جلال خيرت – الأخبار
زيارة «غير عادية» هذه المرة لمايك بومبيو لمصر. الرجل جاء ليفتتح صفحة جديدة من العلاقة مع القاهرة، تبدأ بدعم بقاء عبد الفتاح السيسي رئيساً مقابل الموافقة على «صفقة القرن» وتعاملٍ مختلف مع القضية الفلسطينية… و«حبّة سكر» إضافية هي «وساطة» أميركية في أزمة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني
القاهرة | لم تكن الزيارة القصيرة التي أجراها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، على مدى يومين للقاهرة، عادية على المستوى السياسي، فعلى رغم التبادل المكثف للزيارات بين القاهرة وواشنطن منذ وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة قبل عامين، فإن هذه الجولة حملت معطيات مختلفة كلياً. أولاً يمكن القول إنه طُوي تماماً أي تباين في الرؤي بين البلدين اللذين اتفقا على فتح «صفحة من الدعم المتبادل» في «قضايا حيوية في المنطقة» و«قضايا داخلية» ربما لم يحدث في عهد أي إدارة أميركية سابقة، حتى إبّان سياسة جورج بوش الأب (الراحل) في التعامل مع مصر خلال أزمة الغزو العراقي للكويت.
تقول مصادر مقربة من الرئاسة لـ«الأخبار» إن بومبيو حمل في جعبته ملفات عدة، كما ناقش أطروحات مصرية مقابلة ربما تعرض للمرة الأولى. في مقدمة الملفات «صفقة القرن» بصيغتها الأخيرة التي تستعد الولايات المتحدة لإعلانها قريباً، على أن تُطبق بوتيرة أسرع بعد الانتخابات الإسرائيلية المبكرة (المقبلة) وتشكيل الحكومة الجديدة. أما الرئيس عبد الفتاح السيسي، تقول المصادر، فأبدى «ملاحظات طفيفة» خلال المناقشات مع الوزير الأميركي على بعض النقاط بشأن المشهد النهائي في فلسطين المحتلة، مستدركة: «… مع تنازلات مصرية طفيفة بشأن القدس والأوضاع فيها».
مقابل إمرار الاتفاقية، وتوحيد الموقف العربي منها بجهد مصري، طالب السيسي بالمزيد من المساعدات العسكرية والمالية من واشنطن على نحو ثابت، إضافة إلى الاتفاق على زيادة المعونة السنوية (بموجب اتفاقية كامب ديفيد)، إذ شدد على زيادتها بما يتناسب مع «المتغيرات الحالية على الأرض»، بسبب «الطفرة الكبيرة في أسعار الأسلحة المتقدمة»، وتراجع الكميات والنوعيات التي تحصل عليها بلاده على نحو جعل قيمة المعونة تتراجع كثيراً في السنوات الأخيرة. لذلك، رحّب الرئيس المصري بـ«إعادة النظر» في تعزيز جيشه بالمزيد من الأسلحة الأميركية المتطورة عقب سنوات من الاتجاه إلى أوروبا وروسيا، شارحاً لضيفه أن خطوة اللجوء إلى حلفاء آخرين جاءت بعد تراجع بلد الوزير عن مساندة مصر منذ 2013. وإذا نال السيسي ما يريد، فإن تلك السياسة «قابلة للتعديل على المدى القريب أو المتوسط».
على الصعيد الخارجي أيضاً، تشرح المصادر أن المناقشات تطرقت إلى استعداد أميركي للتوسط في أزمة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي قتل في القاهرة قبل أكثر من عامين وتشير تحريات وتقديرات إلى تورط ضباط أمن مصريين في القضية مباشرة، إذ عاد التصعيد بين روما والقاهرة.
أبدى وزير الخارجية الأميركية استعداداً للتوسط مع روما
أما داخلياً، فتحدث بومبيو عن التعديلات الدستورية المرتقبة خلال العام الجاري. هنا أكد له المسؤولون المصريون أن الأمر «مرتبط بالرغبة الشعبية»، ليكتفي الضيف بإبداء «التفهم»، مضيفاً على ذلك إن بلاده «لن تبدي اعتراضاً على أي إجراء ديموقراطي يحدث في البلاد»، كما تنقل المصادر.
علناً، سعى وزير الخارجية الأميركي إلى انتقاد سياسة الرئيس السابق باراك أوباما من المكان نفسه الذي كان للأخير خطاب فيه عام 2009. أضاف بومبيو إن سياسة أوباما الخارجية «ساهمت في انتشار الإرهاب والعنف في الشرق الأوسط»، مستطرداً: «حين كان أصدقاؤنا بأمسّ الحاجة إلينا… قللنا شر الأيديولوجيا المتطرفة، ما أدى إلى ظهور الجماعات المتشددة وعلى رأسها داعش». وقال: «زمن التقاعس الأميركي انتهى، فالولايات المتحدة قوة خير في الشرق الأوسط وقد أعادتها سياسات الرئيس ترامب إلى المنطقة؛ تعلمنا من أخطائنا، تعلمنا أن انسحاب الولايات المتحدة يحدث الفوضى، وحين نتجاهل أصدقاءنا تحدث المشكلات».
كذلك، تضمنت كلمته انتقادات للنظام الإيراني والاتفاق النووي، بالإضافة إلى حزب الله، مؤكداً أنه لا يوجد دعم أميركي لإعادة إعمار المناطق التي يسيطر عليها نظام الرئيس السوري بشار الأسد «حتى تخرج إيران ونتحقق من الحل السياسي»، كما لفت إلى أنهم سيواصلون العمل من أجل «سلام دائم في اليمن… وإقامة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
أما في المؤتمر الذي عقد بينه وبين نظيره المصري سامح شكري، فقال الأخير إن «العلاقات بين القاهرة واشنطن القائمة على شراكة استراتيجية تسهم في تحقيق الاستقرار والأمن»، معلناً الاتفاق على الإعداد لعقد حوار استراتيجي ومشاورات بصيغة (2+2) بين وزراء الخارجية والدفاع في البلدين خلال هذا العام.