باكورة السنة الجديدة: إضراب غداً.. وإتصالات التأليف لم تبلغ الحلول

باكورة السنة الجديدة: إضراب غداً.. وإتصالات التأليف لم تبلغ الحلول
باكورة السنة الجديدة: إضراب غداً.. وإتصالات التأليف لم تبلغ الحلول

صحيفة الجمهورية

 

 

بدأت السنة الجديدة، بمثل ما انتهت إليه سابقتها؛ بعلامة استفهام كبيرة حول مصير الحكومة وكيفية العثور عليها وانتشالها من حقل التعقيدات الضائعة فيها منذ ايار الماضي. في وقت دخل البلد في زمن الصرف على القاعدة الاثني عشرية في غياب موازنة مالية عامّة للسنة الحالية، ويتحضر لاستقبال موجة من الاحتجاجات وأقربها الاضراب العام الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية يوم غد الجمعة، وكذلك سلسلة التظاهرات التي دعت اليها بعض الاحزاب بدءاً من يوم الاحد في الثالث عشر من الشهر الجاري.
اذا كانت الرسالة تُقرأ من عنوانها، فإنّ العام 2019 استهلّ مسيرته بعنوان الاضراب العام الذي سينفذ غداً، للمطالبة بتشكيل الحكومة. ومن خلال هذا الاضراب، يَتّسع الشرخ بين العمّال المؤيدين للاضراب وبين الهيئات الاقتصادية المعارضة بذريعة التوقيت الخاطئ.

وسواء نجح الاضراب ام فشل، والترجيحات تشير الى انّ الالتزام به سيكون جزئياً، فإنّ العبرة تبقى في النقمة الشعبية على الوضع، والتي وصلت الى حدود القرف سواء جاءت المشاركة الشعبية كثيفة، ام باهتة بسبب الضغط الذي قد يتعرض له العامل لعدم وقف العمل.

وفيما دعا الاتحاد العمالي الى الاضراب، رفضت الهيئات الاقتصادية المشاركة ودعت الى يوم عمل عادي. وقال رئيس الهيئات محمد شقير لـ«الجمهورية» انّ توقيت الاضراب خاطئ، «فنحن لا نزال في فترة الاعياد ويوم الاحد عيد الميلاد لدى الطوائف الارمنية، عدا عن ذلك، فإنّ السيّاح لا يزالون في لبنان وبعضهم مدّد إقامته للاستفادة من موسم التزلج، ونحن نعرف وجع المؤسسات الخاصة، وهي انتظرت هذه الفترة من العام لتتنفّس قليلاً. لذا، لن نقبل أن نضربها في عز الموسم».

لكنّ اللافت انّ «تجمّع رجال الاعمال اللبنانيين» قرر الخروج على إجماع الهيئات، ودعا الى المشاركة في الاضراب. وفي حين اعتبر البعض انّ هذا القرار ناجم عن انّ رئيس التجمع فؤاد رحمه مؤيّد لـ«حزب 7»، قال رحمه لـ«الجمهورية» انّ قرار التجمع نابع من أنّ مطلب الداعين الى الاضراب هو مطلبنا ايضاً، فنحن نريد ايضاً الاسراع في تشكيل الحكومة».

الحكومة الضائعة
حكومياً، ما زال البحث عن الحكومة مستمراً، وسط مؤشرات ما تزال تدور في الحلقة ذاتها التي أكلت ما يزيد عن 7 أشهر من عمر البلد، ولا توحي بتمكّن طبّاخي الحكومة من الاقتراب نو مربّع الحسم الايجابي، ما خلا تمنيات إنشائية بقرب هذا الحسم على باب القمة العربية الاقتصادية المزمع عقدها في لبنان بداية النصف الثاني من الشهر الجاري.

وعلى الرغم من الحراك الذي استهلّت به السنة الجديدة، سواء بالتواصل المباشر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وحديث الأخير عن انّ طريق الحكومة سالك باستثناء عقدة وحيدة تعترضه وتتطلب معالجة، وكذلك اللقاء بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، إضافة الى التواصل ما بين عين التينة وبيت الوسط، بالتوازي مع تفعيل دور المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم وحراكه على مختلف الخطوط الحكومية، فإنّ الصورة تشهد تناقضاً واضحاً بين أجواء ايجابية تُشاع بالتوازي مع هذه الاتصالات، وبين مراوحة على ارض النتائج، حيث لم ينتج عن هذا الحراك ما يمكن اعتباره اختراقات نوعية من شأنها ان تكسر حلقة التعقيد وتقرّب الحكومة من غرفة الولادة.

باسيل: تكثيف
وكشفت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات السياسية أنّ باسيل سيكثّف بين اليوم والغد مشاوراته، ويعقد اجتماعات وُصفت بالهامّة، بعيداً عن الأضواء، مع اكثر من طرف سياسي لإخراج ملف تشكيل الحكومة ‏إلى دائرة الحل.

وأشارت المصادر الى أنّ باسيل طرح على الحريري أفكاراً من شأنها إعادة الوضع الى مساره الإيجابي بعد تعثّر الاتفاق على جواد عدرا، وانّ أفكاراً جديدة سيتم بحثها، وأخرى قديمة تمّت استعادتها. لافتة الى انّ مساعي باسيل لن تتوقف حتى يتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن.

عقدتان
وبحسب معلومات «الجمهورية» انّ الحكومة متوقفة امام عقدتين أساسيتين، الأولى موضوع الحقائب الوزارية حيث لم تسحب من التداول بعد فكرة مبادلة بعض الحقائب الوزارية، التي طرحها الرئيس المكلف بالتنسيق مع رئيس «التيار الوطني الحر». وحتى الآن ما زالت هذه الفكرة تلقى اعتراضاً عليها من قوى سياسية أساسية، وعدم تفهّم للاسباب الدافعة اليها، اي مراعاة التوازن بين الطوائف، خصوصاً انّ هذا الامر سبق وتمّ حسمه قبل اشهر، علماً انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري عبّر عن ليونة محدودة حيال هذا الامر، تَجلّت في استعداده للتخلي عن وزارة البيئة ولكن شرط ان يُعطى بدلاً منها حقيبة موازية لها، ما عدا وزارة الاعلام التي لم يطالب بها أصلاً ولن يطالب بها ولن يقبل بها. وما خلا ذلك فإنّ حل هذه العقدة ليست لدى الاطراف السياسية التي سبق وحسمت حقائبها وانتهى الامر، بل لدى من عاد الى إحياء هذه المسألة من جديد تبعاً لظروفه ومصلحته.

وامّا العقدة الثانية، فهي الاساس والمتعلقة بتمثيل «سنة 8 آذار» في الحكومة، والواضح حيال هذه العقدة أنها مشدودة بالتباسات عديدة جعلتها مستعصية على الحل، وحركة الاتصالات التي تجري اضافة الى المبادرات التي تطلق حولها لم تصل الى نتيجة، خصوصاً انّ الاطراف المعنية بهذه العقدة صارت أسيرة لمواقفها ومصرّة على أن تميل بالدفة في اتجاه مصلحتها.

واللافت للانتباه في هذه العقدة، انه بعد سقوط المحاولة الاولى وتطيير اسم جواد عدرا، لم يعد البحث مركّزاً على اسم الشخصية التي سيتم اختيارها للتوزير، سواء من الاسماء الاربعة التي سمّاها اللقاء التشاوري: علي حمد، حسن مراد، عثمان مجذوب وطه ناجي، او اسم خامس يمكن الوصول إليه في اي لحظة، بل أنّ هذا البحث مركّز على المكان الذي ستجلس فيه هذه الشخصية، إن على مقعد ضمن الحصة الوزارية الرئاسية، او على مقعد للقاء التشاوري ممثّل له وملتزم بتوجّهاته وقراره. وبالتالي، ما زالت المشكلة هنا وجو المشاورات حولها سلبي.

أفكار… ساقطة
وبحسب المعلومات، فإنّ بداية السنة الجديدة، التي توازت مع حراك المدير العام للامن العام، قد حملت معها سقوطاً، او إسقاطاً من قبل الرئيس المكلف لفكرة توسيع الحكومة الى 32 وزيراً، بإصراره على الحكومة الثلاثينية التي حسم أمر اعتمادها نهائياً، مع انه لا يمانع بتصغيرها الى 24 وزيراً، وبرفضه حكومة الـ32، حتى ولو كان الوزيران العلوي والأقلوي من حصته، مع الاشارة الى ان بعض مؤيّدي توسيع الحكومة حاولوا الترويج لفكرة أن يزاد وزير انجيلي على حصة الرئيس المكلف، مقابل أن تجري مبادلة الرئيس نجيب ميقاتي بوزير علوي بدل الوزير السني المتّفق عليه بينه وبين الحريري، على ان يمنح الوزير السني للقاء التشاوري، وهو أمر مرفوض من قبل الحريري وميقاتي. فلا الحريري يقبل بتكريس توزير علوي في الحكومة، ولا ميقاتي يقبل أن يغطي تمثيله السني بعلوي.

هل تنازل الرئيس؟
وقالت مصادر مواكبة للحراك الاخير لـ«الجمهورية» انه خلافاً لِما قيل عن انّ رئيس الجمهورية تنازل عن الوزير السني من الحصة الرئاسية لمصلحة تمثيل اللقاء التشاوري، فإنّ الاجواء المحيطة بموقف رئيس الجمهورية لا توحي بذلك، بل بإصرار الرئيس على ان يحتسب الوزير السني من الحصة الرئاسية، ولو انّ التنازل المحكي عنه، تمّ بالصورة التي فُسِّر بها على انّ الرئيس تخلّى عن المقعد الوزاري السني من حصته، لكانت انتهت المشكلة، ولما كان برز التصدي العنيف لهذه الفكرة من قبل الوزير باسيل.

وبحسب المصادر فإنّ الامور متوقفة عند هذه النقطة، ووصفت بعض افكار الحلول التي تمّ تداولها في بعض الأوساط السياسية بـ«الخفيفة واللاجدية»، خصوصاً الفكرة التي ترددت عن حل لتمثيل اللقاء التشاوري، يقوم على إمكان فصل الحصة الرئاسية عن حصة التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي، بحيث لا تُحتَسَب الشخصية التي تدخل الى الحكومة باسم اللقاء من حصة لبنان القوي، بل تحتسب من حصة رئيس الجمهورية، ولا تشارك في اجتماعات وزراء التكتل والتيار. وأدرجت المصادر هذه الفكرة في خانة التحايل، والمصادرة المباشرة لتمثيل اللقاء التشاوري، والواضح فيها الاصرار على 11 وزيراً، ما يعني أن تشكّل الحصة الرئاسية مع حصة التكتل والتيار الثلث المعطّل في الحكومة.

الوزير… مع من؟
وبحسب معلومات «الجمهورية» انّ فكرة تم تداولها في الآونة الاخيرة كمخرج لتمثيل «اللقاء التشاوري»، وتقوم هذه الفكرة على إيجاد شخصية للتوزير في الحكومة من بين لائحة الاسماء الاربعة التي أعدّها، او شخصية خامسة، ثم يُصَار بعد ذلك تدوير الزوايا حول موقع هذا الوزير في الحكومة ووجهة تصويته.

واللافت للانتباه انّ هذه الفكرة تُقارب من قبل «التيار الوطني الحر» من زاوية ضرورة ان يتم الاتفاق على شخصية يعتبرها «التشاوري» ممثلة له، وفي الوقت نفسه تمثّل رئيس الجمهورية، فيما توحي أجواء «بيت الوسط» بأمل بالوصول الى حلول سريعة لهذه العقدة. وبحسب مصادر موثوقة فإنّ الرئيس المكلف، الرافض بالقطع تمثيل اللقاء التشاوري من حساب تيار «المستقبل»، لا يمانع في أي صيغة حل لتمثيل اللقاء، إن ضمن الحصة الرئاسية، او إذا كان ممثلاً حصراً للقاء التشاوري.

التشاوري: نرفض
وبحسب المعلومات فإنّ جوّاً من الترقّب الحذر يسود اللقاء التشاوري، وقالت مصادره لـ«الجمهورية» ان لا جديد بالنسبة اليه، وهو يتابع الاتصالات التي تجري، ولكن لا كلام مباشراً معنا.

وعمّا اذا كان ثمة عرض قد تلقّاه حول مسألة تمثيله، قالت المصادر: لقد سبق وحددنا موقفنا، ونحن على تشاور مستمر في ما بيننا، واذا ما كان هناك عرض معيّن، سندرسه حتماً ونقرر في شأنه.

وعمّا اذا كان اللقاء يقبل بأن يتمثّل بالواسطة، اي ان يسمّي شخصية للتوزير وتحتسب من حصة رئيس الجمهورية، قالت المصادر: قرارنا هو أن نسمّي من يمثلنا حصراً بالحكومة ويعبّر عن توجهات اللقاء. وبالتالي، نحن نرفض اي افكار تعطي اللقاء التشاوري في يد وتأخذ منه في اليد الاخرى، ثم كيف يمكن لوزير يختاره اللقاء ان يكون من قلب اللقاء وممثلاً له في الحكومة، أن يُضم الى طرف آخر، ويصوّت معه ويلتزم بتوجهات وقرارات هذا الطرف الآخر؟ إن قبلنا بهذا الامر، معناه اننا نلغي أنفسنا، وهذا ما نرفضه.

الحل… بيد من؟
وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: عند طرح المبادرة الرئاسية ترافقت مع اعلان انّ الرئيس تنازل عن الوزير السني من حصته، واعتبر هذا الامر فاتحة للنفاذ نحو الفرج الحكومي، وعلى هذا الاساس طلب من المدير العام للامن العام الشروع في اتصالات لترجمة هذه المبادرة.

واشار المرجع الى انّ هذه المبادرة تفرملت فجأة وظهرت التباسات اعادت الامور الى الوراء، بحيث تبيّن انّ تنازل الرئيس كان محصوراً عن الشخصية التي كان قد سمّاها أصلاً للدخول الى الحكومة، قبل بروز مسألة تمثيل اللقاء التشاوري. ولكن شرط ان تكون الشخصية التي يسمّيها اللقاء من ضمن الحصة الرئاسية. ما يعني انّ المبادرة الرئاسية تنازلت عن شخصية واستبدلتها بشخصية ثانية باسم اللقاء التشاوري. ولم يُعطَ اللقاء في هذه الحالة حق تسمية هذه الشخصية الثانية (ومعلوم هنا انّ اللقاء التشاوري كان معترضاً على تسمية جواد عدرا)، بل أُعطي حق ان تنسب هذه الشخصية إليه.

وقال المرجع: العقدة توقفت هنا، ومن هنا فإنّ مبادرة الحل تبقى في يد رئيس الجمهورية، وسبق لرئيس مجلس النواب ان أكد للوزير باسيل انّ الحل الأمثل للعقدة الحكومية يكمن في تخلّي رئيس الجمهورية عن الوزير السني من حصته ومنحه للقاء التشاوري ممثلاً له وعاملاً وفق توجيهاته.

ورداً على سؤال عما اذا كانت الحكومة قريبة؟ قال المرجع: لا شك انّ القمة الاقتصادية ضاغطة للتعجيل بالتأليف، ولكن وسط الجو المعقد حالياً، لا يستطيع أحد ان يتحكّم بتوقيت ولادة الحكومة، ففي زمن التعقيدات الماضية حددت الكثير من المواقيت، وخابت كلها، لذلك ليس هناك ما يبشّر بولادتها سواء قبل القمة، او حتى بعدها بوقت قصير.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى