علي زين الدين – الأخبار
قبل 19 عاماً، لم يكن أيٌّ من لاعبي منتخب لبنان الحاليين قد بدأ مسيرته الكرويّة مع أندية الدرجة الأولى، حين استضاف لبنان بطولة كأس آسيا الثانية عشرة، وشارك فيها للمرة الأولى والأخيرة قبل التأهّل إلى بطولة النسخة الحالية. جميع الأسماء تغيّرت، واللاعبون القدامى باتوا مدرّبين، ولم يبقَ من الجيل القديم في المنتخب، سوى المستشار الفني يوسف محمد، الذي كان لاعباً في العشرين من عمره. عشرة مدرّبين بين محلّيين وأجانب تعاقبوا على تدريب المنتخب الوطني، وعشرات اللاعبين مثّلوا بلادهم. مبارياتٌ كثيرةٌ لُعبت وأهداف لا تُحصى سُجّلت. مشجعون لحقوا المنتخب في الملاعب اللبنانية والخارجية، منهم كَبِر، ومنهم لا يزال يُثبت وجوده على المدرّجات. أحزانٌ رافقت المسيرة الدولية وأفراحٌ قليلةٌ كانت كافيةً لتعزيز الحسّ الوطني. شيءٌ واحدٌ فقط بقيَ على حاله: الأرزة اللبنانيّة على قلوب اللاعبين.
يُشارك منتخب لبنان في بطولة كأس آسيا «الإمارات 2019» في نسختها السابعة عشرة، حيث يواجه منتخبات قطر والسعودية وكوريا الشمالية، ضمن المجموعة الخامسة. بطولةٌ يسعى من خلالها «رجال الأرز» إلى تقديم صورةٍ إيجابيةٍ عن كرة القدم اللبنانيّة، ومحو آثار المشاركة المخيّبة في بطولة الـ2000، بالوصول بدايةً إلى الدور الثاني، الذي تتأهّل إليه المنتخبات التي تحتلّ المركزين الأول والثاني في المجموعات الست، وأفضل أربعة منتخبات تحتلّ المركز الثالث. لا تبدو المهمة سهلة، ولا هي صعبة أيضاً. أربعُ نقاطٍ ستكون كافيةً للمنتخب اللبناني لحجزِ مركزٍ في دور الـ16، في حين قد يتأهّل أيضاً مكتفياً بثلاث نقاط، في حال كان فارق الأهداف لصالحه على حساب المنتخبات المنافِسة.
المجموعة الأصعب؟
قرعة البطولة أوقعت لبنان المصنّف في المستوى الثالث حينها، في المجموعة الخامسة مع قطر والسعودية وكوريا الشمالية، في مجموعةٍ يرى الكثيرون أنّها الأصعب بين المجموعات الست. هذه المجموعة، هي واحدةٌ من خمس مجموعاتٍ أخرى فيها منتخبٌ سبق أن نال اللقب، وشارك أيضاً في المونديال الروسي الماضي، وكالمجموعة الثانية التي تضم ثلاثة منتخباتٍ عربية. بالنسبة إلى المنتخب اللبناني، قد لا تكون مجموعته الأسهل، لكنّها غالباً ليست الأصعب، إذ أن وجود منتخبَين عربيَّين يُسهّل المهمّة على اللاعبين، ولو نفسياً، إلى جانب حضور المنتخب الكوري الشمالي، الذي خسر بخمسة أهدافٍ دون رد أمام نظيره اللبناني خلال تصفيات البطولة الآسيوية. ولو أن المنتخبَين السعودي والقطري مرشّحَين للوصول إلى نصف النهائي، لكن ليس بنفس قوة ترشيحات منتخبات إيران، اليابان، كوريا الجنوبية وأوستراليا، بالظفر باللقب.
يُدرك مدرّب منتخب لبنان، المونتنيغري ميودراغ رادولوفيتش، صعوبة المباريات الثلاث التي سيلعبها فريقه. التأهّل عن أحد المركزين الأول أو الثاني يُعدُّ إنجازاً، مقارنةً مع حجم تحضيرات وإمكانيات وتاريخ مشاركات منتخبي قطر والسعودية في البطولة، خاصّة أن الأخير كان شارك في نهائيات كأس العالم «روسيا 2018»، فيما يستعدّ الثاني للمونديال المقبل على أرضه عام 2022. المدرّب الذي بدأ مسيرته مع المنتخب قبل ثلاث سنوات، أوضح مراراً أن الفوارق كبيرة بين المنتخب اللبناني ومنافسيه، وهو يعتمد على خطّةٍ دفاعيّةٍ سمحت له بالحفاظ على سجلٍّ خالٍ من الهزائم لـ16 مباراة متتالية.
مباراة لبنان الأولى أمام قطر تُعتبر مفتاح التأهّل إلى الدور الثاني من البطولة
مهمّة رادولوفيتش الأولى أمام قطر تُعتبر مفتاح التأهّل إلى الدور الثاني. على الرغم من أن المنتخب اللبناني لم يفُز في المواجهات الـ12 على نظيره القطري، إلّا أن اللاعبين استطاعوا مجاراة خصمهم في معظم اللقاءات، ولم يخسروا بفارق أكثر من هدفين سوى مرتين في المباريات العشر الأخيرة. الضغط على الفريق المنافس من جانب الإعلام الأجنبي بشكلٍ خاص، كون بلاده تستضيف مونديال 2022، قد يكون له تأثيره على الأداء، فيما يلعب المنتخب اللبناني من دون ضغوط. الخروج من المباراة بنقطةٍ واحدة، قد يكون كافياً لتعزيز الآمال بالتأهّل إلى الدور الثاني، في حال تجديد الفوز على المنتخب الكوري في اللقاء الثالث، في حين سيلعب المنتخب اللبناني مباراةً هي الأصعب فنياً أمام السعودية. الأخير العائد من مشاركة مخيّبة في بطولة كأس العالم الماضية، لا كعب عالياً له على المنتخب اللبناني، إذ خسر أمامه أربع مرات وفاز في مثلها، كما تعادل معه مرتين. لقاء المنتخب السعودي، من المتوقّع أن يشهد التزاماً دفاعياً كبيراً من الجانب اللبناني، وستكون كلمة الفصل فيه في وسط الملعب، حيث تكمن قوّة المنافس.
ثالث المباريات مع المنتخب الكوري الشمالي ليست سهلةً بقدر التوقّعات. صحيحٌ أن نتائج الأخير كانت معظمها سلبية، وفوزه الأكبر من حيث قوّة المنافسة جاء على حساب المنتخب الإماراتي قبل سنتين، إلّا أن العامل الحاسم في هذا اللقاء سيكون اللياقة البدنية، التي يتمتّع بها لاعبو المنتخب الكوري، ويفتقدها لاعبو المنتخب اللبناني. بعد مباراتين مع قطر والسعودية خلال خمسة أيام، يُتوقّع أن تتغيّر بعض الأسماء في تشكيلتي المنتخبين، وسيلعب البدلاء دوراً مهماً في حسم اللقاء، الذي غالباً يبحث من خلاله المتنافسان عن بطاقة التأهّل.
مفاتيح لعب رادولوفيتش
يعتمد المدرّب رادولوفيتش على رسم (5-2-3) في مبارياته الأخيرة، الذي يتحوّل إلى (3-4-3) في الحالة الهجوميّة. وجود الأخوين ألكسندر وفيليكس ملكي، ومعهم باسل جرادي، في قائمة المنتخب، أعطى «رادو» خياراتٍ جديدة على صعيد اختيار الأسماء. إلى جانب جوان العمري وقاسم الزين، اعتمد المدرب على أحد قلبَي الدفاع معتز الجنيدي ونور منصور في المباريات الوديّة، ومعهم علي حمام ووليد اسماعيل في مركزَي الظهيرين الأيمن والأيسر، إلّا أنه مع ارتفاع حظوظ مشاركة الظهير الأيمن ألكسندر، قد يلعب حمام في مركز قلب الدفاع، على حساب الزين، الذي بدوره يأخذ دور اسماعيل، إلّا في حال الاعتماد على الأخير في مركزه، واستبعاد أحد الثلاثي الزين، منصور والجنيدي. يمتلك رادولوفيتش خياراتٍ عديدةً في خط الدفاع، بعدما استدعى ثمانية لاعبين، ومعهم ثلاثة حراس، هم أحمد التكتوك، مصطفى مطر، ومهدي خليل، الذي سيكون الحارس الأساسي في البطولة.
أسماءٌ تألّقت في الدوري المحليّ تشغل مركز الوسط في المنتخب. أبرز المرشحين لشغل المركزين، هما فيليكس ملكي، الذي لعب أساسياً في المباراتين اللتين استُدعيَ إليهما، إلى جانب هيثم فاعور، صاحب الالتزام الدفاعي التام، والذي يلعب بدوره كرات طويلة يعتمد عليها المدرب في صناعة الهجمات. مُشاركة نادر مطر في التشكيلة الأساسيّة تبدو مستبعدة، إلّا في حال الاعتماد عليه كجناحٍ أيمن، خاصّة في المباراة الأولى، التي من المتوقّع ألّا يبدأها محمد حيدر. بينما يبقى عدنان حيدر، حسن شعيتو «شبريكو» وسمير أياس ضمن أوراق المدرب، الذي يبدو أنه اختار لاعب الوسط باسل جرادي كمهاجمٍ صريح بدلاً من هلال الحلوة. اللاعب المحترف الأبرز في القائمة اللبنانية، شكّل ثنائياً مميزاً مع حسن معتوق على الجهة اليسرى، وهو قادرٌ على قيادة الهجمات المرتدّة وتسجيل الأهداف. وإن كان مركز الجناح الأيسر محجوزاً لمعتوق، تبقى الخيارات عديدة في الجانب المقابل، حيث يلعب محمد حيدر، مطر وربيع عطايا، كما يملك رادولوفيتش حسن شعيتو «موني» والحلوة بطبيعة الحال.
السعودية وذكريات آسيا الـ96
بذكريات تتويجه بلقبه الآسيوي الأخير على الأراضي الإماراتية، يبحث المنتخب السعودي عن كأسٍ رابعةٍ يُعادل فيها الأرقام مع المنتخب الياباني، ومراضاة جمهوره بعد نتائج مخيّبةٍ في المونديال الروسي. ويسعى المدرب خوان أنطونيو بيتزي، إلى أن يكون الأرجنتيني الأوّل الذي يظفر باللقب، على حساب جيرانه البرازيليين، الذين يملكون حصّة الأسد. حامل لقب كوبا أميركا مع منتخب تشيلي، يملك في تشكيلته عدداً من النجوم على الساحة الآسيوية، أبرزهم فهد المولد وسالم الدوسري ويحيى الشهري وسلمان الفرج، الذي قد يغيب مباراةً واحدةً بداعي الإصابة. «الأخضر» كان تأهّل عن التصفيات المزدوجة متصدّراً مجموعته التي ضمّت الإمارات، فلسطين، ماليزيا وتيمور الشرقية، من دون خسارة، واستعد للبطولة بمواجهاتٍ مع كوريا الجنوبية، الأردن، اليمن، العراق، البرازيل وبوليفيا، فحقق الفوز في مباراةٍ واحدةٍ وتعادل في أربع وخسر مباراةً واحدة.
كوريا الحلقة الأضعف
تغيّر شكل المنتخب الكوري الشمالي كثيراً منذ مشاركته المونديالية الأخيرة عام 2010. المنتخب الذي يُشارك للمرة الخامسة في كأس آسيا، بات لقمةً سهلةً لأغلب المنافسين، وهو لم يُحقّق فوزاً مهمّاً منذ سنتين، واكتفى بانتصاراتٍ متواضعة على منتخبات جنوب شرق القارة.
المدرب كيم يونغ جون، هو أصغر المدربين في البطولة (35 عاماً)، وتضم تشكيلته بعض اللاعبين المحترفين في إيطاليا (الدرجتين الثانية والثالثة)، واليابان وسويسرا والنمسا، إلى جانب أحد أكثر اللاعبين خبرة بين الحاضرين في البطولة، وهو الحارس ري ميونغ غوك، الذي في رصيده 120 مباراة دولية. وصل المنتخب الكوري إلى نصف نهائي المسابقة مرة واحدة في مشاركته الأولى، ولم يتمكّن بعدها من عبور دور المجموعات.
مشاركة عاشرة لـ«العنابي»
للمرة العاشرة يُشارك المنتخب القطري في بطولة كأس آسيا، وهو يسعى إلى الظهور بشكلٍ جيّد أمام الإعلام الأجنبي بشكلٍ عام، بسبب استضافة منتخب بلاده للمونديال عام 2022. العنابي الذي لم يصل سابقاً إلى المربّع الذهبي، يُعدّ من بين المرشحين هذه المرّة للذهاب بعيداً في البطولة، وهو يعتمد على مجموعةٍ من اللاعبين الذين ينشط جميعهم في الدوري المحلّي، أبرزهم أكرم عفيف والمعز علي وحسن الهيدوس وبوعلام خوخي، بقيادة المدرب الإسباني فيليكس سانشيز، الذي أشرف على عددٍ لا بأس به من لاعبي المجموعة الحالية في أكاديمية «أسباير» وتابعهم في منتخبي الشباب والأولمبي قبل أن يُعيّن مديراً فنياً للمنتخب الأوّل.