توجه دول خليجية ما يصل إلى 22 مليار دولار إلى مصر؛ لمساعدتها في التغلب على أزمة في العملة، وهي ثالث عملية إنقاذ من نوعها في عقد، في حين يترقب محللون مرونة أكبر في سعر الصرف لتجنب أزمات في المستقبل.
وسمح البنك المركزي بتراجع الجنيه المصري، الذي كان مستقرا منذ نوفمبر تشرين الثاني 2020، بنسبة 14 بالمئة مقابل الدولار في 21 مارس آذار، بعد سحب مليارات الدولارات من أسواق أدوات الخزانة المصرية.
وقالت السعودية، الأسبوع الماضي، إنها أودعت خمسة مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري، وإنها ستضخ المزيد من الاستثمارات التي يمكن أن تجلب لمصر ما يصل إلى عشرة مليارات دولار من العملات الأجنبية.
وقال مجلس الوزراء المصري إن قطر تعهدت بصفقات استثمارية بخمسة مليارات دولار، ومن المتوقع الإعلان قريبا عن تفاصيل بشأن شراء صندوق أبوظبي السيادي إيه.دي.كيو لحصص تشير تقارير إلى أن قيمتها تبلغ ملياري دولار.
وقال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس: ”الاستثمارات الخليجية في مصر تذكرنا بالفترة التي أعقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 2013، عندما تعهد الخليج بمساعدات مالية قيمتها 23 مليار دولار“.
وأرسلت السعودية والإمارات والكويت إلى مصر منحا وودائع نقدية وشحنات وقود بقيمة 23 مليار دولار خلال فترة 18 شهرا أعقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 2013.
وأتاحت تلك المساعدات لمصر تأجيل اتفاق مع صندوق النقد الدولي وإنفاق المزيد على دعم الجنيه الذي تعرض لضغوط شديدة بعد أحداث عام 2011، التي أنهت حكم الرئيس حسني مبارك الذي استمر 30 عاما.
وخلال أزمة ثانية للعملة في 2016، خفضت مصر قيمة الجنيه للنصف، وأودعت السعودية حوالي ثلاثة مليارات دولار، وأودعت الإمارات مليار دولار لدى البنك المركزي، وأبرمت القاهرة اتفاقا مع صندوق النقد في نوفمبر تشرين الثاني 2016.
وواصلت مصر تحقيق نمو خلال جائحة فيروس كورونا، لكن عجز المعاملات الجارية لديها زاد مع ارتفاع تكاليف الواردات وتضاؤل عائدات السياحة.
وقالت، الأسبوع الماضي، إنها تجري محادثات مع الصندوق بشأن احتمالات الحصول على أموال ودعم فني للتحوط من آثار الأزمة الأخيرة.
وفي الشهر الماضي، زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السعودية واستقبل ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في شرم الشيخ، وسط تعزيز مصر العلاقات مع الحلفاء الخليجيين ومشاركتها في محور عربي إسرائيلي ناشئ.
وقال عمرو عدلي، الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية في القاهرة، إن التدفقات الوافدة من حلفاء القاهرة الخليجيين ستطمئن صندوق النقد وتشجع المستثمرين الأجانب على العودة إلى سندات الخزانة المصرية قصيرة الأجل ذات الفائدة المرتفعة.
وقال محللون آخرون إن العملة المصرية قد تتعرض لمزيد من الضغوط مع نمو التضخم بفعل ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا، مما يفاقم متاعب الجنيه.
وقال إتش.إس.بي.سي في مذكرة: ”ما زلنا نؤمن بضرورة تبني نظام أكثر مرونة لسعر الصرف للتعامل مع نقاط الضعف في الحساب الخارجي لمصر القائمة منذ فترة طويلة“.
وأضاف: ”ولكن مع الانفراجة التي توفرها التدفقات الثنائية، وعدم وجود شروط على صعيد السياسة مرتبطة بها على ما يبدو، فإن الضغط من أجل تغيير جوهري في نظام سعر الصرف قد يكون بصدد التلاشي“.
وفي يوم تخفيض قيمة العملة، شددت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي على ”أهمية استمرار مرونة سعر الصرف لاستيعاب الصدمات“.
وسجل الجنيه المصري 18.22 أمام الدولار، اليوم، وهو ما يزيد بفارق بسيط على مستوى 18.17 للدولار الذي هبط إليه الجنيه في 21 مارس آذار.
وقالت مونيكا مالك من بنك أبوظبي التجاري إنه نظرا لأن مصر قد تجاوزت حصتها من الاقتراض من صندوق النقد الدولي، فإن أي مساعدة جديدة يمكن أن تشمل تمويلا من مؤسسات أخرى متعددة الأطراف ومكونات ثنائية مثل دول مجلس التعاون الخليجي.
وقالت: ”من المرجح أن تساعد إجراءات الدعم الخليجية مصر على تلبية متطلبات صندوق النقد الدولي بموجب معيار الوصول الاستثنائي“.