في ظل الأزمة المالية غير المسبوقة التي تعيشها الكويت بسبب تداعيات جائحة كورونا، وتأثيرها على الأوضاع المالية والاقتصادية، تدرس الحكومة بيع أصول نفطية خارجية في الدول الأوروبية تقدر بـ 2.4 مليار دولار، وفقا لما كشفته وثيقة حكومية اطلعت عليها “العربي الجديد”.
وكشفت الوثيقة عن قيام مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية بالاستعداد للتخارج من مشاريع نفطية عالمية في عدة دول أوروبية، فضلا عن خفض ميزانية المؤسسة، والشركات التابعة لها، بناء على توجيهات مجلس الوزراء الكويتي.
وأظهرت الوثيقة وجود خطة لمؤسسة البترول لترشيد الإنفاق وتأجيل العديد من المشروعات النفطية، داخل وخارج الكويت، بالإضافة إلى وقف الامتيازات الممنوحة للقياديين وعدم استقبال تعيينات جديدة خلال عام 2021، فضلا عن إعداد كشوف لإنهاء خدمات مئات الوافدين ضمن خطة لتكويت القطاع تدريجيا.
كما أشارت الوثيقة إلى أن الإجراءات الجديدة تهدف إلى دعم الميزانية العامة للدولة خصوصا في ظل التوجه الحكومي لسد عجز الميزانية من أرباح القطاع النفطي والمحفظة المالية لمؤسسة البترول الكويتية.
وفي وقت سابق، كانت قد ظهرت دعوات نيابية لتحويل الأرباح المحتجزة لدى القطاع النفطي ومؤسسة البترول الكويتية إلى الميزانية من أجل سد العجز، فيما تباينت آراء الخبراء ما بين مؤيد ومعارض للمقترح.
وحسب بيانات وزارة المالية الكويتية، تمثل الإيرادات النفطية أكثر من 90% من الناتج المحلي.
من جانبه، قال الخبير النفطي الكويتي حسن معرفي إن الخطوات الأخيرة لمؤسسة البترول الكويتي تؤكد وجود أزمة مالية غير مسبوقة تشهدها الكويت بسبب تفاقم عجز الميزانية على خلفية تراجع الطلب على النفط والانخفاض الكبير في الإيرادات النفطية.
وأشار معرفي إلى أن الانخفاض الكبير في الأسعار على خلفية تداعيات جائحة كورونا التي أدت إلى فرض الإغلاق في العديد من دول العام وتوقف حركة الطيران وضعف الإمدادات أثرت سلبا على القطاع النفطي الذي يعد شريان الحياة للاقتصاد الكويتي واقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام.
وأكد أن إجراءات مؤسسة البترول الكويتية مبررة، خصوصا أنه لا يخفى على أحد أن سعر النفط، مورد الدولة الرئيسي، قد انخفض بشدة خلال الأشهر الماضية، ولكن في الوقت نفسه لا يجب المساس بالمشاريع النفطية العملاقة التي قد تؤثر على القطاع النفطي وملاءته المالية.
ولدى شركة نفط الكويت التابعة لمؤسسة البترول الوطنية العديد من المشروعات والاستثمارات النفطية مثل مشروع مصفاة الدقم في سلطنة عمان، ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذ المشروع في الربع الثالث من العام المالي 2021/ 2022 والتشغيل المبدئي في شهر مايو/ أيار 2022.
كما تقوم الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة بإعداد الدراسات لتنفيذ مجمع البتروكيماويات المتكامل مع مصفاة الزور لرفع اقتصاديات مصفاة الزور وتحسين أدائها المالي والتوسع في نشاط البتروكيماويات لتنويع مصادر الدخل، كما تقوم شركة صناعة الكيماويات البترولية بإعداد دراسة الجدوى لمشروع مجمع البتروكيماويات الرابع في الكويت.
بدوره، حذر الباحث الاقتصادي الكويتي عبد الله الكندري من المساس بالمشروعات النفطية الكويتية في الخارج أو الداخل، مشيراً إلى أن الاستثمارات النفطية الكويتية تحقق عوائد جيدة وينبغي عدم التفريط في تلك النجاحات بسبب الظروف الراهنة.
وأكد ضرورة أن تسعى الحكومة إلى البحث عن حلول واقعية لأزماتها المالية مثل تفاقم عجز الميزانية وشح السيولة، فضلا عن تعثر إقرار قانون الدين العام الذي يهدف إلى اقتراض ما يقرب من 65 مليار دولار على مدى 30 عاما، بدلا من التوجه إلى القطاع النفطي.
ودعا الحكومة الكويتية إلى تعزيز ودعم مشروعات القطاع النفطي بدلا من استنزافه، مؤكدا في الوقت نفسه أن الخسائر التي تكبدتها أسواق النفط العالمية على خلفية جائحة كورونا تستدعي وضع خطط جديدة لدعم القطاع بدلا من انهياره.
ولدى شبكة شركة بترول الكويت العالمية 4000 محطة وقود في 7 دول أوروبية، وهي إيطاليا، ألمانيا، السويد، الدنمارك، هولندا، بلجيكا ولوكسمبورغ، وأيضا لديها خدمات متطورة لغسل السيارات. وفي الدنمارك تعتبر القائدة في قطاع خدمة غسل السيارات.
وأظهرت وثيقة صادرة عن مؤسسة البترول الكويتية أن محفظة التمويل لدى القطاع النفطي تبلغ نحو 16.5 مليار دولار.
وأعلنت الكويت في شهر أغسطس/ آب الماضي، أنها سجلت عجزا فعليا بلغ 5.64 مليارات دينار تعادل 18.44 مليار دولار في السنة المالية 2019/ 2020، بزيادة 69 بالمئة عن السنة السابقة. وتراجع إجمالي إيرادات البلد الخليجي الغني بالنفط أكثر من 16 بالمئة على مدار السنة المالية المنتهية في مارس/ آذار إلى 17.22 مليار دولار، حسب ما ذكرت وزارة المالية على تويتر، بينما انخفضت النفقات 3.2 في المئة إلى 21.14 مليار دينار. وتعمل الكويت جاهدة من أجل تدعيم خزائنها التي استنزفتها أزمة فيروس كورونا وتراجع أسعار الخام. وتحول الكويت عشرة في المئة من الإيرادات السنوية لأحد صناديقها السيادية، صندوق الأجيال القادمة. وفي السنة المالية 2019-2020، بلغ ذلك التحويل 1.72 مليار دينار، مما يعني أن العجز قبلها كان 3.92 مليارات دينار، وفقاً لما قالته الوزارة.