بيدرسون قريباً في دمشق… والجيش السوري ينتشر في منبج… وإدلب تنتظر التوقيت السياسي
سجال مرتفع بين أمل والتيار حول القمة… وليبيا تعلن عدم مشاركتها
الانسداد الحكومي يكشف أزمة النظام… واستعصاء القمة يفتح أزمة وطنية!
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
أكمل الجيش السوري انتشاره في الأحياء الغربية والشمالية لمدينة منبج، مع استعداد سورية لاستقبال المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسون خلال أيام، وسماع مقاربته لملف العملية السياسية ومستقبل اللجنة الدستورية التي يفترض أن تنعقد في جنيف، بعد التوصل لحل حول كيفية تكوين الثلث الباقي من أعضائها، بعدما تمثلت الحكومة بثلث الأعضاء وقامت بتسمية مندوبيها الخمسين، كما قامت تركيا بتسليم أسماء خمسين آخرين يمثلون الثلث الثاني الذي يمثل المعارضة، ونشب الخلاف مع المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا على كيفية تسمية الثلث الباقي.
مع انتشار الجيش السوري في مواجهة النقاط التركية في محيط منبج، وضمان انسحاب المجموعات الكردية المسلحة، تكرّست آلية قابلة للتكرار في مناطق الحدود السورية التركية حيث التهديد التركي المتواصل بالقيام بعمل عسكري يستهدف الجماعات الكردية يحفز القيادات الكردية لبلوغ تفاهم شامل مع الحكومة السورية لتطبيق نموذج منبج على المناطق الحدودية كافة، بعدما بدا أن تركيا تحذّر من الدخول في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، خصوصاً بعدما فشلت ومعها الجماعات المسلحة التابعة لها في الإيفاء بالموجبات التي تعهّدتها في قمة سوتشي الأخيرة التي ضمت الرئيس التركي رجب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وطلب خلالها أردوغان تأجيل العملية السورية الروسية المشتركة في إدلب، بانتظار أن تقوم الجماعات التي تدعمها تركيا بتحجيم جبهة النصرة التي تم التفاهم على اعتبار إخراجها من المنطقة شرطاً لنجاح اتفاق خفض التصعيد الذي تضمنه تركيا، وعاد البحث بالعمل العسكري، والتوقيت السياسي المناسب لبدئه، مع اتضاح الصورة لجهة الحاجة للجيش السوري للقيام بهذه العملية.
في لبنان ارتفعت وتيرة السجال السياسي بين حركة أمل والتيار الوطني الحر على خلفية الموقف من استضافة القمة العربية الاقتصادية في نهاية هذا الأسبوع، وتمسك رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بعقدها في موعدها ومطالبة حركة أمل بتأجيلها، سواء على خلفية عدم مشاركة سورية أو على خلفية المشاركة الليبية فيها، وهو ما تقول مصادر متابعة لموقف أمل إنه لا يمكن أن يفهم منه افتعال مشكلة بداعي عدم إثارة المشاركة الليبية لو تمّت دعوة سورية، حيث أنه من الطبيعي أن يشكل حضور سورية سبباً يستدعي السعي لإنجاح القمة، أما وأن سورية مغيّبة فما هو السبب الذي يستحق، ورداً على الذين يقولون إنه في عام 2002 كانت ليبيا مشاركة ولم تعترض أمل، تقول المصادر إن الإمام موسى الصدر كان يضع الهم العربي في الأولوية، وهكذا تفعل أمل فعندما يكون إنجاح القمة له ما يبرّره والحرص عليها له أسبابه يمكن لأحد أن يناقش أمل في دعوتها للاكتفاء بتسجيل موقفها المبدئي دون تحركات احتجاجية قد تعطل القمة، أما عندما تكون أمل مقتنعة بأن القمة بدون سورية تشكل تخلياً عن واحدة من الثوابت العربية، فلماذا عليها مراعاة الحسابات الخاطئة للآخرين؟
وفيما ترد أوساط التيار الوطني الحر على مواقف أمل باستغراب الحملة المفاجئة، ويصل السجال للحديث عن انتفاضة 6 شباط، والرد عليه والرد على الرد، تكشف حالة الانسداد في المسار الحكومي ما يصرّ المعنيون على رفض وصفه بأزمة نظام صارت أكثر من واضحة، بينما تفتح القمة والسجالات الدائرة حولها، واستعصاء وضع مخارج توافقية من المأزق، الباب على مصراعيه نحو أزمة وطنية، تدور مساعي الوساطة للبحث عن مخارج لتفاديها، بينما تبدو الدعوة العاجلة لانعقاد هيئة الحوار الوطني أكثر المخارج التوافقية جدية للقضيتين معاً، الحكومة والقمة.
وليلاً أعلن وزير الخارجية الليبية محمد سيالة تأكيده «عدم مشاركة وفد بلاده في القمة الاقتصادية العربية المزمع عقدها في بيروت»، مشيراً الى أن «عدم مشاركة الوفد الرسمي الليبي جاء بسبب منع سلطات الأمن بمطار بيروت رجال الأعمال الليبيين المشاركين في المنتدى الاقتصادي من الدخول، واحتجاجاً على إهانة العلم الليبي»، بصورة تفتح الباب على تشاور على مستوى الجامعة العربية يتصل بتأجيل القمة كما قالت مصادر عربية متابعة، أن المبادرة الكويتية الداعية لتأجيل القمة لا تزال في التداول.
فيما تستعدّ بيروت لاستقبال القمة الاقتصادية التنموية العربية التي تنعقد خلال الفترة من 18 وحتى 20 الجاري منه، حيث تتصاعد وتيرة الاستعدادات التنظيمية واللوجستية للقمة، فإن تصفية الحسابات سيدة الموقف على خط التيار الوطني الحر وحركة أمل. فغياب الكيمياء السياسية سيدة الموقف بين عين التينة والرابية. فمرة جديدة تشتعل الجبهتان بالتصريحات المتبادلة والاتهامية، على خلفية ملف جديد يتعلق بحضور ليبيا القمة وغياب سورية عنها، علماً أن قناة الميادين أفادت أن «ليبيا تتجه إلى الاعتذار عن المشاركة في القمة العربية الاقتصادية في بيروت».
وبينما أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاستعداد لأن يقوم بـ6 شباط سياسية وغير سياسية، فلا يجرّبوننا». سارع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس، عقب خلوة للتيار الوطني الحر في عين سعادة طالباً من الإعلام نقل كلامه مباشرة لا سيما ان الخلوة كانت بعيدة عن الإعلام، فتوجّه إلى بري من دون أن يسمّيه قائلاً «بالنسبة إلينا لا نعرف إلا 6 شباط في مار مخايل و6 شباط الآخر لا نعرفه»، موضحاً: «6 شباط الأول لم نكن فيه وقمنا بتفاهم 6 شباط 2006 حتى لا يكون بين اللبنانيين إلا الوحدة والتلاقي»، وقال «ليس على أيام التيار وجدت المتاريس والديون والفساد فنحن عملنا لإزالة المتاريس وتكريس التفاهم ومكافحة الفساد».
غير أن الرد أتى سريعاً من النائب علي خريس الذي قال: «إن الوزير حتماً لا يعرف 6 شباط 1984، هذا التاريخ الذي نقل لبنان إلى عصر المقاومة والتحرير». وقال: «نحن لا نلوم معاليه لأنه لا ينتمي إلى مدرسة المقاومة». ولم يقتصر رد حركة أمل على موقف خريس السياسي. فسارع مناصروها إلى تنظيم وقفة تضامنية تأييداً لرئيس مجلس النواب نبيه بري والإمام موسى الصدر، ورفضاً لمشاركة ليبيا في القمة العربية الاقتصادية عند مستديرة ايليا وسط مدينة صيدا . كما عمد عناصر من حركة أمل، إلى نزع العلم الليبي من موقع انعقاد القمة العربية الاقتصادية والتنموية في بيروت ووضعوا مكانه علم حركة أمل.
ولم تتنصّل حركة أمل مما جرى، فأكدت مصادرها النيابية لـ»البناء ان تصعيد الحركة الذي بدأ سيستمر إلى حين الطلب من ليبيا عدم حضور القمة، فنحن على موقفنا أننا لن نسمح للوفد الليبي بدخول القمة وستبدأ تحرّكاتنا من طريق المطار، مشددة على أن كل شيء مسموح إلا في قضية الإمام المغيب موسى الصدر.
في المقابل، تستغرب مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ»البناء» أن يلجأ الرئيس بري إلى حراك سياسي وفي الشارع ضد رئاسة الجمهورية، مشيرة إلى ان التيار الوطني الحر صلب ولن يتراجع امام التهديدات، مع تأكيد المصادر عينها على أن رئيس المجلس كان وافق على دعوة ليبيا بشرط أن تتم عبر مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، وهذا ما حصل، لافتة إلى ان هجوم الرئيس بري هو أبعد من مسألة المشاركة الليبية، ومضيفة تأجيل القمة ليس لمصلحة لبنان أصلاً ولا يجوز أصلاً التأجيل فقط من اجل الحضور الليبي الذي وافق الرئيس بري عليه عندما زارته اللجنة المنظمة.
ورجّحت مصادر مطلعة لـ»البناء» ان يتدخل حزب الله جرياً على العادة عند كل خلاف بين الحركة والتيار للملمة الوضع ومنع تدهور الأمور نحو الشارع، مشيرة إلى ان الاتصالات ستنشط من أجل ذلك.
وكانت القوات الأمنية نفذت قبل ظهر السبت مناورة ميدانية للإجراءات والترتيبات المعتمدة ابتداء من مطار رفيق الحريري الدولي، وصولاً إلى الواجهة البحرية لبيروت حيث ستعقد القمة. وشملت المناورة من وصول القادة العرب إلى المطار لحين وصولهم مركز القمة حيث سيكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في استقبالهم، قبل الدخول إلى القاعة الرئيسية للمؤتمر.
إلى ذلك، وفيما التخبط الحكومي سيد الموقف على خط الدوائر المعنية، دعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي رؤساء الكتل والنواب الموارنة إلى لقاء الأربعاء. وذكرت مصادر مطلعة على دعوة البطريرك الراعي لـ»البناء» إلى ان الاجتماع سيبحث الملف الحكومي على وجه التحديد فضلاً عن أمور تتصل بالملف الاقتصادي والمعيشي واذ اشارت المصادر إلى ان البطريرك سيستمع إلى وجهات نظر الأفرقاء المسيحيين من أجل الوصول في النهاية إلى قواسم مشتركة والاتفاق حول نقاط جامعة من أجل الإسراع في تأليف الحكومة وإنقاذ البلد وضرورة الوقوف في وجه مَن يريد استهداف الميثاق الوطني والدستور، في ظل الموجة السائدة والقائمة على فرض أعراف جديدة. ولفتت المصادر إلى أن الفرقاء الأساسيين المتمثلين بالتيار الوطني الحر والقوات والتكتل الوطني والكتائب أبدوا ترحيبهم وتأييدهم للقاء تحت سقف بكركي لكونها مرجعية وطنية ليس فقط مارونية.
إلى ذلك، عقد اجتماع مالي في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور الرئيس سعد الحريري ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل ووزير الاقتصاد رائد خوري ورئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه. وأكد خليل، في بيان تلاه بعد الاجتماع أن «موضوع إعادة هيكلة الدين العام غير مطروح على الإطلاق، والدولة اللبنانية ملتزمة المحافظة على حقوق المودعين والمصارف وحاملي مختلف سندات الدين السيادية، وما هو مطروح حالياً هو تنفيذ الإصلاحات التي اقترنت بها موازنة 2018 من جهة ومن جهة أخرى ما التزمت به الدولة اللبنانية في مؤتمر سيدر».
من ناحية أخرى، يواصل مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل زيارته للبنان، ويلتقي اليوم كلاَ من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة ووزير الخارجية.
وقد التقى هيل أمس قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وتناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وعلاقات التعاون بين جيشي البلدين، لا سيّما حجم المساعدات العسكرية الأميركية الخاصة بالجيش اللبناني. وتركّز البحث على التطورات على الحدود اللبنانية الجنوبية والتوتر الناجم عن استئناف العدو الإسرائيلي لبناء الجدار العازل في مناطق حدودية متنازع عليها مع لبنان، وتطرّق الجانبان إلى موضوع الحدود البحرية بين لبنان وكيان العدو الإسرائيلي.
وكان هيل استهلّ زيارته مساء السبت بلقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو، حيث عُقد اجتماع، بحضور السفيرة الاميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط والنواب مروان حمادة وأكرم شهيب ووائل أبو فاعور.
وقال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق «إن الزيارات الأميركية إلى لبنان والمنطقة لن تقدم ولن تؤخر، ولن تحجب مشهد تقهقر الأميركيين في المنطقة، ولن تغير من المعادلات التي كرستها انتصارات المقاومة ومحورها، ولن يكون لأميركا أي مكسب سياسي في لبنان على حساب المقاومة، فمعادلات المقاومة راسخة وثابتة لا تهزّها أية زيارات أو تصريحات أو تهويلات أميركية».
إلى ذلك بعثت الجاهلية أمس، خلال إحياء ذكرى مرور أربعين يوماً على مقتل محمد أبو ذياب، رسائل إلى المختارة. فبنبرة عالية أعلن النائب طلال أرسلان الذي كان إلى جانب الوزير السابق وئام وهاب في الجاهلية انتصار الرئيس بشار الأسد في سورية بحضور حزب الله والتيار الوطني الحر. ورأى وهاب أننا سنبقى إلى جانب سورية، جيشاً وشعباً ودولة، والى جانب رئيسها بشار الأسد، الذي صان الحق القومي، وجعل من فلسطين واجهة الصراع مع التنين والمستعمرين.
في المقابل نشر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير النائب السابق وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع «تويتر» صورة لقول «هناك مواقف تحتاج أن نصمت كأننا لم نفهم، أو نتجاهل كأننا لم نر ليس خوفاً انما ارتقاء للنفس». وأرفقها بعبارة: «الى صديق».