تستمر أسعار السلع الغذائية بالأسواق السورية بالارتفاع، لتسجل هذه الأيام أعلى أسعار متأثرة، بحسب اقتصاديين، بتراجع سعر صرف الليرة، الذي سجل أدنى سعر له على الإطلاق (3400 ليرة للدولار).
كما ساهمت ورقة 5000 الجديدة في زيادة العرض النقدي للعملة السورية، وبالتالي التضخم في الأسواق، حسب تجار.
تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي:
وكانت وزيرة الاقتصاد السابقة بالنظام السوري لمياء عاصي قد أرجعت سبب ارتفاع الأسعار إلى طرح ورقة الـ5000 ليرة، مستبعدة في الوقت نفسه زيادة الرواتب عبر آلية التمويل بالعجز، لأن زيادة الرواتب تكون عادة من هوامش في الموازنة، أو وفورات من زيادة أسعار المشتقات النفطية أو تمويل بالعجز، والآلية الأخيرة لا تفيد بشيء، بل تؤدي لزيادة كبيرة بالأسعار، بحسب تعبيرها.
وتضيف الوزيرة السابقة، خلال تصريحات صحافية أول من أمس، أنها لا تؤمن بمصطلحات السعر الوهمي أو العوامل النفسية بالنسبة لسعر الصرف، لأن مبدأ السوق هو العرض والطلب، وهذا يعني أن زيادة عرض الكتلة النقدية تؤدي لانخفاض قيمة العملة وارتفاع قيمة السلع.
ومن جانبه، أكد الاقتصادي السوري أسامة القاضي أن هناك عوامل أخرى لحالة الغلاء التي تعاني منها السلع الضرورية، منها “استمرار تصدير السلع والمنتجات السورية، وأهمها الخضر والفواكه” للخارج، وحرمان السوريين من إنتاج بلادهم، وتركهم لفوضى الأسواق وتراجع حكومة بشار الأسد عن الرقابة على الأسواق.
وتضاعفت خلال الفترة الأخيرة أسعار الزيوت والسمنة بالأسواق، ليسجل سعر كيلوغرام السمن النباتي 6 آلاف ليرة والسمن البقري 20 ألف ليرة، وبلغ سعر كيلوغرام زيت الزيتون أعلى سعر بتاريخ البلاد، متخطياً بحسب مصادر خاصة من دمشق، 8 آلاف ليرة سورية.
ودفع ذلك حكومة الأسد إلى طرح الزيت النباتي بصالات مؤسسات التجارة الحكومية بأسعار منافسة، بحسب تصريحات مدير شركة زيوت حماة عبد المجيد قفلة.
وشهدت أسعار السلع التموينية الارتفاع الأكبر بالأسواق السورية من 10 سنوات، إذ وصل سعر كيلوغرام الأرز المصري، ولأول مرة، إلى 3300 ليرة، وتجاوز سعر كيلوغرام العدس 2000 ليرة. وطاول ارتفاع الأسعار اللحوم، ليسجل الفروج أعلى سعر، بحسب المصادر من دمشق، بعد تخطيه 6 آلاف ليرة للكيلوغرام الواحد.
ولم تسلم الخضر والفواكه من حمى الأسعار المرتفعة بعد تراجع سعر الليرة وتأثر الزراعات المحمية بموجات الصقيع، واستمرار حكومة الأسد بالتصدير لدول الجوار.
كما كشف رئيس لجنة التصدير في اتحاد غرف التجارة فايز قسومة أن نحو 700 طن من الخضار والفاكهة تصدر يومياً، مبيناً خلال تصريحات أخيراً، أن 200 طن من الخضار تصدر إلى العراق، و500 طن تصل إلى دول الخليج عبر معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
مهندسة زراعية تقدم سببا آخر لزيادة الأسعار، حيث تقول إن موجات الصقيع التي شهدتها مدن الساحل السوري، الأشهر بالزراعات المحمية، أثرت على كميات الإنتاج وحتى على نوعيته، وربما “هذا السبب وراء تراجع عرض منتجات الزراعات المحمية، فاصولياء، فليفلة، بندورة، خيار، وباذنجان”، لكن استمرار التصدير إلى دول الجوار هو الذي زاد من الخلل بالأسواق.
وتضيف المهندسة أن موجة البرد والعاصفة الآن ستزيد من تراجع الإنتاج الزراعي بالبيوت البلاستيكية، “ما يعني قلة عرض وارتفاع أسعار”، مبينة أن تكاليف الزراعات المحمية مرتفعة جدا بسورية، نظراً لارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة وأجور العمالة وحتى العبوات الفارغة.
وحول تناسب أسعار المنتجات الزراعية مع دخل السوريين، تقول بتول أحمد: “لا يمكن الحديث عن أي مقارنة بين دخل السوريين وإنفاقهم، لأن ارتفاع الأسعار حوّل أكثر من 96% من السوريين إلى فقراء”.
وكان تقرير برنامج الأغذية العالمي (WFP)، قد أشار، أول من أمس، إلى إن حوالي 60% من السكان في سورية يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في أسوأ حالة أمن غذائي شهدتها البلاد.
ووفق التقرير الأممي، فإن 12.4 مليون شخص سوري بالداخل يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهذه تعد أعلى نسبة سجلت على الإطلاق، بحسب تقرير برنامج الغذاء العالمي، الذي أشار إلى أن 1.3 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، بزيادة قدرها 124% خلال سنة.