اضطر البنك المركزي الجزائري للتدخل مجددا، لتحريك مياه الاقتصاد الجامدة، وفك الانسداد الحاصل بين المؤسسات المالية والشركات ورجال الأعمال، المتعلق بعزوف في الاتجاهين عن منح وطلب القروض البنكية.
ووجه البنك المركزي تعليمة مستعجلة للبنوك الناشطة في الجزائر، دعتهم فيها لتليين إجراءات وشروط منح القروض للمؤسسات الاقتصادية، مع تقليص مدة دراسة القروض. كما أمر البنك المركزي البنوك في وثيقة أصدرها بتخفيض نسب الفائدة من 20 بالمائة كأعلى نسبة إلى 10 بالمائة، أي بتخفيض 50 بالمائة مهما كان حجم القرض.
وكان البنك قد رفع نسب الفوائد المطبقة على القروض الموجهة للاستثمار والاقتصاد من 16 بالمائة إلى 20 بالمائة سنة 2016، وذلك بعد تسجيل ارتفاع في نسبة القروض المتعثرة، إلا أن دخول الاقتصاد “مرحلة الإنعاش” مع تراجع عائدات النفط ومخلفات جائحة كورونا، دفع بالحكومة إلى مراجعة قراراتها، لبعث الاقتصاد. وفي السياق يقول عضو جمعية البنوك الجزائري، محمد جابري، إن “البنك المركزي الجزائري تدخل تحت ضغط الحكومة، لحماية المقترضين وخاصة المستهلكين (المستفيدين من القروض الاستهلاكية) من أسعار الفائدة التعسفية، ومن الطبيعي جدا أن يلعب بنك الجزائر دوره الوقائي في اتجاه المقترضين”.
وأضاف أن الهدف من قرار المركزي الموجه إلى البنوك ليس تثبيت أسعار الفائدة، ولكن تقديم قروض بهوامش على أساس معدلات مقبولة محسوبة وفقًا لتكاليف الموارد وإعادة التمويل وإدارة المخاطر”.
وكان البنك المركزي قد ضخ منتصف يوليو/ تموز الماضي 2100 مليار دينار، ما يعادل 15.5 مليار دولار في شريان البنوك من أجل بعث الاقتصاد بقروض بنكية موجهة للشركات الكبرى والمتوسطة، لمساعدتها على مواجهة مخلفات جائحة كورونا، إلا أن نسب الفوائد المرتفعة وصرامة شروط منح القروض خاصة فيما يتعلق بالنجاعة وتأمين المخاطر جعل البنوك تتردد في منح القروض من جهة، ومن جهة أخرى عزوف المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين عن طلب قروض.
وتهاوت سيولة المصارف خلال أشهر قليلة من 8 مليارات دولار منتصف 2020، إلى 4.8 مليارات دولار نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، ليتواصل التهاوي إلى 3.7 مليارات دولار، مطلع 2021، حسب آخر تقرير للبنك المركزي الجزائري، وذلك لأول مرة منذ أكثر من 20 سنة.
إلى ذلك، أكد عضو الكونفدرالية الجزائرية للمقاولين، عبد الواحد بن نبري، أن “تخفيض نسب الفوائد من طرف المركزي وإن كانت خطوة مرحبا بها إلا أنها جد متأخرة، كنا نطالب بهذا الإجراء نهاية 2020 حتى نستطيع النهوض مع بداية السنة الحالية، في قطاع البناء والأشغال العامة”.
وتابع أن “أكثر من 3700 شركة بناء ومقاولات أغلقت أبوابها نهائيا، 80 بالمائة منها تقدمت بطلب قروض بنكية وكانت الإجابة إما بـ “لا” أو “دون” (موافقة على قرض بقيمة أقل من المطلوب)، بالرغم من أن نسب الفوائد المطبقة لامست 20 بالمائة، واليوم بعد أن وقع الفأس بالرأس، نرى المركزي الجزائري يضغط على البنوك لتخفيض نسب الفوائد كأنه يوجد دولة داخل دولة في الجزائر”.
وأضاف أن “الشركات المتعثرة تبحث عن الأموال من أجل العمل، وليس عن قرارات نظرية”.