الحكومة.

أما من وجهة نظر من لا يملك ثمن رغيف واحد لإعالة عائلته، وهو يعيش كل يوم بيومه، وإذا لم يعمل لا يستطيع أن يؤّمن معيشة من هو مسؤول عنهم. وإذا خيّر هذا الذي إن لم يعمل يموت أطفاله من الجوع، لأن هذا الجوع كافر، بين أن يموت من الجوع أو أن يصاب بالـ"كرونا"، فإنه سيختار حتمًا الخيار الثاني، وهو لذلك نزل إلى عمله في سوق العطارين، وفي غيره من الأسواق، في طرابلس وفي غيرها، غير آبهٍ بما سيحلّ به ما دامت النتيجة واحدة، وهو يفضّل ممارسة لعبة "الروليت الروسية" في تحدّيه للـ"كورونا"، علّها تكون أرحم عليه من دولته ومن حكومته، التي إتخذت قرار الحجر المنزلي من دون أن تتخذ أي إجراء عملي يطرد شبح الجوع عن ما يقارب نصف الشعب اللبناني، الذي أصبح تحت خطّ الفقر.


في الدول التي يُحترم فيها الإنسان، وبالأخصّ المعوز، أقدمت الحكومات، التي لولا الشعب لا وجود لها ولا فائدة منها، على خطوات متقدمة فضخّت في الأسواق مليارات الدولارات للتعويض عن العامل القابع في منزله، والذي لا يستطيع أن يعيش هو وعياله إن لم يعمل يوميًا وينتج.

أما حكومتنا العاجزة والتي تتلطى وراء حجة أن الدولة مفلسة ولا تستطيع أن تقدم على ما أقدمت عليه حكومات دول تشبه اوضاعها الإقتصادية وضع لبنان، وذلك لتبرير فشلها في عدم حماية ناسها مرتين، مرّة من الـ"كورونا" ومرّة من الجوع، الذي يهدد الآف العائلات، ليس فقط في طرابلس بل وفي الضاحية الجنوبية وفي عكار وفي الجنوب والبقاع وقرى كسروان والبترون وبعبدا وعاليه، حيث الفقر أقوى من الـ"كورونا"، على أمل إيجاد دواء له. أمّا الجوع فلا دواء له مع حكومة كحكومتنا الضائعة وسط كمّ من المشاكل، التي سقطت على رأسها دفعة واحدة، وهي تبدو عاجزة أمام هول هذه المشاكل.

ليس المطلوب من حكومتنا أن تضخ المليارات، وهي لا تملك منها مليارًا واحدًا، بل المطلوب كحدّ أدنى أن يصار من خلال وزارة الشؤون الإجتماعية، التي لديها إحصاء عن عدد العائلات المعوزة والفقيرة، إلى توزيع حصص غذائية إسبوعية عليها، وذلك كبدل للبقاء في المنازل وعدم المخاطرة بحياتهم وحياة الآخرين بالنزول إلى أعمالهم وفتح باب رزقهم الوحيد.

ما شاهدناه بالأمس في سوق العطارين سيقودنا حتمًا إلى النموذج الإيطالي. فهل تعي الحكومة مسؤولياتها، وكان يُفترض بها إستدراك الأمر ومعرفة أن ليس بمقدور كل الناس إلتزام منازلهم لأن الجوع يتربص بهم، والقيام بخطوات إستباقية تشجع الفقراء على ملازمة منازلهم، لأن الحصص الغذائية الضرورية ستصل إليهم.

هكذا وبكل بساطة تكون الحكومة قد قامت بأقل واجباتها وحدّت من إنتشار الفايروس الخطير وحالت دون موت كثيرين من الجوع الكافر. ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟