في الوقت الذي تتوالى فيه الانهيارات تحت أقدام اللبنانيين، والآمال تتلاشى باتخاذ السلطة خطوات جدية باتجاه الإصلاح ووقف الانهيار، ثمة بصيص أمل وحيد يلوح في الأفق مع قرب موعد الانتخابات النيابية التي قد تقود البلد إلى نهاية النفق الذي زجّته به الأكثرية الحاكمة، فتخرجها صناديق الاقتراع صاغرةً من سدة الحكم إذا ما أعادت رسم موازين القوى النيابية بشكل يغلّب كفة المصلحة اللبنانية البحتة على كفة المصالح الشخصية والحزبية والإقليمية.
وطالما أنّ هذا الخطر ماثل أمام أركان الحكم، يتهدد جدياً سلطتهم وسطوتهم على الدولة، فإنّ “الغرف السوداء” تسابق الوقت لإنضاج مؤامرة “تطيير” الاستحقاق النيابي المقرر في أيار، وتعدّ العدّة اللازمة لإرجائه تحت ذرائع قانونية ولوجستية وأمنية قابلة للتسويق في الأروقة الديبلوماسية، خصوصاً وأنّ مصادر واسعة الاطلاع كشفت لـ”نداء الوطن” أن بعض قيادات قوى 8 آذار بدأ ينشط باتجاه مفاتحة ممثلين عن جهات خارجية باحتمال طرح “تأجيل الانتخابات لمدة سنة واحدة”.
وإذ أوضحت أنّ العاملين على خط تسويق هذا الطرح “يتجنبون الحديث عن التمديد لولاية المجلس النيابي لكونها فكرة غير قابلة للحياة ومرفوضة داخلياً وخارجياً”، نقلت المصادر في المقابل أنّ مقاربة قوى الأكثرية لتأجيل الاستحقاق الانتخابي “تدرّجت من محاولة ضخ أجواء تشكيكية بالقدرة على إنجاز الاستحقاق على وقع ترداد عبارة “إذا حصلت الانتخابات” في الصالونات السياسية، مروراً بتسخيف مفصلية الانتخابات في حال حصولها، والتخفيف من أهميتها باعتبارها لن تُحدث أي تغييرات جذرية في تركيبة المجلس النيابي إنما ستقتصر على بعض الخروقات الموضعية المحدودة في بعض المناطق”.
وبناءً عليه، يجري الترويج حالياً للتأجيل الانتخابي لمدة عام انطلاقاً من “إشاعة أنّ المنظومة السياسية الحاكمة راهناً ستحافظ على أكثريتها، سواءً حصلت الانتخابات في موعدها أو تأجلت لذا فمن الأفضل اعتماد خيار التأجيل لتجنيب البلد خضات إضافية في ظل الظروف الضاغطة التي يعيشها اجتماعياً واقتصادياً، أقلّه ريثما يتم تمرير المشاريع الإصلاحية في الحكومة والمجلس وإبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لكي يصار إلى تنفيس الاحتقان وتهيئة الأجواء لإنجاز الانتخابات في أجواء مريحة، وسط تلميح صريح من قبل المنظّرين لسيناريو التأجيل إلى إمكانية أن تفرض الأزمة الخانقة نفسها على الأرض، فيصبح متعذراً إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده، محذرين من فرضية حصول وقائع ميدانية مباغتة من شأنها أن تجعل عملية الانتخاب مشوبة بالمخاطر الأمنية، مع الإشارة في هذا المجال إلى تحركات “اتحادات بسام طليس” الأخيرة على الأرض للاستدلال منها على احتمال نزول المعترضين على الأوضاع المعيشية إلى الشارع وتقطيع الطرقات في بيروت والمناطق، لتصبح حينها عملية التنقل والوصول إلى أقلام الاقتراع مهمة مستحيلة”!