قالت شركة ”كار باور شيب“ التركية، الثلاثاء، إنها ستستأنف إمداد لبنان بالكهرباء من محطتيها العائمتين اعتبارا من اليوم الثلاثاء، وهو قرار وصفته بأنه بادرة على حسن النية إثر محادثات بشأن مدفوعات متأخرة وتهديد بإجراء قانوني ضد سفنها.
وكانت الشركة قد أبلغت الحكومة اللبنانية في مايو/أيار أنها ستضطر لإغلاق محطتيها العائمتين ما لم يتم اتخاذ خطوات نحو تسوية هاتين المسألتين.
واعتادت الشركة توريد 370 ميجاوات، أو حوالي ربع إمدادات الكهرباء في لبنان.
وحتى قبل الأزمة الاقتصادية، عجز لبنان عن تلبية الطلب على الكهرباء، مما أشاع الاعتماد على المولدات الخاصة. وتزداد فترات انقطاع الكهرباء اليومية زيادة مطردة، وتستمر لمعظم اليوم في بيروت، حتى مع إمدادات الشركة التركية.
وينوء اقتصاد لبنان تحت جبل من الديون، وتعاني الحكومة لتدبير النقد الأجنبي الضروري لتمويل متطلبات استيراد الأغذية الأساسية وغيرها من الواردات، مثل الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء التي لا تكفي احتياجات البلاد.
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية عميقة بعد أن عملت حكومات متعاقبة على تراكم الديون في أعقاب الحرب الأهلية (1975-1990)، دون أن يكون لديها ما تستند إليه مقابل انغماسها في الإنفاق.
وتعاني المصارف، التي تعد محورية للاقتصاد القائم على الخدمات، من حالة من الشلل، وقد حالت البنوك بين أصحاب المدخرات وحساباتهم الدولارية أو أبلغتهم أن قيمة الأموال التي يمكنهم الحصول عليها انخفضت. وانهارت العملة اللبنانية مما زج بقطاعات من السكان في براثن الفقر.
وقصة انهيار لبنان المالي منذ 2019 هي قصة تعثر رؤية لإعادة بناء دولة كانت تعرف في وقت من الأوقات بأنها ”سويسرا الشرق“، بفعل الفساد وسوء الإدارة، إذ أقبلت النخبة الطائفية على الاقتراض دون ضوابط تذكر.
ففي وسط بيروت الذي سوي بالأرض في الحرب الأهلية، ارتفعت ناطحات سحاب بناها مهندسون عالميون وامتلأت المراكز التجارية الفاخرة بأسماء تجارية لامعة، وكانت المتاجر تقبل الدفع بالدولار.
غير أن لبنان لم يكن لديه شيء يذكر بخلاف ذلك، مقابل جبل الديون الذي كبر ليعادل 150 في المئة من الناتج الوطني، فيما يمثل واحدا من أعلى أعباء الدين في العالم.
وأصبحت محطات توليد الكهرباء عاجزة عن توفير احتياجات البلاد، بينما كانت صادرات لبنان الوحيدة التي يعتمد عليها هي رأس المال البشري.