خلص تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قدمه أحد خبرائه حول الحالة اللبنانية أمام مجلس النواب الأميركي بأن "إفلاس لبنان بات وشيكاً.
واعتبر الخبير الأميركي أن إفلاس لبنان بات وشيكاً ولن يكون قادراً على دفع رواتب الموظفين في القطاع العام. كما توقع أن تدفع أي حكومة مدعومة من حزب الله البلاد إلى العزلة في سيناريو شبيه بسيناريو فنزويلا.
وفي التفاصيل، لفت إلى أنه منذ أكثر من شهر عمت الاحتجاجات البلاد، وأعلن رئيس الحكومة، سعد الحريري، استقالته، إلا أنه لم يتمكن حتى الآن من تشكيل حكومة، ودخل حالة من الجمود لأنه أراد تشكيل حكومة من اختصاصيين مستقلين، لأن هذا مطلب المتظاهرين، لكنه شرط أيضاً، بحسب التقرير، من شروط المساعدة المالية الخارجية للبنان، لأن الحكومة المؤلفة من شخصيات سياسية - أو حتى تلك التي تجمع بين السياسيين والتكنوقراط - لن تنجح في كسب ثقة الشعب اللبناني ولا المجتمع الدولي.
كما أكد أنه "ليس واضحاً حتى الآن مَنْ هو الشخص الذي سيتولى تشكيل الحكومة الجديدة. فكتلة "حزب الله" داخل مجلس النواب رشحت الوزير السابق محمد الصفدي - الذي رفض المنصب - وأصبحت اليوم تدرس أسماء مشابهة وغير جدلية. ومن الممكن أن يُطلب من الحريري مجدداً تولي هذه المهمة، ولكن على أي حال، فإن أياً من هذه الأسماء غير مناسب لتشكيل حكومة مستقلة تكنوقراطية تلبي مطالب الاحتجاجات لأن السلطات الحالية - أي رئيس الجمهورية ومجلس النواب - لا يزالان متأثرين بنفوذ "حزب الله" ولن يدعما أي حكومة دون حزب الله".
فنزويلا الشرق الأوسط
كما لفت في الوقت عينه إلى أن أي حكومة موالية لحزب الله تعني مزيداً من العزلة للبنان في الشرق الأوسط وفي العالم، ما قد يحول لبنان إلى فنزويلا الشرق الأوسط.
وأوضح التقرير أن "حزب الله يعاني من ضائقة مالية حادة بفضل العقوبات الأميركية على طهران ولن يستطيع تقديم أي تمويل للنظام المالي اللبناني في حال انهار الاقتصاد. كما أَنَّ بيئة حزب الله منتفضة على الحزب وقد شاركت شرائح منها في التظاهرات بفعالية."
إلى ذلك، اعتبر التقرير أن حزب الله قلق من تشكيل حكومة تكنوقراط تسعى لاحتوائه ونزع سلاحه في النهاية.
كما حذر من أَن ترهيب حزب الله للمتظاهرين سوف ينعكس على إيران وسوف تتحول المظاهرات ضد النفوذ الإيراني كما حصل في العراق.
تصاعد الاحتجاجات
وتوقع التقرير أن تستمر الاحتجاجات وتتصاعد، كما لفت إلى احتمال توسع الاشتباكات مستقبلًا مع انهيار الاقتصاد وعدم قدرة الحكومة على دفع الرواتب.
إلى ذلك، قدم توصيات لمجلس النواب فيما يتعلق بالحالة اللبنانية.
التوصيات
ففي ما يتعلق بالتوصيات اعتبر التقرير أنه من الضروري إعادة النظر في المساعدات العسكرية الأميركية المقدمة للجيش في ظل تقارير عن توقيفات يقوم بها للمحتجين، واشتباكه معهم في بعض الحالات.
إلا أنه أكد في الوقت عينه أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً أن هناك العديد من وحدات الجيش التي تعارض اعتقال المحتجين العزل أو تعذيبهم.
كما تطرق إلى المساعدات الخارجية، قائلاً: "لقد أصبح إفلاس الدولة اللبنانية أقرب مما كان متوقعاً، وعندئذ لن تتمكن من دفع رواتب الموظفين في القطاع العام، بمن فيهم عناصر الجيش والقوى الأمنية. لذا ستكون المساعدات الخارجية ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار الكامل والفوضى التامة، ولكن لا يجدر تقديم تلك المساعدات دون شروط تضمن سيادة الدولة ووصول طبقة سياسية جديدة غير فاسدة إلى الحكم. لذلك، يجب أن يكون تأليف حكومة من التكنوقراط المستقلين، كما يجب إجراء انتخابات مبكرة، فهذان هما الشرطان الأساسيان لحصول لبنان على أي مساعدة مالية.
إلى ذلك، شدد التقرير على أن هناك حاجة ملحة إلى تشكيل حكومة تتمتع بمصداقية وقادرة على كسب الثقة - داخل البلاد وخارجها - وتقلل من المخاطر الكارثية التي تلوح في الأفق.
وأوصى بوجوب عدم تقديم المساعدات الأجنبية، بما فيها مساعدات "سيدر"، قبل أن تتخذ الحكومة الجديدة الموثوقة خطوات إصلاحية ضرورية.
كذلك، رأى أنه يجب تقديم المساعدات بشكل تعاقبي عند تحقيق إنجازات معينة، فيما يخص إجراء الإصلاحات ووضع قانون انتخابات.
المساعدات المقّدمة للجيش
وبالعودة إلى المساعدات المقدمة للجيش اللبناني، أكد التقرير على ضرورة تأكيد الولايات المتحدة من جديد أن استمرار المساعدات الأميركية للجيش منوط بحماية المحتجين، والأكيد على أن قادة الجيش سيكونون عرضة للمساءلة في حال حدوث أي انتهاكات ضد المحتجين.
كما يجب حث الجيش اللبناني على حماية جميع المواطنين اللبنانيين.
وأوضحت التوصيات أنه من الضروري، أن يوضع شرط واضح على تقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني لضمان عدم استفادة "مخابرات الجيش" و"الحرس الجمهوري" منها، كما من الضروري ألا تخدم المساعدات الأميركية للجيش الوحدات التي تنتهك حقوق الإنسان الأساسية.
تشكيل الحكومة والتفاصيل
أما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة، فأوضح التقرير في توصياته، أنه من الضروري ألا تتدخل الولايات المتحدة وأوروبا في التفاصيل الدقيقة لتشكيل مجلس الوزراء، سواء من حيث الشكل والتكوين، لكن مع ذلك، عليهما الدعوة إلى مراعاة العملية الدستورية، وبالتالي ممارسة الضغط على الرئيس ميشال عون للدعوة إلى إجراء مداولات برلمانية فورية لتعيين رئيس حكومة جديد، على أن تعلل مثل هذه الدعوة الفورية بتشكيل حكومة جديدة مستقلة ومؤهلة، يرأسها رئيس وزراء موثوق من خارج خيارات "حزب الله".