خبر

النفط الصخري يشعل معركة الانتخابات الأميركية

في الأمتار الأخيرة من سباق الانتخابات الأميركية، ومن بين العديد من القضايا الشائكة التي يختلف في التعامل معها الحزبان الجمهوري والديمقراطي اختلافاً جذرياً، برزت قضية شركات النفط الصخري، التي يطلق عليها شركات التكسير، باعتبارها أحدث الأسلحة التي لجأ إليها ترامب لتخويف الناخبين من التصويت لغريمه جو بايدن، الذي أظهر في أكثر من مناسبة اعتراضه على نشاط تلك الشركات.

وتستخرج شركات التكسير النفط والغاز الطبيعي من طريق “تكسير” الصخور بشكل مصطنع يساعد على تسريع عملية الاستخراج. وخلال العقد الأخير، توسعت تلك النوعية من عمليات الاستخراج، بعد أن استغلت الشركات القائمة عليها معدلات الفائدة المنخفضة، وضعف القواعد المنظمة لعملها، للتوسع في الإنتاج بصورة كبيرة، الأمر الذي أدى إلى تحول الولايات المتحدة، للمرة الأولى في تاريخها، إلى مُصدرٍ صافٍ للنفط الخام، بعد عقود طويلة من الاستيراد.

ويمثل الغاز والنفط الصخري، المستخرج من خلال عمليات التكسير، ما يقرب من ثلثي الإنتاج الأميركي، وهو ما يوضح المدى الذي وصلت إليه صناعة الطاقة هناك في الاعتماد على هذه العمليات التي يكرهها المنحازون إلى حماية البيئة.

وخلال حملته الثلاثاء في ولاية بنسلفانيا، التي يمثل إنتاج الطاقة بواسطة تلك الشركات جزءاً هاماً من النشاط الاقتصادي فيها، عرض ترامب، الذي يقول مراقبون إنه بدأ يستخدم كل ما في جعبته بعد أن استمرت استطلاعات الرأي في إظهار تقدم منافسه عليه، فيلم فيديو يحوي تسجيلاً لتصريحات أدلى بها بايدن، ونائبته المرشحة كامالا هاريس، قبل فترة، والتي أظهرت، بالطريقة التي عرضها ترامب، عزمهما إيقاف عمل تلك الشركات.

وفي إحدى المقاطع التي عرضها ترامب، وأعاد نشرها فور عودته إلى مقر إقامته على تويتر، أجاب بايدن على سؤال مذيعة قناة سي ان ان الإخبارية خلال مناظرات انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية إذا ما كان هناك مكان لنشاط استخراج الوقود الصخري حال وصوله إلى البيت الأبيض، مؤكداً “سنتعامل مع هذا الأمر، وسنحد منه، وسنقلل الإعانات المقدمة إليه”.

وفي مقطع آخر، أكدت هاريس، التي كانت منافسة لبايدن في سباق الانتخابات التمهيدية للحزب، قبل أن تخرج من السباق وتقبل منصب نائب الرئيس حال فوز بايدن في انتخابات الرئاسة، ميلها لحظر نشاط التكسير.

ويصر نائب الرئيس السابق، ومرشح الرئاسة الحالي، في كل فرصة تسنح له، على أنه لا ينوي تطبيق حظر كامل لكل عمليات التكسير، وأنه يقترح فقط “حظر إصدار التصاريح الجديدة الخاصة بإجراء عمليات التكسير الهادف لاستخراج الغاز والنفط الصخري على الأراضي المملوكة للحكومة الفيدرالية”، وهو ما يمثل نسبة ضئيلة من تلك الصناعة، على حد قوله. والأسبوع الماضي، أكدت هاريس، في مناظرتها مع نائب الرئيس مايك بنس، أن “بايدن لن ينهي عمليات التكسير، ولقد كان واضحاً جداً بخصوص ذلك”.

ويرى شريف نافع، المدير السابق في هاليبرتون، وصاحب ومدير شركة The Seven Drilling Technology، المتخصصة في تقديم خدمات الحفر المائل لشركات استخراج النفط، أن “أحداً لا يستطيع إيقاف الاعتماد على هذه الطاقة فجأة، وأن الأمر يتطلب خطة طويلة المدى تسمح بالانتقال من الوضع الحالي لمستقبلٍ يمكن فيه الاعتماد على الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة الخضراء”، مؤكداً أن هذا التوجه قد يمثل سياسة بايدن على المدى الطويل، وأنه لذلك قد يضع أساسات الابتعاد عن الوقود الأحفوري، “إلا أن هذا لا يعني أن هذه الصناعة ستتوقف فور فوزه”، بحسب نافع.

واعتبر نافع، في حواره مع “العربي الجديد”، أن ما يفعله ترامب حالياً هو “محاولة لإثارة شائعات كثيرة حول بايدن بغرض تخويف الناس من انتخابه، ويستخدم في ذلك أساليب فيها كذب وخداع”، مضيفاً أن “المعركة السياسية بالنسبة إلى ترامب تعتمد على تخويف الناس من الطرف الآخر وتخويف الناس من فقدانهم لمستوى معيشتهم ومصادر دخلهم، وهو ما لا علاقة له بالواقع”.

وفي الوقت الذي تحتاج فيه شركات إنتاج النفط الصخري لأسعار مرتفعة في السوق العالمية، تساعدها على تغطية تكاليف الإنتاج المرتفعة نسبياً، اعتبر محللون أن فوز بايدن قد يكون عاملاً مساعداً يعطي دفعة لأسعار الوقود، ويساعد الشركات على تعويض بعض خسائر الفترة الماضية.

وفي تقرير حديث له، احتفظ بنك الاستثمار العملاق غولدمان ساكس بنظرته المتفائلة لأسعار النفط والغاز، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات المقبلة، مؤكداً أن “توجه بايدن، حال فوزه، نحو تشديد القيود على شركات النفط الصخري، بالإضافة إلى ما هو متوقع من سياسات أكثر تحفيزاً للاقتصاد، ترفع الطلب على الطاقة، تحت حكمه، ربما يتسببا في رفع أسعار الوقود عالمياً”.

وأكد التقرير أن بايدن “حال انتخابه سيسعى إلى إيجاد قطاع طاقة خالٍ من التلوث الكربوني بحلول عام 2035″، وتوقع محللو البنك أن تفرض إدارته قواعد من شأنها زيادة تكاليف إنتاج النفط الصخري، عن طريق فرض الضرائب وقيود الميثان، وكلاهما خففته إدارة الرئيس الحالي ترامب. وقدر بنك جولدمان ساكس أن تزيد مثل هذه الضرائب تكاليف الإنتاج لدى تلك الشركات بما يصل إلى 5 دولارات للبرميل، مضيفاً ذلك إلى توقعات ضعف الدولار تحت حكم بايدن، “وهو ما يزيد احتمالات ارتفاع أسعار الوقود”، بحسب تقرير البنك.